دعا الرئيس الأسبق لليمن الجنوبي، علي ناصر محمد، الدول كافة إلى أن تحذو حذو دولة الإمارات العربية المتحدة في جهدها الإغاثي تجاه اليمن، مؤكداً أن أمن اليمن جزءٌ لا يتجزأ من أمن دول الخليج. واعرب الرئيس السابق لليمن الجنوبي في حوار مع «البيان» عن أمله في بذل مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهوداً أكبر لحل الأزمة اليمنية، والشروع في إعادة الإعمار والبناء. وإلى نص الحوار:

كيف تقيمون الأوضاع الإنسانية في اليمن بالوقت الراهن؟

الوضع الإنساني كارثي، وما لم يتوقف إطلاق النار، ويوضع حد لإراقة الدماء، فإن الوضع مرشح إلى مزيد من التدهور على كافة المستويات، وخاصة مع بدء الصيف شديد الحرارة وانقطاع الكهرباء والماء عن السكان، ومعاناة الناس ستكون أكثر شدة في الشهر الفضيل، لهذا فإن الأولوية هي لوقف الحرب والشروع فوراً في أعمال الإغاثة الإنسانية.

وندعو كافة الدول إلى أن تحذو حذو دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت مساعدات إنسانية ملموسة إلى اليمن، وأن تنخرط في هذه العملية وتقدم المزيد من المساعدات للشعب اليمني المنكوب، وخاصة في المناطق الأكثر تضرراً بأسرع ما يمكن.

ماذا بشأن العمليات التي تقوم بها قوات التحالف العربي، ما تقييمكم لها؟

طالبنا بوقف إطلاق النار من الطرفين، وتقدمنا في العاشر من مايو الماضي، بمبادرة من عشر نقاط، انطلاقاً من حرصنا على أمن واستقرار اليمن والمنطقة.

نقاط المبادرة

ما هي العناصر أو النقاط التي تتكون منها مبادرتكم لوقف الحرب؟

تقدمنا بهذه المبادرة التي نأمل أن تكون أساساً لإيقاف الحرب وتداعياتها، بما يفتح الطريق نحو حوار وطني يقدم حلاً مستداماً لليمن، وتتضمن الوقف الفوري للحرب من قبل جميع الأطراف، والانسحاب الفوري غير المشروط لوحدات الجيش والمليشيات المسلحة المتحالفة معها من عدن وجميع المحافظات، وتسليم المحافظات لقيادات عسكرية وأمنية من أبنائها والشروع في إنشاء قوة عسكرية وأمنية لحماية المواطنين، وعودة كل القوى السياسية اليمنية بدون استثناء وبدون شروط إلى حوار وطني شامل، والالتزام بأن تكون القضية الجنوبية محوراً أساسياً للمناقشة في أي حوار.

تاسعاً: ندعو كافة الأطراف الإقليمية والدولية القيام بواجبها نحو اليمن بما يعزز الأمن والاستقرار فيه وكذلك الأمن الإقليمي والدولي، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الشأن، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.

مؤتمر جنيف

ما تقديراتكم لانعقاد مؤتمر «جنيف اليمن» ونتائجه؟

تلقينا دعوة للمشاركة عندما كان مقرراً أن ينعقد في 28 مايو الماضي، ورحبنا بتلك الدعوة وبانعقاده إيماناً منا بدور المنظمة الدولية في حل النزاعات والحروب من هذا النوع، ونرى في اللقاء بحد ذاته فرصة لوقف إطلاق النار ودعوة الأطراف إلى الحوار لمناقشة الحرب وآثارها الخطيرة التي تعيشها اليمن منذ أكثر من 70 يوماً ونحن نأمل أن تكون المشاركة على مستوى عالٍ لمناقشة الأزمة والخروج بمعالجات لوقف الحرب والحد من معاناة الشعب الذي يكتوي بنار هذه الصراعات والحروب والذي يدفع الثمن غالياً من دمه وحياته وأمنه واستقراره قبل غيره وأكثر من غيره من الذين يتباكون عليه.

الوحدة والانفصال

كيف تنظرون لمستقبل اليمن وهل الأنسب أن يظل موحداً أم دولة للشمال وأخرى للجنوب؟

اليمن بكل أسف يدفع ثمن حماقات قياداته ونخبه السياسية التي لم تتعلم من دروس وعبر التاريخ والماضي حتى اليوم، وإلا لكانت جنبته مثل هذه الصراعات السياسية والدموية التي يمر بها بين كل حين وآخر.

هناك العديد من الأفكار والرؤى المطروحة على الساحة اليمنية، هناك أصحاب الرؤى الذين يُطالبون باستعادة الدولة الجنوبية السابقة قبل الوحدة، وهناك الرؤية التي قدمها المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة (نوفمبر 2011) والقائمة على دولة فيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي وعززها الفريق الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء.

وهناك من يطرح مشروع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم والبعض يختصرها إلى ثلاثة.. وأياً تكن الأفكار المطروحة فإن القرار النهائي يعود إلى الشعب في الجنوب فيما يتعلق بحل القضية الجنوبية التي نراها المفتاح لحل أزمات اليمن والمنطقة.

محادثات عُمان

هل شاركتم أو اطلعتم على نتائج لقاءات وفد جماعة الحوثي في مسقط؟

تابعنا كغيرنا اللقاءات التي تمت لمناقشة الأزمة والبحث عن حلول ولتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع ولم نكن بعيدين عن ذلك، ونحن نؤيد مثل هذه الجهود طالما تؤدي إلى وقف الحرب ووضع حد لإراقة الدماء والعودة إلى طاولة الحوار، وهنا علينا أن نثمن عالياً ونشيد بدور سلطنة عمان المتوازن وسياستها الحكيمة في المساعدة على حل النزاعات على مستوى اليمن والمنطقة.

دور الجامعة

ما الدور الذي تتطلعون إليه من الجامعة العربية؟

نعتبر الجامعة العربية بيت العرب، ويفترض في البيت أن يكون قوياً وأن يكون مظلة للجميع ومكاناً لحل النزاعات.

الجامعة اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى توحيد الجهود لتطوير مؤسساتها وأدائها لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها لمواجهة التحديات التي تفرضها ظروف وأزمات اليوم ومتطلبات مستقبل الوطن العربي والأمة العربية، ونحن لا ننسى دور الجامعة في حل النزاعات العربية، واليمنية الداخلية، ودون الدخول في التفاصيل أشير إلى أنني وقعت في أكتوبر 1972 مع محسن العيني رئيس وزراء الشمال حينها أول اتفاقية للوحدة وكان ذلك بعد الحرب التي نشبت بين الشمال والجنوب وتدخلت الجامعة لوقفها.. المطلوب من الجامعة أن تساهم في وقف الحرب الدائرة اليوم في اليمن وأن يكون لها دور في إحلال السلام فيه وأعمال الإغاثة الإنسانية.

أمن الخليج

ما رؤيتكم للدور الذي تقوم به دول مجلس التعاون؟

نعتبر أمن اليمن جزءاً لا يتجزأ من أمن دول الخليج، فاليمن ودول المنطقة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولطالما حذرنا بأن تداعيات الأزمة اليمنية لن تختصر على اليمن بل إنها ستصل إلى الجيران وإلى خارج حدودها.

نحن نتطلع من دول المجلس إلى دور أكبر لوقف هذه الحرب، والاحتكام إلى الحوار، والشروع في إعادة الإعمار والبناء، وهذا ما كان يؤكد عليه في كل أقواله وسياسته حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان باني ومؤسس دولة الإمارات العربية الحديثة، وباني سد مأرب، والعديد من المشاريع في اليمن وعلى طول الوطن العربي والذي ترك بصماته في كل مكان على مستوى المعمورة.