شهدت منطقة الحويجة الواقعة في كركوك أمس مجزرة بمقتل نحو 54 شخصاً وإصابة العشرات بجروح اثر اقتحام قوات عراقية ساحة اعتصام لمتظاهرين، قبل ان يتطوّر الوضع بشكل دراماتيكي إلى ما يشبه ثورة مع شن العشائر هجمات انتقامية مسلّحة ضد مواقع عسكرية وحكومية شمال العراق أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا بينهم عناصر من الجيش وقطع عشائر صلاح الدين طريق كركوك تكريت، فيما نظمت الفلوجة عصيانا مدنيا تضامنا مع المعتصمين وسط أنباء عن تمرد في صفوف الجيش، بالتزامن مع تقديم وزير ي التربية محمد علي تميم والعلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرائي استقالتهما احتجاجا على الأحداث الدامية، بينما دعا رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تشكيل لجنة وزارية لتقصي الحقائق.

وجاءت عملية الاقتحام بعد انتهاء مهلة حددتها وزارة الدفاع للمتظاهرين لتسليم المسؤولين عن مقتل جندي الجمعة الماضي عند حاجز قريب من ساحة الاعتصام. وبينما أكّدت وزارة الدفاع في بيان ان قواتها دخلت الساحة بحثا عن مسلحين وأسلحة وأنها ردت على إطلاق نار.. نفى ناطق باسم المتظاهرين وجود مطلوبين بينهم.

وقال ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي ان «اشتباكات وقعت بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين في ساحة الاعتصام في ناحية الحويجة أسفرت عن مقتل 27 شخصا بين متظاهر ومسلح، اضافة الى جنديين اثنين»، وأضاف ان «الاشتباكات التي وقعت عند الخامسة من فجر أمس أدث أيضا الى إصابة نحو 70 شخصا بجروح بينهم سبعة جنود».

فرض حظر نجوال

واكد المصدر العسكري فرض حظر للتجول في الحويجة ومنطقتي الرياض والرشاد المجاورتين وتكريت وسامراء.

واكد ضابط برتبة عميد في الفرقة 12 في الجيش العراقي المنتشرة الى الغرب من كركوك ان «العملية التي نفذتها قواتنا استهدفت جيش الطريقة النقشبندية» وهي جماعة متمردة. لكنه قال ان «قواتنا لم تطلق النار صوب المتظاهرين حتى قيامهم هم بذلك فردت بدورها للدفاع عن نفسها».

 أشار الى «عثور قوات الامن على 34 بندقية كلاشينكوف اضافة الى نماذج وثائق للانتماء الى جيش النقشبندية التي تدين بالولاء الى الرجل الثاني في نظام صدام حسين الهارب عزة الدوري».

غير ان المنسق العام لمعتصمي الحويجة عبد الملك الجبوري قال في تصريح صحافي «لا نملك في الساحة الا اربعه أسلحة رشاشة لحمايتها ولا يوجد اي مطلوب للقوات الحكومية بيننا». ولفت الى ان «القوات التي اقتحمت المكان أحرقت الخيام وأطلقت النار بشكل عشوائي على المتظاهرين»

خطورة الوضع

في غضون ذلك، قال عضو المجلس السياسي العربي الذي يضم العشائر العربية في كركوك الشيخ عبدالرحمن العاصي إن الوضع بات خطيرا في المحافظة بعد قيام مجموعات عشائرية بالاشتباك مع قوات للجيش في الحويجة وبعض المناطق المحيطة انتقاما لمقتل أبنائها حيث اقتحمت دوريات أمنية ما ادى الى سقوط قتلى.

وأوضح العاصي أنه «لا توجد عشيرة في هذه المحافظة إلا وقتل منها متظاهرون»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذه العشائر لها امتدادتها في المحافظات المجاورة وهو ما يهدد باضطرابات واسعة في جميع أنحاء العراق.

وقالت مصادر أمنية ان 18 شخصاً قتلوا خلال هجومين ضد مواقع عسكرية شنها مسلحون انتقاما للمتظاهرين، حيث قتل ستة منهم في ناحية الرشاد (55 كيلومترا جنوب كركوك) وسبعة في ناحية الرياض (35 كيلومتراً غربي كركوك)، فيما قتل خمسة جنود.

كما أفاد افيد عن سقوط العشرات من المسلحين ورجال الجيش ابين قتيل وجريح في اشتباكات اندلعت عندما حاول مسلحين السيطرة على مقر مديرية شرطة ناحية سليمان بك التابعة لقضاء الطوز بمحافظة صلاح الدين.

مسؤولية المالكي

وحمل العاصي المالكي مسؤولية أحداث الحويجة، داعيا إياه إلى الاستقالة فورا حتى لا تتدهور الأمور أكثر من ذلك، على حد تعبيره. وقال في هذا الصدد: «على المالكي ألا يتحصن بالمنطقة الخضراء..وعليه مغادرة منصبه»

وأردف الزعيم القبلي القول: «المالكي هو الذي أصدر أوامره للجيش باقتحام الاعتصام وإطلاق النار على المتظاهرين.. وهو وحده من يتحمل مسؤولية ما جرى»، ولفت إلى أن هناك صعوبة في حصر أعداد الضحايا بسبب حصار القوات الأمنية لمنطقة الأحداث.

وكشف عاصي إن عناصر من القوة العسكرية في الحويجة انشقت فيما قطع شيوخ عشائر مدينة كركوك طريق كركوك - تكريت احتجاجا على اقتحام ساحة الاعتصام في قضاء الحويجة ، بينما نظم متظاهرو الفلوجة عصيانا مدنيا تنديدا بـ«مجزرة» الحويجة

من جهته، رأى رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ان «قيام الجيش باطلاق النار على ابناء الشعب العراقي من الذين اعتصموا سلميا امر مرفوض قطعا وجرم مشهود». محذرا من فتنة يصعب احتواءها

استقالة وزير

في الأثناء، قدم وزيري التربية محمد علي تميم، والعلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرائي استقالتهما من الحكومة احتجاجا على الاحداث الدامية.

لجنة لتقصي الحقائق

ووسط هذه التطورات شكل مجلس الوزراء العراقي لجنة تحقيق برئاسة نائب رئيس الحكومة صالح المطلك لتقصي الحقائق حول أحداث الحويجة.متعهدا بإحالة المقصرين إلى العدالة وتعويض الجرحى.

 

تداعيات

حمّل مجلس محافظة كركوك طرفي أحداث الحويجة مسؤولية التصعيد والاشتباكات وسقوط قتلى وجرحى، داعيا المنظمات الإنسانية والحكومية للتدخل لفض الاشتباك.

وصل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر أمس إلى محافظة كركوك وعقد اجتماعا طارئا مع نائب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة لمناقشة أحداث الحويجة حيث ندد بتدخل الجيش في المنطقة.

أعلنت كردستان العراق أن مستشفيات محافظة أربيل مستعدة لاستقبال الجرحى الذين أصيبوا خلال المواجهات التي اندلعت بين المتظاهرين وقوات الجيش في ساحة الاعتصام بقضاء الحويجة بمحافظة كركوك.

دعا أمير عشائر الدليم علي حاتم السليمان رجال العشائر إلى حمل السلاح، فيما «خيّر» ضباط الجيش والشرطة من غير أبناء الأنبار بين مغادرة المحافظة أو البقاء في ثكناتهم.

اعلنت اللجان الشعبية والتنفيذية للمعتصمين في مدينة سامراء جنوب محافظة صلاح الدين الحداد لمدة ثلاثة أيام على قتلى أحداث قضاء الحويجة.

نفت وزارة الدفاع العراقية خبر سقوط طائرة مروحية تابعة لطيران الجيش في كركوك.

وكان شهود عيان في ناحية الرياض في محافظة كركوك أفادوا بأن طائرة مروحية سقطت بعد تعرضها إلى إطلاق نار مباشر، أثناء محاولتها التقرب من تجمع أقيم على الطريق الرئيسي قرب ناحية الرياض (60 كيلومترا جنوب غربي كركوك). بغداد - البيان