للإجابة عن هذا السؤال يجب التفريق بين تأثير الصوم في فسيولوجية الجسم وبين تأثير تغير نمط الحياة خلال شهر رمضان وتأثير ذلك كله في النوم، فقد كان الناس في رمضان وقبلَ اختراع الكهرباء يخلدون للنوم بعدَ صلاة التراويح، فإذا قرب الفجر، قاموا للسحور وصلاة الفجر، ولكن في الزمن الحاضر حدثت تغيرات في نسق حياة المجتمع حيث تنشط المحلات التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل وكذلك تكثر اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل مما يؤدي إلى السهر خلال الليل وينتج عن السهر نقص حاد في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض مما قد يسبب الخمول والنعاس وتعكر المزاج خلال النهار.
من ناحية أخرى فإن التغير السريع في نمط تناول الطعام من النهار إلى الليل (الصوم خلال النهار والإفطار في الليل) يصاحبه بعض التغيرات العضوية (الفسيولوجية) في الجسم.
وقد أجرى العلماء عددا من الأبحاث التي درست تأثير الصيام على النوم والتركيز وبناء على الدلائل المتوافرة من الأبحاث يبدو أن الصوم في حد ذاته لا يؤثر في جودة النوم ولا يسبب زيادة النعاس خلال النهار. وأن التغيرات التي تحدث في النوم خلال شهر رمضان قد يكون مردها إلى تغير نمط الحياة خلال شهر الصوم.
من ذلك تتركز النصائح للصائمين خلال الشهر الكريم على الانتظام في نمط الحياة اليومي وعدم التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، فنوم النهار لا يغني عن نوم الليل. لذلك ينصح دائما بالحصول على ساعات نوم كافية خلال الليل والحصول بعد ذلك على غفوة قصيرة خلال النهار إن أمكن والامتناع عن النوم بعد الإفطار مباشرة.
كما يمكن للإنسان التوفيق بين النوم والعبادات في رمضان من دون أي تقصير، وذلك بتنظيم الأوقات والحفاظ على راحة الجسم والالتزام بأسباب النوم السليم، حتى يمكنه أداء العبادات بنشاط.
كما أن الإفراط في الأكل خلال الليل وبالذات قبل النوم يؤدي إلى اضطراب النوم وزيادة ارتداد الحمض إلى المريء مما يؤثر في جودة النوم. ومن الافضل تقسيم الوجبات الغذائية على مائدة الإفطار، وهنا يأتي العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي وقت أذان المغرب نأكل (3) تمرات ونشرب اللبن أو الماء، ثم نقوم للصلاة ونعود لنأكل وجبة بسيطة مكونة من سلطة وشوربة، ونذهب لصلاة العشاء والتراويح، بعدها نتناول وجبة تحتوي على البروتينات والنشويات دون إسراف.
ونذكر بضرورة الامتناع عن تناول المشروبات التي تحتوي على »كافيين« مثل الشاي والقهوة وغيرها على مائدة السحور، حتى لا تتسبب في نوم مضطرب.
أما من أصيب باختلال في مواعيد النوم والاستيقاظ أثناء أو بعد انقضاء شهر رمضان، فيجب ألا يترك العنان لهذه المشكلة حتى لا يصعب حلها، بل ينصح بمحاولة ضبط مواعيد نومه بالتدريج خلال إجازة عيد الفطر عن طريق تجنب إثارة الذهن قبل النوم بساعتين على الأقل وتقديم موعد نومه بمقدار نصف ساعة يومياً، والتعرض لضوء الشمس عند الاستيقاظ لتثبيط إفراز هرمون الميلاتونين وحث الجسم على النشاط، ومحاولة تجنب القيلولة أو تناول المنبهات للتخفيف من الأرق بالليل، كما يمكنه كذلك زيارة طبيب اضطرابات النوم لعرض المشكلة وعلاجها عند عدم القدرة على العودة إلى النسق السليم للنوم الصحي.
استشاري ورئيس قسم أمراض النوم بمستشفى راشد