لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا
ترتاب العديد من البلدان الإفريقية وحلفاؤها التقليدين في منطقة «الشرق الأوسط» في المحكمة الجنائية الدولية ودوافع العالم الأول الذي دعم إنشاءها نظراً لتجارب سابقة مع المؤسسات الدولية التي كرست لصورتها مؤسسات بديلة للاستعمار المباشر ووقعت تلكم الدول على ميثاق روما المؤسس بعد تحفظات، واضعة عدداً من الاستفسارات الملاحظات على عمل المحكمة التي تعد أول مؤسسة قضائية دولية دائمة مختصة بمحاكمة الأفراد المشتبه بتورطهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان،
وكثيرون في هذه المنطقة، ومنهم قادة ومسؤولون حكوميون أفارقة وشرق أوسطيون، ينظرون إلى المنظمات (القانونية والمالية والسياسية والعسكرية) الدولية بريب شديد. فهم يرون فيها مجرد أدوات لِـ «القوى الغربية» الكبرى تستخدمها، حسبما تقول هذه الحجة، لتعزيز مصالحها السياسية والوطنية تحت عباءة حماية حقوق الإنسان، من بين أمور أخرى.
عدم حماس
ويقول المحامي الدولي والخبير القانوني المستشار في المحكمة الجنائية سام ساسان شوامانيش: «إذا ما أردنا الصراحة، فإن هذه الآراء والتصورات تعود بجذورها التاريخية في المقام الأول إلى تجربة الاستعمار والتلاعب الأجنبي بمقدرات إفريقيا والشرق الأوسط، فضلاً عن سجل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحافل بالتدخلات السياسية»، بينما ترد الدكتورة في القانون الدولي رحاب عبدالمطلب تحفظات الأفارقة إلى ما سمته عدم جدية المجتمع الدولي في التعامل مع قضايا القارة بجانب التعاطف الكبير الذي تجده القضية الفلسطينية في إفريقيا ورؤيتهم لما يجري في فلسطين والموقف الدولي منه، ومضت ليلى لتقول إن المجتمع الدولي الآن وضع الحبل على رقبة مصداقية مؤسساته.
وبينما يرد شوامانيش عدم الحماس وعدم الترحيب في رد الشرق الأوسط على أمر القبض الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير إلى التصورات الراسخة عن المؤسسات الدولية، تقول ليلى إن ذلك يعود لكون المحكمة تدخلت في قضية جدلية واختارت القضايا الخطأ، إذ إن البشير يواجه تمرداً عسكرياً داخلياً، والكل يعلم أن الحكومات لا تسمح لحركات مسلحة أن تهدد أمن مواطنيها ما يجعل البشير في نظر العديد من الدول مظلوماً، خاصة وأن هناك بلداناً تعاملت مع تمردات أقل خطراً بعنف لا يقل عن تعامل البشير مع الحرب في إقليم دارفور ولم يسلط عليها سيف المحكمة، مشيرة في ذلك إلى سحل الصين وتركيا لمتظاهرين سلميين بجانب ممارسات الجيش الأميركي في العراق والتي سارت بها وسائل الإعلام .
تحدي الحيدة
ويتفق شوامانيش مع ليلى في أن مؤسسات العدالة الدولية الآن في تحد لإثبات حيدتها تجاه قضايا الشرق الأوسط، ويقول إن ذلك سيتأتى كون هذه المؤسسات هي مؤسسات مستقلة ويعمل فيها قانونيون همهم الأساسي هو سيادة مبدأ حقوق الإنسان والعدالة الدولية، غير أن عضو المجلس الوطني الفلسطيني حاتم ابوشعبان يرى خلاف ذلك، ويمضى إلى التقليل من الخطوة بقوله: من المعروف أن هذه المحكمة أنشئت عام 2002 بقرار من الأمم المتحدة، والعضوية بها اختيارية، وان من شروط عضويتها، أن تكون الدولة التي ترغب في الانضمام إليها موقعة ومصادقة على اتفاقية روما عام 1998 المتعلقة بالقوانين الدولية، وأن تقوم بتعديل قوانينها الأساسية بما يتناسب مع قوانين اتفاقية روما، خصوصاً في الأحكام القضائية وإلغاء حكم الإعدام وما شابه ذلك، علماً بأن هناك دول ترفض الانضمام إليها حتى لا تلتزم بقوانينها وقراراتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، خوفاً من ملاحقة هذه الدول قضائياً على الجرائم التي ارتكبوها بعد عام 2002، حيث إنه حسب قانون المحكمة الجنائية، تكون الملاحقة القانونية محددة زمنياً منذ عام 2002، وهو تاريخ إنشاء المحكمة وما بعدها، وليس قبل ذلك، بمعنى أنه لا يجوز رفع قضايا وملاحقة قانونية لأي عمليات وجرائم حرب تمت قبل عام 2002.
ويمضي أبو شعبان ليقول: حتى تستطيع أي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية التوجه إليها لرفع قضية معينة، فإنه يجب أن تقام الدعوى باسم الدولة العضو نفسها، ويجب أن تكون الدولة المدعى عليها أيضًا، موقعة ومصادقة على اتفاقية روما، وأن تكون عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، وإذا لم تكن الدولة المدعى عليها عضوًا في المحكمة، فإنه لا يجوز رفع دعوى عليها إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي وطبقاً للبند السابع فقط.
معاقبة إسرائيل
ويضيف: من هنا يتضح لنا أن انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، لا يسهم كثيرًا في تحقيق الهدف الفلسطيني في معاقبة إسرائيل على الجرائم والمجازر التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني بعد عام 2002، وهي بالمئات أو أكثر فيما لو قمنا بحصرها، بل إن انضمام فلسطين قد يسهم أحياناً إسهاماً سلبياً على الشعب الفلسطيني وقياداته وفصائله ومناضليه، وذلك لوجود بعض المعوقات التي تعيق ملاحقة إسرائيل قضائيًا، والأصعب والأهم هو معوقات أخرى لها تأثير سلبي في الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية والنضال الفلسطيني بصورة عامة.
ويشير أبو شعبان إلى أن السلطة الفلسطينية لن تستطيع الذهاب مباشرة إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبار أن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، وليست مصادقة على ميثاق روما، وحتى يصل ملف القضايا الإسرائيلية إلى الجنائية الدولية لابد من معركة داخل مجلس الأمن الدولي ليحيل تلك القضايا إلى المحكمة تحت الفصل السابع، وهذا ما لم يتأتى لفلسطين فعله في ظل الظرف الراهن داخل مجلس الأمن والمؤسسات الدولية.
ورغم اتفاق د. ليلى مع أبو شعبان فيما ذهب إليه، إلا أنها تقول إن الملف الفلسطيني ليس الغرض منه بشكل رئيسي وضع نتانياهو أو غيره من قيادات إسرائيل في قفص الجنائية الدولية، وإنما وضع النظام الدولي كله في ذلك القفص، وتفسر بالقول إن السلطة عندما تقدم طلباً للمحكمة الجنائية للتحقيق في جرائم إسرائيل سترد المحكمة بأن نظامها الأساسي لا يسمح لها بمباشرة التحقيق في تلك الجرائم باعتبار أن إسرائيل غير موقعة، وسيتوجه الفلسطينيون إلى مجلس الأمن لرفع الملف للجنائية إعمالاً للنظام الأساسي، وسيجد مجلس الأمن نفسه في موضع حرج كبير.
عثمان فضل الله
ترتاب العديد من البلدان الإفريقية وحلفاؤها التقليدين في منطقة «الشرق الأوسط» في المحكمة الجنائية الدولية ودوافع العالم الأول الذي دعم إنشاءها نظراً لتجارب سابقة مع المؤسسات الدولية التي كرست لصورتها مؤسسات بديلة للاستعمار المباشر ووقعت تلكم الدول على ميثاق روما المؤسس بعد تحفظات، واضعة عدداً من الاستفسارات الملاحظات على عمل المحكمة التي تعد أول مؤسسة قضائية دولية دائمة مختصة بمحاكمة الأفراد المشتبه بتورطهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان،
وكثيرون في هذه المنطقة، ومنهم قادة ومسؤولون حكوميون أفارقة وشرق أوسطيون، ينظرون إلى المنظمات (القانونية والمالية والسياسية والعسكرية) الدولية بريب شديد. فهم يرون فيها مجرد أدوات لِـ «القوى الغربية» الكبرى تستخدمها، حسبما تقول هذه الحجة، لتعزيز مصالحها السياسية والوطنية تحت عباءة حماية حقوق الإنسان، من بين أمور أخرى.
عدم حماس
ويقول المحامي الدولي والخبير القانوني المستشار في المحكمة الجنائية سام ساسان شوامانيش: «إذا ما أردنا الصراحة، فإن هذه الآراء والتصورات تعود بجذورها التاريخية في المقام الأول إلى تجربة الاستعمار والتلاعب الأجنبي بمقدرات إفريقيا والشرق الأوسط، فضلاً عن سجل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحافل بالتدخلات السياسية»، بينما ترد الدكتورة في القانون الدولي رحاب عبدالمطلب تحفظات الأفارقة إلى ما سمته عدم جدية المجتمع الدولي في التعامل مع قضايا القارة بجانب التعاطف الكبير الذي تجده القضية الفلسطينية في إفريقيا ورؤيتهم لما يجري في فلسطين والموقف الدولي منه، ومضت ليلى لتقول إن المجتمع الدولي الآن وضع الحبل على رقبة مصداقية مؤسساته.
وبينما يرد شوامانيش عدم الحماس وعدم الترحيب في رد الشرق الأوسط على أمر القبض الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير إلى التصورات الراسخة عن المؤسسات الدولية، تقول ليلى إن ذلك يعود لكون المحكمة تدخلت في قضية جدلية واختارت القضايا الخطأ، إذ إن البشير يواجه تمرداً عسكرياً داخلياً، والكل يعلم أن الحكومات لا تسمح لحركات مسلحة أن تهدد أمن مواطنيها ما يجعل البشير في نظر العديد من الدول مظلوماً، خاصة وأن هناك بلداناً تعاملت مع تمردات أقل خطراً بعنف لا يقل عن تعامل البشير مع الحرب في إقليم دارفور ولم يسلط عليها سيف المحكمة، مشيرة في ذلك إلى سحل الصين وتركيا لمتظاهرين سلميين بجانب ممارسات الجيش الأميركي في العراق والتي سارت بها وسائل الإعلام .
تحدي الحيدة
ويتفق شوامانيش مع ليلى في أن مؤسسات العدالة الدولية الآن في تحد لإثبات حيدتها تجاه قضايا الشرق الأوسط، ويقول إن ذلك سيتأتى كون هذه المؤسسات هي مؤسسات مستقلة ويعمل فيها قانونيون همهم الأساسي هو سيادة مبدأ حقوق الإنسان والعدالة الدولية، غير أن عضو المجلس الوطني الفلسطيني حاتم ابوشعبان يرى خلاف ذلك، ويمضى إلى التقليل من الخطوة بقوله: من المعروف أن هذه المحكمة أنشئت عام 2002 بقرار من الأمم المتحدة، والعضوية بها اختيارية، وان من شروط عضويتها، أن تكون الدولة التي ترغب في الانضمام إليها موقعة ومصادقة على اتفاقية روما عام 1998 المتعلقة بالقوانين الدولية، وأن تقوم بتعديل قوانينها الأساسية بما يتناسب مع قوانين اتفاقية روما، خصوصاً في الأحكام القضائية وإلغاء حكم الإعدام وما شابه ذلك، علماً بأن هناك دول ترفض الانضمام إليها حتى لا تلتزم بقوانينها وقراراتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، خوفاً من ملاحقة هذه الدول قضائياً على الجرائم التي ارتكبوها بعد عام 2002، حيث إنه حسب قانون المحكمة الجنائية، تكون الملاحقة القانونية محددة زمنياً منذ عام 2002، وهو تاريخ إنشاء المحكمة وما بعدها، وليس قبل ذلك، بمعنى أنه لا يجوز رفع قضايا وملاحقة قانونية لأي عمليات وجرائم حرب تمت قبل عام 2002.
ويمضي أبو شعبان ليقول: حتى تستطيع أي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية التوجه إليها لرفع قضية معينة، فإنه يجب أن تقام الدعوى باسم الدولة العضو نفسها، ويجب أن تكون الدولة المدعى عليها أيضًا، موقعة ومصادقة على اتفاقية روما، وأن تكون عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، وإذا لم تكن الدولة المدعى عليها عضوًا في المحكمة، فإنه لا يجوز رفع دعوى عليها إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي وطبقاً للبند السابع فقط.
معاقبة إسرائيل
ويضيف: من هنا يتضح لنا أن انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، لا يسهم كثيرًا في تحقيق الهدف الفلسطيني في معاقبة إسرائيل على الجرائم والمجازر التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني بعد عام 2002، وهي بالمئات أو أكثر فيما لو قمنا بحصرها، بل إن انضمام فلسطين قد يسهم أحياناً إسهاماً سلبياً على الشعب الفلسطيني وقياداته وفصائله ومناضليه، وذلك لوجود بعض المعوقات التي تعيق ملاحقة إسرائيل قضائيًا، والأصعب والأهم هو معوقات أخرى لها تأثير سلبي في الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية والنضال الفلسطيني بصورة عامة.
ويشير أبو شعبان إلى أن السلطة الفلسطينية لن تستطيع الذهاب مباشرة إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبار أن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، وليست مصادقة على ميثاق روما، وحتى يصل ملف القضايا الإسرائيلية إلى الجنائية الدولية لابد من معركة داخل مجلس الأمن الدولي ليحيل تلك القضايا إلى المحكمة تحت الفصل السابع، وهذا ما لم يتأتى لفلسطين فعله في ظل الظرف الراهن داخل مجلس الأمن والمؤسسات الدولية.
ورغم اتفاق د. ليلى مع أبو شعبان فيما ذهب إليه، إلا أنها تقول إن الملف الفلسطيني ليس الغرض منه بشكل رئيسي وضع نتانياهو أو غيره من قيادات إسرائيل في قفص الجنائية الدولية، وإنما وضع النظام الدولي كله في ذلك القفص، وتفسر بالقول إن السلطة عندما تقدم طلباً للمحكمة الجنائية للتحقيق في جرائم إسرائيل سترد المحكمة بأن نظامها الأساسي لا يسمح لها بمباشرة التحقيق في تلك الجرائم باعتبار أن إسرائيل غير موقعة، وسيتوجه الفلسطينيون إلى مجلس الأمن لرفع الملف للجنائية إعمالاً للنظام الأساسي، وسيجد مجلس الأمن نفسه في موضع حرج كبير.