شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضرورة تكاتف الجهود للقضاء على الإرهاب واقتلاعه من جذوره، وشدد على ضرورة احترام القضاء المصري، وذلك في رده على انتقادات المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لأحكام الإعدام على قيادات من الإخوان، فيما أبرمت شركة سيمنز الألمانية أكبر صفقة في تاريخها مع مصر بقيمة ثمانية مليارات دولار.

وفي مؤتمر صحافي مع ميركل في برلين قال السيسي إن آفة الإرهاب باتت تنال من الشباب والأجيال الصاعدة سواء في منطقتنا أو في أوروبا، وأضاف «لعل في ظاهرة المقاتلين الأجانب عبرة تدعونا للتأمل في أسباب انجذاب الشباب من مجتمعات مختلفة لهذا الفكر المتطرف، وتدفعنا إلى الدعوة لمواجهة ظاهرة الإرهاب من خلال استراتيجية شاملة فكرياً وأمنياً والتصدي لكافة هذه التنظيمات بدون انتقائية أخذاً في الاعتبار وحدة أساسها الفكري والأيديولوجي». وقال إن مصر تعمل بكل جدية من أجل توفير المناخ الاستثماري الجاذب للشركات الألمانية.

تطلعات

وفي بداية المؤتمر، قال السيسي إنه تحدث مع ميركل مطولاً عن «تطلعات مصر للارتقاء بعلاقات التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية»، معرباً عن تقدير القاهرة للمستوى المتميز للمشاركة الألمانية السياسية والاقتصادية في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس الماضي.

وأكد أن مصر تعمل بكل جدية لتوفير المناخ الاستثماري الجاذب للشركات الأجنبية، وأن لديها برنامجاً شاملاً للتنمية حتى العام 2030، كما أنه تم إصدار قانون الاستثمار الجديد بغية تشجيع الاستثمارات، مؤكداً تطلّع القاهرة إلى مشاركة واسعة النطاق من جانب الشركات الألمانية والمستثمرين الألمان في برامجها الطموحة ومشروعاتها العملاقة لتحقيق التنمية في مصر لما في ذلك من مصلحة مشتركة.

وأضاف: «كما إن استضافة مصر للمنتدى الاقتصادي العالمي الخاص بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مايو العام المقبل، إنما يأتي دليلاً على مدى صلابة عزيمة المصريين على تنفيذ برامج للإصلاح الاقتصادي، وعلى صدق رغبة مصر في تطوير أطر التعاون الاقتصادي والاستثماري الدولي».

المشهد الداخلي

وأوضح السيسي أنه استعرض في لقائه مع ميركل تطورات المشهد الداخلي في مصر، وما تحقق على صعيد تنفيذ خارطة المُستقبل للتحول الديمقراطي من خلال إقرار الدستور الجديد، وتنظيم الانتخابات الرئاسية، كما يجرى حالياً الإعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية لاستكمال البناء الديمقراطي لمؤسسات الدولة، وعليه فإن القاهرة تتطلع بآمال عريضة إلى انتخاب برلمان فاعل يضطلع بصلاحياته الواسعة.

وتابع الرئيس السيسي: «وبذلك نسير على خطى ثابتة لتحقيق طموحات الشعب المصري ومطالبه بإرساء دعائم دولة ديمقراطية، تطلق طاقاته وتحمي حقوقه وحرياته، دولة عصرية ومجتمع متفاعل من خلال إسهام مؤسساته في الجهود الدولية المبذولة لتحقيق التقدم وإثراء القيم الإنسانية المشتركة».

مؤسسات

ولفت إلى أن المباحثات مع ميركل تطرقت إلى ملف المؤسسات الألمانية العاملة في مصر، قائلاً: «أوضحت للمستشارة ميركل أننا نعي تماماً أن هذا الملف يحظى بأهمية قصوى لديهم، وقد أكدت أننا نشاركهم هذا الاهتمام وأننا نؤيد ونحترم الحوار المجتمعي وقيمة منظماته للارتقاء بالقدرات في شتى المجالات لصالح الفرد والمجتمع على حد سواء، كما نثمن دور المؤسسات الألمانية على هذا الصعيد».

وجدد السيسي حرص مصر على التوصل إلى حل لتقنين أوضاع المؤسسات الألمانية العاملة في مصر حيث يتم العمل مع الجانب الألماني للتوصل إلى حل يأخذ في الاعتبار الأبعاد القانونية والمجتمعية وبما يخدم المصلحة المشتركة للبلدين. وقال «هناك بالفعل حوار جاد قائم بين البلدين يستند إلى مبدأ الشفافية وأسلوب المصارحة للتوصل إلى تسوية لأوضاع المؤسسات الألمانية العاملة في مصر، وأثق أن الإرادة السياسية المشتركة بيننا ستسهم حتماً في التوصل إلى حل يرضي الطرفين».

أهمية مصر

من جانبها، أكدت ميركل الأهمية الاستراتيجية لمصر من أجل السلام في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب. وقالت إن ألمانيا ستبذل جهودها حتى تتمكن مصر من تحقيق الاستقرار وإنعاش الاقتصاد. وفي المقابل، انتقدت أحكام الإعدام في مصر، وقالت: «ألمانيا ترفض عقوبة الإعدام».

لكن السيسي رد بالقول: «بالنسبة لأحكام الإعدام .. الديمقراطية تقول إننا نحترم وجهة نظركم وأنتم تحترمون وجهة نظرنا .. وأقول إننا نحترم القضاء المصري ولا نستطيع وفقاً للقانون أن نعقب على الأحكام .. ولكن يمكن أن نوضح أن قرارات إحالة أوراق أي قضية للمفتي تعني استطلاع رأي المفتي وما إذا كانت تستحق من الناحية الشرعية الحكم عليها بالإعدام .. أحكام الإعدام الصادرة في غالبيتها أحكام غيابية وتسقط بحكم القانون فور مثول المحكوم أمام المحكمة .. كما أؤكد أن هذه المرحلة هي الأولى من مراحل التقاضي». وأضاف: «تحدثنا معاً كثيراً عن الحرية والديمقراطية .. أعترف أن هناك قصوراً في مصر .. ما يحدث في مصر والمنطقة أمر عظيم . ولولا شعب مصر لكان للمنطقة شأن آخر .. المصريون تصدوا للفاشية الدينية».

صفقة تاريخية

في الأثناء، أبرمت شركة سيمنز الألمانية أمس مع مصر أكبر صفقة في تاريخ الشركة الألمانية بقيمة نحو ثمانية مليارات يورو لإنشاء محطات توليد كهرباء تعمل بالغاز والرياح. وأعلنت الشركة الألمانية أن التوقيع على عقود الاتفاقية جرى أمس بحضور وزير الاقتصاد الألماني زيجمار جابريل والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يزور ألمانيا حاليا.

من جهته، قال جو كايزر رئيس سيمنز إنه:«بهذه العقود التي ليس لها مثيل من قبل تدعم سيمنز وشركاؤها التطور الاقتصادي في مصر».

5 أسباب أجبرت ألمانيا على الحديث مع السيسي

في عام 2013 قام الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي بزيارة ألمانيا وأجرى محادثات مع المستشارة أنجيلا ميركل. الآن يجري الرئيس المصري الجديد ووزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بمرسي بعد احتجاجات شعبية مليونية في 30 يونيو عام 2013، أول زيارة رسمية له لألمانيا. وهي الزيارة التي أثارت جدلاً في ألمانيا قبل بدئها. وعلى خلفية هذا الجدل، ثمّة خمسة أسباب وراء ضرورة إجراء ألمانيا محادثات مع الضيف الصعب القادم من القاهرة.

ــ لا يمكن بسهولة قطع الاتصال مع رئيس أكبر دولة في العالم العربي من حيث المكانة وعدد السكان، في هذا التوقيت الذي تشهد المنطقة أزمات، حيث بإمكان مصر المساعدة في إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى اتفاق في ليبيا.

ــ لأن مصر مركز مهم لشركات ألمانية كسوق لبيع المنتجات ونقطة تلاقي إقليمية.

ــ لأن هذا أفضل طريق لمواجهة خطاب القيادة المصرية المناهض للغرب، حيث ينتشر في أوساط الشعب المصري على نطاق واسع تصوّر بأن الغرب يتحالف مع جماعة الإخوان ضد القيادة المصرية الجديدة.

ــ لأن السيسي أعلن الحرب على الإرهاب.

ــ لأن ألمانيا تحتاج إلى الاستقرار في مصر، حتى لا تنطلق من هناك العديد من قوارب تهريب البشر مثلما يحدث في ليبيا.