جاء إعلان تونس الكشف عن كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة بمنطقة وادي الربايع المتاخمة للحدود المشتركة مع ليبيا والقبض على عناصر متشددة بمناطق مختلفة، ليؤكد على طبيعة التهديدات الارهابية التي تواجه البلاد.

خصوصا في ظل الترجيح بوجود مخازن أخرى للسلاح لم يتم الكشف عنها بالتزامن مع تأكيد جهات حكومية على وجود خلايا نائمة لتنظيم داعش الإرهابي في المدن التونسية، وهو ما أشار إليه وزير الدولة للأمن رفيق الشلي الذي تحدث عن مخاطر حقيقية يشكلها مئات العائدين من سوريا والعراق والآلاف ممن كانوا ينوون الالتحاق بساحات القتال قبل أن تمنعهم أجهزة الأمن من السفر.

ويرى المراقبون أنه كلما اتسعت دائرة الإرهاب في ليبيا كلما إزداد حجم التهديد لتونس، كما أن إستمرار سيطرة جماعة فجر ليبيا الإرهابية على الجانب الليبي من الحدود يزيد من مخاوف التونسيين.

نظرا لطبيعة التحالف القائم بين تلك المنظومة وتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي الذي إندمج جناحاه التونسي والليبي في تشكيل مقاتل يقود الحرب ضد الجيش الوطني الليبي ويطمح الى توسيع نشاطه الى الأراضي التونسية سواء من خلال محاولات تسلل مقاتليه عبر الحدود أو تحريك الخلايا النائمة داخل تونس.

وبحسب التقارير الأمنية فإن أكثر من 10 تونسيين كانوا بصدد الإستعداد للسفر الى سوريا والعراق للإنضمام الى تنظيم داعش خلال العام الماضي، ومنعتهم أجهزة الأمن من ذلك ولكن دون إتخاذ إجراءات قضائية ضدهم، في حين يوجد في ساحات القتال حوالي ثلاثة آلاف تونسي الأمر الذي يجعل من تونس المصدر الأول لمقاتلي داعش حسب أحدث الدراسات الصادرة في الغرب.

وقالت وزارة الداخلية إن عدد العائدين من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش يبلغ 500 مقاتل يمثلون خطرا حقيقيا على البلاد، في حين تشير تقارير مخابراتية الى وجود مالا يقل عن 1500 مقاتل تونسي ينشطون في ليبيا مع الجماعات المتطرفة مثل داعش وأنصار الشريعة و«فجر ليبيا».

مخازن للأسلحة

وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت، عثور قوات الأمن على كمية كبيرة من الأسلحة داخل مخزن بإحدى ضواحي مدينة بن قردان من ولاية مدنين الحدودية مع ليبيا، وذكرت الداخلية التونسية أن الأسلحة كانت موجهة إلى جهاديين مختبئين في جبال غرب البلاد على الحدود مع الجزائر. وقال مصدر أمني في بن قردان إن الأسلحة هربت من ليبيا وتم إخفاؤها في مغارة.

وأوضح أن مهربا تونسيا أوقفته قوات الأمن، بعدما علقت سيارته في رمال الصحراء، هو الذي دلّ على مكان إخفاء الأسلحة، ولا تزال قوات الأمن التونسية تسعى الى الكشف عن مخازن أخرى للسلاح والذخيرة .

بينما يواصل الجيش القيام بعملية عسكرية كبرى في ولاية القصرين (وسط غرب) الحدودية مع الجزائرية والتي يتحصن بجبالها عشرات الإرهابيين ممن ينتمون الى كتيبة عقبة بن نافع التي بايعت تنظيم داعش بعد أن كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وخططت لإقامة «أول إمارة إسلامية في شمال إفريقيا» بتونس عقب الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

تحضير لمعركة

وأشارت تقارير أمنية الى أن الهدف من نقل الأسلحة والذخيرة من الحدود مع ليبيا الى الحدود مع الجزائر كان الإعلان عن بدء معركة يهدف من خلالها الإرهابيون الى التمدد الى بعض المناطق المتاخمة لجبل الشعانبي في إطار تطوير إستراتيجية الإرهاب في تونس.

وأضافت ذات المصادر أن كتيبة عقبة ابن نافع خططت بالفعل للقيام بهجوم عنيف ينطلق من جبل الشعانبي نحو مراكز أمنية ومؤسسات تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في ولاية القصرين.

ويربط المهتمون بالشأن التونسي بين مخازن السلاح التي تم الكشف عنها وتسجيل الفيديو الذي نشره المكتب الإعلامي لتنظيم «داعش» في الشرق الليبي والذي توعد فيه أحد المقاتلين المتشددين ويدعى «أبو طلحة التونسي» الجيش والأمن التونسيين بالانتقام لمقتل عناصر التنظيم في تونس.

ملاحقة

تواصل أجهزة الأمن والمخابرات في تونس ملاحقة الخلايا النائمة في المناطق الداخلية، بينما قال وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي إن مواجهة الخطر الإرهابي تتطلب «تركيز منظومة استخبارات قوية مع تطوير أعمال الاسترشاد وتسخير كل الإمكانيات التكنولوجية وتفعيل منظومة المخبرين».

وأشار إلى التقاطع القائم بين الإرهاب والتهريب خاصة على الشريط الحدودي مع ليبيا والجزائر. وقال إن الإرهاب يتغذى من مجموع الأنشطة التي ينتفع بها المهربون ومن بينها ترويج العملة المزيفة والجريمة المنظمة.