خيار تسليح المعارضة السورية يقفز إلى الواجهة الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أخذ موضوع تسليح المعارضة السورية شحنة كبيرة من الزخم في العاصمة الأميركية واشنطن بعد التطورات الميدانية الأخيرة في حي بابا عمرو بمدينة حمص. إذ جرى توظيف الوضع لتصعيد الضغوط والتمهيد لخطوات جديدة، دبلوماسية ودولية وقانونية وعسكرية تسليحية. الدوائر الأميركية التي طالما تعاملت مع هذا الخيار الأخير بفتور، عادت لتبدي تأييدها بل حماسها له. تعلّل ذلك بالدواعي الإنسانية. لكن الدوافع الحقيقية سياسية إقليمية، من غير أن تخلو من الحسابات الانتخابية الأميركية. الدعوات توالت في الأيام الأخيرة، من كل صوب باتجاه ضرورة توفير شتى وسائل الدعم لمناوئي النظام السوري.

صدرت عن بقايا رموز المحافظين الجدد كما عن بعض أركان الكونغرس فضلا عن الضخ الإعلامي النافذ في هذا الاتجاه. وزادت الأجواء التي أحاطت بزيارة بنيامين نتانياهو الموجود في واشنطن ومباحثاته مع الإدارة حول الملف النووي الإيراني، من سخونة المداولات بشأن الأزمة السورية والخطوات المطلوبة إزاء تطوراتها الأخيرة. حتى إدارة أوباما عدّلت في لغتها، حيث انتقلت من الالتباس بشأن التسليح إلى فتح باب هذا الخيار ولو مواربة.

دأبت الإدارة على الحديث عن الحل السياسي الذي طرحته الجامعة العربية. تزعم أن دخول المزيد من السلاح إلى سوريا، "يزيد من تعقيد وخطورة الموقف". لكن تحت هذا العنوان، تدرّج موقفها، تماماً كما حصل في بدايات تعاملها مع المعارضة الليبية. واكبت نضوج الظروف المواتية. في البداية كان التحفظ حول هوية المعارضة" التي لا نعرفها". ثم صارت العملية مرهونة بأوقاتها "التي ما زالت سابقة لأوانها"، حسب تعبير رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي. ثم ترددت الإشارة إلى "حق الناس في الدفاع عن نفسها ". والآن يتكرر نفس السيناريو في الحالة السورية .

البيت الأبيض يستبعد أي عمل عسكري، حسب ما قال الرئيس أوباما في مؤتمره الصحفي. لكنه لم يأت على ذكر التسليح. ترك الباب مفتوحاً، في ضوء الضغوط المتزايدة بعد أحداث حمص. خاصة الصادرة عن الكونغرس الذي ذهب احد أركانه، السيناتور الجمهوري النافذ جون ماكين، إلى حدّ الكلام عن قصف جوي للقوات السورية، مع تشديده على وجوب دعم المعارضة بكافة الوسائل من تمويل وتجهيز وتدريب وتنظيم وتسليح. نغمة تتردد الآن في واشنطن بوتيرة ملحوظة.

الاعتقاد الراجح لدى المسؤولين كما في أوساط المتابعين والمعنيين بالمنطقة وبالملف السوري بالذات، أن الحل السياسي فاتت فرصه. الإدارة ما زالت تتحدث عنه من باب وضع الكرة في ملعب النظام وبما يساعد على زيادة عزلته. سقوط الرئيس الأسد "ما عاد مسألة إذا بل متى"، قال الرئيس اوباما في مؤتمره الصحافي ليل الثلاثاء.. وهي عبارة سبق وتكررت على لسان الوزيرة هيلاري كلينتون وكثير من المراقبين في واشنطن.

مهمة كوفي عنان التي تبدأ السبت المقبل في دمشق، أقرب إلى محاولة وضع النظام في الزاوية " إذ إنه ليس في وارد القبول بالمبادرة العربية التي سبق ورفضها". وهي المخرج الوحيد المطروح. وإذا كان هناك من حظ لصيغة حل سياسي فلن يكون، حسب ما يقال في واشنطن، سوى عن طريق موسكو، "خاصة وأن هناك تلميحات بهذا المعنى صدرت عن الرئيس الجديد بوتين"، لكنه احتمال غير قريب في أحسن أحواله.

Email