شدد البابا يوحنا بولس الثاني في سوريا أمس على دعوته من أجل السلام في الشرق الأوسط واحترام مبدأ عدم احتلال الأراضي بالقوة وذلك خلال قداس كبير أحياه في ملعب العباسيين عند المدخل الشمالي لدمشق قبل ساعات من زيارته التاريخية للجامع الأموي. وامام عشرات الالاف من الاشخاص الذين احتشدوا على مدرجات وفي ارض ملعب العباسيين في دمشق في ثاني يوم من زيارة البابا لسوريا، قال رأس الكنيسة الكاثوليكية ان «المسلمين والمسيحيين واليهود مدعوون للعمل معا بثقة وجرأة والسعي لتعجيل موعد يوم يرى فيه كل شعب ان حقوقه المشروعة محترمة فيستطيع العيش بسلام وتفاهم». وجاءت هذه الدعوة في الوقت الذي قامت فيه اسرائيل باقتحام منطقة بيت جالا بالضفة الغربية حيث قتل ناشط فلسطيني وجرح 21 اخرون. وبالرغم من ان البابا حرص ايضا على التأكيد على انه جاء الى سوريا «كحاج» على خطى القديس بولس في اطار مواصلة رحلة الحج اليوبيلي، الا ان زيارته اكتسبت طابعا سياسيا مع دعوته لاحترام قرارات الشرعية الدولية من جهة ومع الانتقادات العنيفة التي وجهها امس الأول الرئيس السوري بشار الاسد للممارسات الاسرائيلية. من جهة اخرى انتقد افي بازنر المستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء ارييل شارون أمس تصريحات الاسد ووصفها بأنها «مشينة» وتعكس موقفا معاديا للسامية. ولقي البابا لدى دخوله الى ملعب العباسيين عند المدخل الشمالي للعاصمة السورية، استقبالا حارا حيث هتفت الجماهير بحياته باللغتين الايطالية والانجليزية كما لوحت باعلام سوريا والفاتيكان في الوقت الذي عزفت فيه الفرقة الموسيقية ترتيلة هليلويا (سبحوا الرب). وقدم اليه فتيان وفتيات هدايا رمزية من بينها نباتات ولوحات. وجلس البابا الذي ارتدى حلة القداس ذهبية اللون على مقعد عند منصة ضخمة اقيمت خصيصا لهذه المناسبة بينما اصطف وراءه بطاركة الكنائس الكاثوليكية الشرقية وعلى يمينه البطاركة الارثوذكس. فقط البطريرك الماروني اللبناني نصر الله صفير لم يحضر القداس حيث ان علاقته مع السلطات السورية يسودها البرود نظرا لمعارضته الوجود السوري في لبنان. وفي العظة التي القاها بالفرنسية، جدد البابا دعوته للتعايش بين اتباع الديانات السماوية الثلاثة وكذلك الى وحدة الكنائس الشرقية. وتم احياء القداس وفق كافة الشعائر للروم الكاثوليك والاشورية والكلدانية واللاتينية. وخاطب البابا الرعايا المسيحيين قائلا عليكم مع جميع مواطنيكم من دون تمييز وبغض النظر عن انتمائهم ان تواصلوا بلا هوادة جهودكم من اجل بناء مجتمع اخوي حقيقي متضامن يلقى فيه كل واحد احتراما لكرامته الانسانية وحقوقه الاساسية على هذه الارض المقدسة. وبدا على البابا الذي يكمل عامه الحادي والثمانين في 18 مايو الجاري التعب الا انه بدا متنبها من خلال نظراته اليقظة. وفي ختام زيارته الثلاثاء لسوريا سيتوجه البابا الى مالطا لينهي رحلته التي بدأت الجمعة باليونان. ووصل البابا لمكان القداس على متن سيارته المكشوفة «بابا موبيل»، الى الاستاد الذي طاف ارجاءه ملوحا بيده للحضور الذين رفعوا اعلام الفاتيكان وسوريا ولافتات الترحيب كما هتفوا بحياة رأس الكنيسة الكاثوليكية وصفقوا كثيرا له في الوقت الذي عزفت فيه فرقة موسيقية مقطوعات غنائية دينية عربية. وكان الرئيس السوري قد استقبل البابا مساء أمس في قصر الشعب حيث أكد ان سوريا كانت دائما بلد التسامح والتعايش والتآخي بين الأديان والطوائف. وصرح المتحدث باسم الفاتيكان جواكيم نافارو ـ فالز على هامش القداس ان البابا حرص خلال زيارته دمشق على التذكير بالأخلاقيات والمبادئ الدولية حول عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة واحترام قرارات الشرعية الدولية. وقال نافارو ـ فالز للصحافيين ان البابا قرر لفت انتباه المجتمع الدولي حول بعض المبادئ الاخلاقية التي تتعلق بعدم جواز احتلال الاراضي بالقوة وحول احترام قرارات الامم المتحدة. واضاف اذا لم يذكر البابا بهذه المبادئ، فمن الذي سيقوم بذلك؟. من جهتها وجهت اللجنة الأردنية الشعبية للدفاع عن القدس نداء الى البابا طالبته فيه باصدار اعتذار تاريخي عن خطيئة شن الحروب الصليبية على الأراضي الاسلامية. الوكالات