أعلنت الولايات المتحدة أمس أن قوات خاصة نفذت عملية في شرق سوريا استهدفت قيادياً في تنظيم داعش، ما أدى إلى مقتله واعتقال زوجته واقتيادها إلى العراق، في وقتٍ دخل التنظيم الإرهابي مدينة تدمر الأثرية، بينما قتل 48 سوريا بغارات للنظام في إدلب، فيما أعلنت أنقرة إسقاط مروحية عسكرية لقوات النظام ذكرت أنها «اخترقت» المجال الجوي التركي.
وأفاد مجلس الامن القومي الأميركي في بيان أمس بأن القوات الخاصة الاميركية قتلت قياديا كبيرا في تنظيم داعش وقبضت على زوجته في شرق سوريا. وقالت الناطقة باسم المجلس برناديت ميهان «تحت اشراف الرئيس (باراك اوباما) نفذت القوات الأميركية المتمركزة في العراق عملية في شرق سوريا للقبض على ابو سياف القيادي الكبير في تنظيم داعش وزوجته».
واضافت: «خلال العملية قتل ابو سياف في تبادل لإطلاق النار مع القوات الاميركية»، موضحة ان العملية «سمحت بالإفراج عن شابة ايزيدية كان الزوجان يستعبدانها» واسفرت عن مقتل عشر مقاتلين. ولفتت إلى أن أفرادا من قوة يتمركزون خارج العراق نفذوا العملية في حقل العمر النفطي شرق سوريا. وأكد البيان ان زوجة ابو سياف «أسرت ونقلت الى سجن أميركي في العراق».
بدوره، أفاد بيان «البنتاغون» بأن المدعو «أبو سياف» قد يكون ساهم بشكل مباشر في العمليات العسكرية للتنظيم الإرهابي وفي تهريب النفط، مشيراً إلى أن القوة الأميركية دخلت على متن مروحية عسكرية.
وقال مسؤول اميركي إن ابو سياف هو مواطن تونسي. وأضاف أن واشنطن ابلغت الحكومة التونسية بالعملية بعد تنفيذها.
رواية كاذبة
وبالتوازي، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تقريرا بثه التلفزيون الرسمي السوري أفاد بأن الجيش النظامي قتل قياديا في «داعش» خاطئ وأنه نسب للجيش الفضل في غارة نفذتها قوات أميركية.
وأوضح المرصد أن الغارة التي استهدفت حقلا نفطيا في محافظة دير الزور شرق سوريا هي نفسها التي قال مسؤولون أميركيون إن قوات خاصة نفذتها. وكان التلفزيون الرسمي السوري بث نبأ الغارة نقلا عن مراسله في دير الزور، قبل أن تعلن الولايات المتحدة الخبر.
وضع تدمر
وفي تطورات الوضع الميداني، أعلن المرصد السوري أن إرهابيي «داعش» تمكنوا من السيطرة على مساحة كبيرة من الجزء الشمالي من مدينة تدمر الاثرية.
وأفاد بان التنظيم «تمكن من التقدم والسيطرة على معظم الاحياء الواقعة في الجزء الشمالي من تدمر»، مشيرا الى اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلي التنظيم وقوات النظام شمال تدمر. واشار الى اشتباكات بين الطرفين تدور قرب القلعة الاسلامية غرب المدينة، اسفرت عن مقتل 13 إرهابياً.
في الأثناء، قتل 48 مدنيا بينهم تسعة اطفال في غارات جوية لقوات النظام استهدفت مناطق عدة في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بريد الكتروني ان 48 مواطنا قتلوا إثر تنفيذ طائرات النظام الحربية مجازر في بلدتي كفرعويد وسراقب ومدينة إدلب في محافظة إدلب. واشار الى ان من بين القتلى تسعة اطفال، فيما اصيب العشرات بجروح وبعضهم في حالات خطرة.
إسقاط مروحية
إلى ذلك، أعلنت الحكومة التركية أن مقاتلات أسقطت مروحية حربية تابعة لقوات النظام السوري انتهكت المجال الجوي التركي. وذكرت قناة «ان.تي.في» الاخبارية التركية نقلاً عن مصدر حكومي تركي أن الطائرة تحطمت بعد ذلك في الأراضي السورية. وأكد مسؤول عسكري تركي أن مقاتلتين من طراز «إف-16» انطلقتا من قاعدة «انجرليك» جنوب شرقي تركيا وفتحتا النار لكنه لم يذكر أي تفاصيل عن الهدف.
21
أعلنت قوة المهام المشتركة أن الولايات المتحدة وحلفاءها نفذوا ست ضربات جوية في سوريا و15 ضربة في العراق منذ أول من أمس استهدفت إرهابيي تنظيم داعش. وأضافت القوة في بيان أن الضربات في سوريا استخدمت قاذفات وطائرات مقاتلة واستهدفت منطقة قرب الحسكة، واستخدمت طائرات من دون طيار استهدفت مناطق قرب الحويجة وبيجي والموصل والرمادي وسنجار وتلعفر.
نيران الإرهاب تلهب «جوهرة الآثار»
من جديد أثار تقدم تنظيم داعش صوب مدينة تدمر الأثرية التابعة إدارياً لمحافظة حمص حالة القلق المزدوج على الصعيد الداخلي والخارجي بسبب وقوع المدينة الأثرية في مرمى نيران الإرهاب والمخاطر المتوقعة فيما لو أحكم التنظيم قبضته على المدينة التاريخية.
والخطورة لا تقتصر على الحالة التوسعية على الصعيد العسكري وحجم الانتهاكات المتوقعة، بل من المرجح أن تطال صرحاً حضارياً يعتبر من أهم المعالم التاريخية التي تجسد تاريخ سوريا تحت مسوغ تطبيق نسخة عقائدية متشددة في سيناريو يستحضر تراجيدية مدينة نمرود والحضر والموصل قبل مدة زمنية ليست بالقصيرة على ذاكرة المجتمع الدولي.
وتكمن دلالات مدينة تدمر التي تعرف بـ«جوهرة الصحراء» في الذاكرة السورية القريبة على أنها المعقل الاستبدادي الأمني الذي كرسه النظام السوري نظراً لوقوع السجن العسكري ذائع الصيت بقرب من آثارها الشهيرة.
ومن خلفية هذه الذكريات المؤلمة انقسم الشارع السوري على نفسه، فمنهم من عبر عن هواجسه للكارثة المحتملة بحق بين المدينة الحضارية، وضرورة صونها من قبل المنظمات الدولية، ومنهم من قلل من شأن ما يحصل لاعتبارات تتعلق بالرمزية الاستبدادية الموصوفة بصورة هذه المدينة.
ومهما يكن طبيعة هذا الجدال الدائر في الشارع السوري، فإن دخول تنظيم داعش المدينة على وقع تهاوي القوات النظامية في بلدة السخنة وبعض القرى المجاورة في ريف حمص، يشي بأن التنظيم يريد ربط خارطة الانتشار العسكري الممتد من المعاقل الرئيسية انطلاقاً من مدينة دير الزور مروراً بالأرياف الحسكة والرقة وصولاً إلى بادية الشام ومحافظة حمص في كتلة واحدة.