من الواضح أن مصر تعرضت لنكبة سياسية، بدأت بصعود جماعة الإخوان إلى سدة الحكم، ولن تنتهي آثار هذه النكبة أو تخف أثقالها إلا بعودة مصر لجميع المصريين، وباستعادة الشعب المصري لقراره وإرادته التي اختطفتها جماعة ضيقة الأفق، ورغم ضيق أفقها وضحالة فكرها إلا أنها أصبحت تقدم نفسها كبديل للدولة وللشعب الذي لا يمتاز فقط بتعداد سكاني هو الأعلى في المنطقة العربية وربما في أفريقيا، بل يمتاز كذلك بثروته الحضارية والتاريخية وبثقافته وتنوعه وإسهام مبدعيه في تشكيل الهوية الحديثة للشخصية العربية.

وبكلمات موجزة، يمكن القول إن الصعود الانتهازي لجماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر، يعتبر أسرع وأخطر عملية تسلل سياسي نفذتها جماعة دينية متشددة في التاريخ المعاصر، بمجرد ما توفرت لها الفرصة للتسلل بهدف الانقضاض على السلطة.

صحيح أن ما حدث جاء بعد اضطرابات شعبية سقط على إثرها النظام السابق، وعلى خلفية ما كان المصريون البسطاء يعتبرونها ثورة قدمت شهداء من خيرة شباب مصر بهدف الخلاص من وضع اقتصادي ظل يتزايد فيه معدل الفقر والبطالة، بسبب نظام حكم جعل مصر تقبع ضمن قائمة الدول والحكومات الفاشلة.

وبالمناسبة فإن الدول التي كانت معرضة أكثر من غيرها للانهيار هي الدول الفاشلة اقتصادياً واجتماعياً. ويأتي الفشل الاقتصادي والفساد على رأس الأسباب التي أشعلت غضب الفقراء ودفعتهم للنزول إلى الشوارع كما حدث في مصر. بعكس الدول التي حاولت بعض العناصر الإخوانية أن تستنسخ فيها الهياج والغضب الجماهيري، لكنها لم تنجح في إقناع المجتمعات التي يعيش أفرادها نوعاً من الرفاهية الاقتصادية، المترافقة مع وجود طفرة من حيث الخدمات العامة التي تقدمها الدولة ومن حيث ما يلمسه مواطنوها من تطور مستمر في البنية التحتية والمشاريع.

ولأن ازدهار الاقتصاد يرتبط كما هو معروف برسوخ الأمن والاستقرار، رفض رجل الشارع في تلك المجتمعات المساهمة في نشر الفوضى، ولعل خير مثال على الدول التي حمتها شعوبها من الدخول في مثل هذه الدوامة هي دولة الإمارات العربية المتحدة وجيرانها في منطقة الخليج العربي.

ما جرى إذاً بعد انهيار النظام الهش في مصر كان عملية تسلل مكشوفة، تمت بحضور أطياف متعددة من اللاعبين السياسيين في الميدان، بما في ذلك قادة المجلس العسكري، لكن «الإخوان» قاموا بمغافلة كل تلك الأطياف وتسللوا بخبث وبمباركة خارجية كما أسلفنا إلى رأس هرم السلطة، ولا يزالون يخططون للتمدد والحضور في بقية مفاصل الدولة ومؤسساتها.

ليست قوة مؤهلة

لكن تسلل «الإخوان» إلى الحكم في مصر، أو قيامهم بسرقة ثورة شبابها، لم يكن مجرد نتيجة أو مسألة حتمية أعقبت انهيار نظام حسني مبارك، لأن الجماعة لم تكن بالضرورة هي القوة المؤهلة لملء الفراغ السياسي في الرئاسة والحكومة. كما أن انتقال الإخوان فجأة من السجون ومن مرحلة العمل السري إلى فرض مشروع الأخونة لا يزال يثير الشكوك، إذ لا يوجد ما يبرر تنامي نفوذهم بشكل مفاجئ إلى هذا الحد.

فحتى من حيث مستوى انتشارهم في أوساط المجتمع المصري كشفت الإحصائيات أنهم لا يشكلون أغلبية الشعب بدليل أن عدد الأصوات التي يحصدونها لا تشير إلى أنهم يمتلكون قوة انتخابية كاسحة.

وتسللهم إلى السلطة وسرقتهم للثورة لم يحدث بمعزل عن ضوء أخضر يبدو أن جماعتهم حصلت عليه من قوى خارجية، وبعد حوارات مطولة ومبكرة أجروها مع تلك القوى التي يبدو أنها كانت بدورها اتخذت قراراً بتحويل مصر ودول أخرى في المنطقة إلى حقول تجارب جديدة في الدول النامية، وتحديداً تلك الدول التي لا تجيد للأسف الشديد سوى تصدير الإرهاب والعناصر المتطرفة أو التي تحرض على العنف نظرياً.

حمامة سلام؟

الأمر المؤكد هو أن الولايات المتحدة والدول الغربية حصلت على ضمانات من إخوان مصر تحديداً بعدم المساس بأمن إسرائيل، وهذا ما أصبح لدى المتابعين في حكم المسلّم به والمفروغ منه، بدليل أن السلوك السياسي للإخوان تجاه القضية الفلسطينية يتقمص دور الوسيط بين حركة «حماس» في غزة وبين الحكومة الإسرائيلية، وجاء أول اختبار لـ«الإخوان» عندما تبادلت «حماس» التراشق مع إسرائيل بالصواريخ، فظهر «الإخوان» حينئذ كحمامة سلام بين الطرفين.. وهو ما أشادت به الإدارة الأميركية في حينه عندما امتدحت دور «الإخوان» في حماية أمن إسرائيل.

وفي السياق ذاته استمرت حكومة «الإخوان» في مصر في الإبقاء على التعاون الثنائي مع الكيان الإسرائيلي، سواء على المستوى السياسي والتمثيل الدبلوماسي وتبادل الرسائل الودية مع تل أبيب، أو على المستوى الاقتصادي من خلال الإبقاء على مجالات واتفاقيات التعاون الثنائي ومن ضمنها استمرار ضخ الغاز إلى إسرائيل.

أما مسألة الالتزام ببنود اتفاقية السلام الموقعة في عهد الرئيس أنور السادات فأصبحت من البديهيات التي يؤمن بها الإخوان هذه الأيام إيماناً شديداً، وكأن مرشد الجماعة هو الذي وقع الاتفاقية بنفسه في منتجع كامب ديفيد، رغم ما يحمله مثل هذا الإيمان المفاجئ من تناقض حاد مع الضجيج الإعلامي المخادع الذي استمر الإخوان يسوقون أنفسهم من خلاله، عبر المزايدة باسم القضية الفلسطينية والتظاهر والادعاء برفضهم لاتفاقية السلام.

التزامات

أما في ما يخص المعركة المستمرة مع الإرهاب، فلا بد أن الإخوان قدموا التزامات وتعهدات بالعمل على الحد من تصدير الإرهابيين إلى الخارج، وبالعمل على استقطاب الجماعات الجهادية وإدماجها في العملية السياسية. وهذا ما بات ملموساً بالنظر إلى انخراط العديد من الجماعات السلفية والتكفيرية والجهادية في الحياة الحزبية الجديدة التي نشأت في ظل الحكومة الإخوانية.

تشجيع الأخونة

وكأن الغرب، من خلال التشجيع على أخونة مصر، يعمل من ناحية أخرى على إعادة تصدير وتوطين الإرهاب ورموزه في مصر وغيرها. وهذه الخطة تشمل كذلك التصالح مع المنظرين الأساسيين للتكفير ومع المحرضين بشكل مباشر على ممارسة العنف والقتل والإرهاب الدولي المنظم.

ورغم أن «الإخوان» كانوا يحرصون دائماً على تقديم أنفسهم إعلامياً بوصفهم على خلاف وقطيعة مع التيارات والجماعات الجهادية، إلا أن افراج حكومة محمد مرسي عن الجهاديين والتكفيريين من السجون المصرية ينسف التصورات التي كان «الإخوان» يرسمونها عن أنفسهم، وبذلك يثبتون أن علاقتهم بالجماعات المتطرفة تتجاوز وصفها بالحميمية إلى وجود نوع من التطابق وتبادل الأدوار.

وإذا كان «الإخوان» التزموا بتنفيذ الوعود والعهود السرية التي قطعوها على أنفسهم أمام الأميركيين والأوروبيين بهذا الخصوص، فربما تتناقص قيمة الفاتورة التي يسددها الغرب مقابل تكاليف مكافحة الإرهاب العابر للحدود والقارات.. مع العلم أن وفاء الإخوان بالالتزامات، سواء أمام الداخل أو الخارج يشبه التمني بهطول الثلج على صحراء الربع الخالي.

ويبدو أنّ هدف تمكين الإخوان من الاستيلاء على الحكم من العملية برمتها بالنسبة للغرب ترويض جماعات الإسلام السياسي بغية التخلص من إفرازاتها ومخرجاتها الإرهابية التي بدأت تهدد السلام العالمي منذ أحداث 11 سبتمبر، وذلك عبر منحها رشوة باهظة الثمن، مقابل ترويضها واستئناسها، وتلك الرشوة هي تمكينها من الوصول إلى الحكم ومغادرة منطقة الظل والعمل السري.

وبحسب خطة الاحتواء الغربية التي كانت معدة سلفاً، والتي ربما تم إعدادها تلافياً لأي انهيار أشمل كان يمكن أن يتجاوز مسألة سقوط النظام المصري السابق، المتهم غربياً كغيره من الأنظمة الفاشلة بعجزه عن تجفيف منابع الإرهاب وإزالة مبررات استمرار المجتمع المصري في رفد جيوب القاعدة وخلايا الإرهاب بالعناصر المصرية.

وتتويجاً لتفاهمات وحوارات إخوانية أميركية بدأت كما كشفت وثائق متداولة منذ العام 2005م لكل ما سبق، يمكن الجزم بأن تلك الملابسات تشكل مجتمعة خلفية ما حدث، أو ما أفضى حدوثه إلى ما قامت وتقوم به جماعة الإخوان وما حصلت عليه من نفوذ على حساب الشعب المصري ذاته، وعلى حساب رغبته في التغيير إلى الأفضل وليس إلى الأسوأ.

العثور على شريك

في جميع الأحوال إذا كانت الولايات المتحدة وجدت في جماعة الإخوان شريكاً مستعداً لحماية أمن إسرائيل، وإذا كانت نسبة العمليات الإرهابية أصبحت قابلة للانخفاض على المستوى الدولي، فهذا ما تبحث عنه وما تريده القوى العالمية الكبرى، مهما كان سلوك الشريك الجديد فاشياً في سياسته الداخلية وبشعاً في تعامله مع الشعب الذي يحكمه.

وساعتها لن يهتم الغرب كثيراً باحتمال انفجار المجتمعات العربية من داخلها وانتشار الفوضى والعنف وأعمال الإرهاب في دولها. ومثل هذه الأمور قد تصبح مجرد مواضيع مرشحة للدراسة والبحث النظري في معاهد ومراكز الأبحاث الغربية.

انقسام المجتمع

إن ما يحدث في مصر من انقسام على مستوى المجتمع والنخب يؤكد أن مشروع الأخونة سيؤدي حتماً إلى خلق فتنة طائفية ستحظى في هذا البلد منذ الآن برعاية رسمية وبانحياز من قبل حكومة الإخوان، وهذا شأن لا يهدد الغرب ولا يمهد لظهور جماعات جديدة متشددة تتبنى الإرهاب.

إذ لم يسمع أحدنا من قبل عن مجموعة سياسية مدنية افتتحت معسكراً لتدريب انتحاريين بقصد استهداف الأجانب، لأن مثل هذه الأفعال لا تقوم بها عادة إلا الجماعات المتطرفة باسم الدين، وها هو الغرب يمنح هذه الجماعات وظائف جديدة في المنطقة تخول المتطرفين بخلع ألقاب ومسميات على أنفسهم تتراوح بين حكام ووزراء وأعضاء برلمانات لم يكن بعضهم يحلم بالمرور من أمام بواباتها أو السير بمحاذاة أسوارها.

وستبدأ الإشكالية عندما تنحاز الحكومة الإخوانية في أي بلد إلى جانب تشريعات أو ممارسات وهي تعلم علم اليقين أنها قد تؤدي إلى انقسام الشعب بشأنها. وحينها تتحول مثل هذه الحكومة إلى خطر حقيقي على المجتمع، وفي هذه الحالة لا يمكن وصف من يقودونها إلا بأنهم ليسوا رجال دولة وأنهم ليسوا مؤهلين للحكم.

تأسيس للطائفية

وبدأت حكومة مكتب الإرشاد في مصر عملياً بالتشريع والتأسيس للطائفية والانقسام منذ استئثار «الإخوان» بصياغة الدستور، ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن تحويه مضامين القوانين الإخوانية في المستقبل القريب من عوامل مباشرة قد تؤدي بدورها إلى اشتعال نيران الفتنة وتعميق الانقسام في المجتمع المصري بصورة أشد مما يبدو عليه المشهد حتى الآن.

 

 

...يتدثرون بالدين تحت شعار «الحرب خدعة»

 

 

 

من المفارقات العجيبة أن من يسعون لإقامة «دولة الخلافة» ومن يكفرون الآليات الحديثة في العمل السياسي كما تقول أدبياتهم استخدموا تلك الآليات والأدوات «الكافرة» التي يحرمونها لكي يتمكنوا فقط من الوصول إلى غايتهم.

وفعل الإخوان وحلفاؤهم من السلفيين ذلك بأداء براجماتي ومكيافيللي من قبيل التخطيط المرحلي. وها هي توجهاتهم ومواقفهم والتشريعات التي فرضوها أو مرروها تدل على أنهم يخططون لإطالة أمد بقائهم على رأس السلطة إلى ما لا نهاية.

ولن تخذلهم العقلية الانتهازية في تحقيق هذه الرغبة، ولو عبر تحايلات قانونية لن يعجزوا عن استنساخها من تجارب عهود وأنظمة سابقة، كانت تعبث قبلهم ومثلهم بالانتخابات والاستفتاءات، فيما تضع نصب عينيها هدفاً وحيداً من وراء كل ذلك العبث، وهو أن تخدع الناس في الداخل كما تخدع الدول المانحة والمؤسسات الدولية بالتزامها كذباً وزوراً بالديمقراطية وشكلياتها ومظاهرها الوهمية، بينما تلجأ إلى استخدام كل ما يجعل النتيجة تتوافق مع مصلحتها، بما في ذلك اللجوء إلى التزوير الفاضح.

وعلى ذكر تزوير الانتخابات والاستفتاءات فقد حسم الإخوان وحلفاؤهم هذه المسألة منذ وقت مبكر، وعلى طريقتهم المعتادة عندما يظهرون بتصنع مكشوف مدى حرصهم على الحلال والحرام.

فطبقاً لفتاوى رائجة تم تداولها بالصوت والصورة على شبكة الإنترنت، ثبت لدى بعض شيوخهم أن تزوير الإنتخابات جائز وحلال شرعاً، وأن بالإمكان ممارسته كأسلوب وقائي والتعاطي معه باطمئنان، تماماً كما يتناول الإنسان لحم الدجاج المستورد عندما يكون مذبوحاً على الطريقة الإسلامية!. أما تبريرهم لإباحة التزوير في الإنتخابات فإنه يستند إلى تخريج يقوم أساساً على تكفير من ينافسهم ووضعه في خانة من يحارب الدين والشريعة وبالتالي يستعيرون مقولة أن «الحرب خدعة»، وأن الكذب على أعداء الدين جائز لمصلحة الدين وبذلك يضعون تزوير الإنتخابات في محل الكذب على أعداء الله لحماية الشريعة وأنصارها من أولئك الأعداء!.

وهكذا يحولون من ينافسهم في الإنتخابات إلى عدو لله، وبجرأة شديدة يحتكرون تمثيل الله على الأرض من دون الآخرين. بينما يكون خلافهم مع الآخرين هو في الأصل خلاف حول شأن دنيوي يتعلق بالتنافس على السلطة، أي أنه خلاف لا يحتمل توظيف الدين والمتاجرة به، لكنهم يقحمون الدين ويوظفونه في هذا الشأن لصالح جماعتهم التي تطلب الدنيا وتطمع في مغانمها باسم الدين.

ولا بد من التنويه إلى أننا لا نقصد في هذه التأملات أن شعب مصر كان على خطأ عندما قرر تغيير نظامه السياسي، فهذا شأن داخلي يخص المصريين وحدهم من حيث المبدأ، كما هو أيضاً شأن داخلي يخص كذلك الدول التي لا تحبذ شعوبها المستقرة القفز إلى المجهول.

إنما نقصد في سياق تأمل الحالة المصرية الراهنة التذكير بأن الوقائع التي فرضت نفسها على الأرض أصبحت تشير بوضوح إلى أن رغبة المصريين المشروعة في تغيير النظام السيئ وصلت إلى طريق مسدود بعد سرقة الإخوان للثورة الأمر الذي أدى إلى وقوع مصر في فخ جماعة تعتنق الاستبداد وتكرس نهج الاستحواذ على الدولة، وذلك يعني استبدال النظام السيئ بنظام أسوأ منه بكثير وهو نظام الإخوان أو نظام مكتب الإرشاد ودولة المرشد التي بدأت معالمها تتشكل عملياً على مستوى التشريع والممارسة والزحف الممنهج بهدف «أخونة مصر».

 

 

فاتورة

 

 

 

قيمة الفاتورة الحقيقية لصعود المتطرفين إلى الحكم ستدفعها الشعوب التي تحولت رغماً عنها وبدون إرادتها إلى حقل للتجارب، في عملية تكاد تمثل أحدث طراز كولونيالي غربي للتدخل في المنطقة.

ويجب ألا ننسى أن تدخلات الغرب ومخططاته الحمائية لاحتواء الانفجارات السياسية المفاجئة دائماً ما تكون مكرسة ومعنية أساساً بالحفاظ على ثمار تدخلات أو وعود بلفورية سابقة!

 

 

«الأخونة» والانقسام في مصر

 

 

فتحت الحالة المصرية والمآلات التي وجدت كل من ليبيا وتونس نفسها فيها أبواب التساؤلات عن أهداف تنظيم الاخوان المسلمين.. في حين قرع ضبط خليّتيْن لأتباع التنظيم في الدولة والدور الذي تلعبه تكتلات سياسية تتبع فكر التنظيم في عدد من دول المنطقة جرس صحوة.

والملف، الذي ستنشره «البيان»، بالتعاون مع مركز المزماة، على حلقات سيرصد ما يجري في مصر من تطوّرات بعدما تكشّف للمصريين أن القيادة الجديدة لديها ما هو أبعد من حكم بلد وتسيير شؤونه، رغم أنّ الحصيلة حتى الآن عقيمة في كل المجالات ولم تثمر سوى هبّة شعبية وبوادر ثورة ثانية.

في مصر كثير من التطوّرات التي تستحق التأمل، وبخاصة التمعّن في مخاطر استمرار الإخوان في حكم مصر وبالتالي أخونتها.. وفي مخاطر تصدير هذه الأخونة.

وفي تأمل المشهد عن بعد، يلاحظ أن معطيات اجتماعية خطيرة بدأت تفصح عن نفسها في الشارع المصري لمواجهة صعود إنتهازي للجماعة إلى مؤسسات الدولة وليس في قصر الاتحادية فقط.

الأوضاع الحالية التي تعيشها مصر، ومن دول أخرى في إفريقيا، تعتبر اختباراً لجماعات الإسلام السياسي ومدى إمكانية قبولها بالتعايش مع أسس الدولة المدنية بدلاً من العمل على تقويضها كما هو حاصل والذي لن تدعه الشعوب يمر دون ردة فعل.

.. وإلى جانب كل ذلك، تفرض محاولة هذه الجماعة وخلاياها ومن يدعمها إلى نشر الفوضى في دولة الإمارات، بالتوازي مع ركوب موجات سياسية تمر بها دول أخرى في المنطقة، البحث المعمّق في أهداف هذه الجماعة الحقيقية.. التي أقل ما يمكن وصفها به هو الإنتهازية.