أكد الدكتور حسان الحريري استشاري الأمراض الصدرية وأمراض النوم في مستشفى راشد التابع لهيئة الصحة بدبي وجود علاقة وثيقة بين اضطرابات التنفس أثناء النوم وأمراض القلب والشرايين والسكري.

مشيراً إلى أن عدم دخول الهواء إلى الرئتين بشكل كافٍ يتسبب في نقص تشبع الدم بالأوكسجين وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع في ضغط الدم، كما أن نقص الأوكسجين أثناء النوم يزيد مقاومة الأنسولين المتحكم بالسكر مما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري عند هؤلاء الأشخاص أو يفاقم المرض لدى من يعانون منه.

وأوضح أن الدراسات الحديثة تؤكد أن 30% من المصابين بارتفاع ضغط الدم يكون سبب مرضهم توقف التنفس أثناء النوم.

وبين الدكتور الحريري في حوار مع «البيان الصحي» أن الشخير مرض شائع يصيب نحو 30% من البالغين، وليس مقتصراً على البدناء، وحذر من أن عدم تناغم حياتنا اليومية مع عقارب الساعة البيولوجية قد ينجم عنه اضطرابات النوم وحدوث الاكتئاب.

فما الذي يمكن أن يفعله بنا اضطراب التنفس أثناء النوم؟

ولماذا تعاملت هيئة الصحة بدبي مع هذا النوع من الاضطراب بشكل حاسم، وسعت إلى اتخاذ ما يلزم تجاه مثل هذه الحالات، في وقت عملت على توفير أفضل التجهيزات للاكتشاف المبكر لحالات اضطرابات التنفس؟.. حقائق غائبة عن بال الكثيرين.. ومعها قواعد صحية مهمة أخرى مرتبطة بمشكلات أخرى، من بينها اختلال الساعة البيولوجية، إلى جانب الظاهرة الشائعة.

وخاصة في أوساط الرجال، وهي «الشخير»، وغير ذلك من مشكلات النوم التي يرتكز حولها حوارنا اليوم مع الدكتور حسان الحريري استشاري الأمراض الصدرية وأمراض النوم في مستشفى راشد التابع لهيئة الصحة بدبي.

عيادة أمراض النوم

قبل البدء في الإجابة عن التساؤلات المتشابكة حول مخاطر مشكلات النوم بوجه عام، وارتباطها بالعديد من الأمراض، يحدثنا الدكتور الحريري في نبذة عن ما يسمى في مستشفى راشد بـ«عيادة أمراض النوم»، فكرتها وأهدافها .

فيقول: يحتاج المريض الذي يعاني من اضطرابات التنفس أثناء النوم، إلى فحص دقيق وإجراء دراسة النوم لتشخيص المرض وتحديد مدى حدته وخطورته ولوضع الخطة العلاجية المناسبة، وهذا ما توفره عيادة النوم من خلال تجهيزاتها وتقنياتها المتطورة، حيث يتم تخطيط النوم خلال ساعات النوم العادية، وذلك من خلال توصيل أجهزة متعددة الأقطاب بمواقع مختلفة من الجسم مثل الرأس والوجه والصدر والبطن.

ولا تسبب هذه الوصلات أي ألم أو صعوبة في النوم ثم تتم ملاحظة المؤشرات الفيسيولوجية للمريض خلال النوم وذلك بمراقبة التنفس والأوكسجين في الدم ووضع الجسم والشخير ونبضات القلب. بعدها يتم تحليل وتقييم نتائج دراسة النوم وتحديد خيارات العلاج.

وحالياً يمكن إجراء اختبار النوم في البيت، حيث يتم منح المريض الجهاز الخاص بالاختبار، ويقوم بتوصيله بنفسه قبل النوم وتسجيل هذه المؤشرات ومن ثم يتم تحليلها من الطبيب المختص بعد إعادة الجهاز في اليوم التالي، إلى المستشفى.

اضطرابات

ماذا عن المخاطر التي قد تعصف بصحة وحياة من يعانون اضطرابات التنفس أثناء النوم؟

أكدت الدراسات الحديثة وجود علاقة وثيقة بين اضطرابات التنفس أثناء النوم وأمراض القلب والشرايين والسكري، وهذا النوع من الاضطرابات، هو عبارة عن سلسلة من المشكلات في التنفس تحدث للمريض أثناء النوم، وهذه المشكلات قد تمتد من اضطرابات نوم خفيفة بسبب الاحتقان في مجرى الهواء العلوي إلى اضطرابات شديدة تؤدي إلى توقف التنفس بشكل كامل أثناء النوم مما يؤدي إلى نقص الأوكسجين.

ويصاحب توقف التنفس عدم دخول الهواء إلى الرئتين بشكل كافٍ وبالتالي ينقص تشبع الدم بالأوكسجين وهذا يزيد من معدل ضربات القلب ويسبب تسرعاً في القلب وارتفاعاً في ضغط الدم، ونتيجة هذه التغيرات البيولوجية يزداد احتمال المريض من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وهذا بدوره ونتيجة نقص الأوكسجين أثناء النوم يزيد من ارتفاع السكر عند الأشخاص وزيادة مقاومة الأنسولين للتحكم بالسكر مما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري عند هؤلاء الأشخاص أو تفاقم المرض لدى من يعانون منه، في الوقت نفسه توقعت دراسات حديثة أن 30% من المصابين بارتفاع ضغط الدم غير المعروف السبب، يعود سببه إلى توقف التنفس أثناء النوم.

قد تكون مشكلة اضطرابات التنفس غير معروفة بقدر «الشخير»، الذي يعد من المشكلات الشائعة والمحرجة للمصابين بهذا الداء.. فما هي أسباب هذه المعاناة؟

الشخير مرض شائع يصيب نحو 30% من البالغين. ويحدث عند نوم الإنسان على ظهره خاصة، حيث يرتخي الفك السفلي واللسان للخلف قليلاً فيحدث انغلاق لمجرى التنفس من خلال الأنف والبلعوم، فيبدأ الإنسان بالتنفس من فمه، وعندما يدخل الهواء من الفم فإنه يصطدم بسقف الحلق الرخو محاولاً رفعه لكي ينفذ الهواء فينتج عن ذلك ذبذبات تُسمع في صوت شخير.

وهذه الحالة تزداد سوءاً في الأشخاص البدناء ممن يضطرون بسبب أوزانهم للنوم على ظهورهم، كما أن زيادة حجم الأنسجة في سقف الحلق الرخو يُزيد من الذبذبات مما يجعل الأمر أكثر سوءاً.

ارتباط

مرض الشخير شائع.. كما ذكرتم، فهل هو مرتبط فقط بالبدناء؟

بالطبع لا.. وعلينا أن نتعرف هنا إلى المسببات الأخرى للشخير، فهناك بعض الأمراض تقف وراء هذا المرض، منها: نزلات البرد، والتهاب الجيوب الأنفية، واللحمية، وتضخم اللوزتين، حيث تؤدي هذه الأمراض إلى انغلاق مجرى الهواء من خلال الأنف، ويتنفس الإنسان من فمه فيصطدم الهواء بسقف الحلق الرخو وتصدر الذبذبات ويُسمع الشخير.

ولذا ينصح للأشخاص الذين يعانون من الشخير بالنوم على الجنب، حيث تم ابتكار كرة من المطاط يتم ربطها في ظهر المريض حتى لا يستطيع النوم على ظهره، أو وسادة خاصة تجبر المريض أن ينام على جانبه وأيضاً تم ابتكار جهاز يتم توصيله بالشخص النائم، وكلما أصدر شخيراً أعطاه هذا الجهاز صدمة كهربية خفيفة فينتبه ويُسمى هذا بالتغذية الراجعة.

هل ثمة علاقة بين الشخير وما يعرف بمرض انقطاع التنفس، وما هي مخاطر الأخير؟

تجدر الإشارة هنا إلى أن الشخير يمكن أن يكون مرضاً منفرداً لا يؤثر في استقرار النوم وبالتالي لا يكون مصاحباً لأعراض اضطرابات النوم ولكن قد يكون أحد أعراض مرض خطير، وهو «انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم».

حيث تسترخي عضلات الجسم بصفة عامة وتسترخي عضلات مجرى الهواء العلوي بصفة خاصة أثناء النوم فيحدث انسداد مجرى الهواء جزئياً أو عند البعض الآخر يكون انسداداً كاملاً وهو ما يسبب النقص في الأوكسجين فيرسل الدماغ إشارة إلى عضلات مجرى الهواء العلوي لفتح المجرى وتستكمل عملية التنفس وهذا يؤدي في كل مرة إلى الاستيقاظ من النوم للحظات (2 إلى 3 ثوانٍ).

وإلى تقطع في النوم وهذا الاستيقاظ المتكرر يمنع المريض من الحصول على القدر الكافي من النوم العميق ويؤثر في جودة النوم، مما يؤدي إلى زيادة النعاس وكثرة الخمول والتعب أثناء النهار.

وإذا أهملت هذه المشكلة فإنها تؤدي إلى مضاعفات عدة تتراوح ما بين الأعراض البسيطة التي تزعج المصاب إلى المشكلات الكبيرة التي قد تهدد حياته بالخطر، وانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم قد يصيب أشخاصاً من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين وغالباً من الذكور المتوسطي العمر الذين يعانون من الوزن الزائد (السمنة) أو حتى أصحاب الأوزان الطبيعية.

ساعة بيولوجية

يمتد حديثنا عن النوم ومشكلاته وأمراضه إلى الساعة البيولوجية التي نذكرها كثيراً خلال سفرنا من باب الدعابة، فهل ثمة مشكلات لاختلال هذه الساعة؟

جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان دورة يومية منتظمة مع تعاقب الليل والنهار، فخص النهار للسعي والعمل وخص الليل للراحة والسكون. إن داخل دماغ الإنسان ساعة تسمى الساعة البيولوجية، تعمل على ضبط إيقاع اليوم ما بين اليقظة والراحة وتسمح له بالانسجام التام مع بيئته، وذلك من خلال تحكمها بالنشاط الهرموني وهي التي تمكنا من الاستيقاظ صباحاً وتوجهنا للنوم في كل ليلة.

مثلاً: ينشط أثناء النهار: الجهاز العصبي - القلب والدورة الدموية والتنفس ويزداد إفراز الهرمونات التي توفر الطاقة مثل الكورتيزون (قمة صباحية) وأثناء الليل يزداد نشاط الإفرازات التي تؤدي إلى راحة واسترخاء أجهزة الجسم مثل الميلاتونين.

والساعة البيولوجية مدعمة ذاتياً وتعمل بصورة فطرية وأن المتغيرات أو المؤثرات الخارجية (الضوء والظلام - اليقظة والنوم - الضوضاء والسكون) تعمل في إطار إعادة ضبط الساعة وإعادة تكيف الساعة البيولوجية مع الدورة البيئية السائدة.

بالمختصر توجد على مدار اليوم لحظات مناسبة للنشاط الجسدي والفكري، وأخرى للغذاء والراحة ولحظات من أجل النوم. واضطرابات النوم وحدوث الاكتئاب وبعض الأمراض قد تحصل نتيجة عدم تناغم حياتنا اليومية مع عقارب الساعة البيولوجية.

واختلاف التوقيت بسبب السفر بالطائرة عبر نطاقات زمنية عدة، كالسفر من دبي إلى الولايات المتحدة الأميركية يتسبب في أعراض مختلفة تبدأ بالظهور خلال اليوم الأول وتعزى الأعراض المصاحبة لاختلاف التوقيت إلى التغير الحاد الذي يطرأ على الساعة الحيوية في الجسم.

نصائح

كشف الدكتور حسان الحريري أنه حتى نتجنب أي خلل قد يصيب الساعة البيولوجية خلال السفر، علينا اتباع مجموعة من الإرشادات، منها: تغيير وقت النوم والاستيقاظ ليتناسب مع وقت النوم والاستيقاظ في وجهة السفر، وتعديل عقارب الساعة الخاص بالوجهة نفسها والتقليل من النوم بالطائرة حتى تستطيع النوم عند الوصول.