تواصل حملة «قوافل السلام الدولية» التي ينظمها مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس المجلس، مرحلتها الثانية التي بدأت في الـ25 من شهر يونيو الجاري وتستمر خمسة أيام لنشر ثقافة السلم في مختلف بلدان العالم سواء التي تشهد نزاعات طائفية أو التي تضررت بانضمام أفراد منها مؤخرا لتنظيمات إرهابية.
وتسعى القوافل من خلال الحملة إلى تنفيس الاحتقان الديني وتعزيز السلم المجتمعي في قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا.
وتوجهت القافلة الأولى إلى العاصمة الفرنسية باريس والتقت عددا من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي تلبية لدعوة عضو المجلس وزير العدل الأسبق السيناتور جونمار يبوكل لحضور مائدة مستديرة تحت عنوان «الإسلام الوسطي في مواجهة التطرف والتعصب وحوار الأديان».
وناقشت القافلة أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به مجلس حكماء المسلمين والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من خلال التواصل مع الثقافات المختلفة، وذلك لنشر ثقافة السلام وتعزير التعايش المشترك وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي يتم ترويجها ضد الإسلام والمسلمين.
لقاءات
والتقى الوفد عميدة كلية الآداب بالجامعة الكاثوليكية الدكتورة آن باني التي أعربت عن تقديرها لنشاط مجلس حكماء المسلمين بقيادة فضيلة الإمام الأكبر.. بجانب لقائه رئيسة جمعية النساء العرب في باريس زينة الطيبي للتعريف بأهداف مجلس حكماء المسلمين في ضوء اهتمامها بشؤون المرأة بصفة عامة ومن منظور إسلامي بصفة خاصة وأقام أعضاء القافلة إفطار عمل مع اتحاد مساجد فرنسا ومرصد باريس للدراسات الجيوسياسية.
وتم التركيز على مجالين رئيسين هما، دعم مجلس حكماء المسلمين في مجال تدريب الأئمة واقتراح إنشاء مركز أو معهد لتدريبهم وعقد دورات حرة في الدراسات الإسلامية تحت رعاية مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع الأزهر الشريف.
وألقى أحد أعضاء الوفد خطبة الجمعة في مسجد العصر في منطقة أنتوني وعقبها لقاء مع المصلين لاسيما الشباب للاستماع إليهم والرد على تساؤلاتهم وتوعيتهم من مخاطر الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة.
قيم السلم
وتهدف قافلة باريس إلى غرس قيم السلم والحوار والتسامح والتعاون والتعايش بين المجتمعات والشعوب، لا سيما في الشباب من خلال التنسيق والتعاون مع الهيئات العلمية المعتبرة في فرنسا بما يتوافق مع وسطية الإسلام ويعزز القدرة على العيش المشترك ويحقق العدالة والمساواة باعتبارهما قيما إنسانية يحث الإسلام على جعلها واقعا يحمي الشعوب والأمم من الوقوع فى براثن الخلافات والصراعات والحروب.
أما القافلة الثانية فتوجهت إلى جمهورية أفريقيا الوسطى برئاسة محمد جميعة مدير عام الشؤون الفنية في مكتب شيخ الأزهر وعضوية كل من الدكتور عبده محمد توفيق عضو مرصد اللغات في مشيخة الأزهر والدكتور مبارك حسين يوسف معيد في شعبة الدراسات الإسلامية باللغة الفرنسية في مرصد اللغات في مشيخة الأزهر.
عوامل
وخلال تعليقه على معاناة الجانبين في جمهورية أفريقيا الوسطى قال الدكتور محمد جميعة رئيس وفد القافلة، إن ما تعانيه المجتمعات الإنسانية من حروب وصراعات طائفية ترجع في المقام الأول إلى العديد من العوامل والأسباب التي تأتي في مقدمتها الثقافات المغلوطة التي تلقن الناس جرعات مسمومة فتدفع الناس للعداوة والبغضاء وتجرهم للمكيدة والكراهية، ولو أنهم فهموا ووعوا ثقافة السلم وقبول الآخر لهدتهم من ضلالة وعلمتهم من جهالة ولعلمتهم آليات الحوار والمحبة والسلم والتسامح والتعايش. وأشار إلى أن تلك الآليات من أهم أهداف وأولويات مجلس حكماء المسلمين فلا فرق بين مسلم ومسيحي أو بين مواطن وآخر.
وكرم الوفد القساوسة والأئمة وتسليمهم هدايا رمزية من مجلس حكماء المسلمين على أن يقوم الوفد برد الزيارة إلى الكنائس مع لفيف من علماء وأئمة جمهورية أفريقيا الوسطى وتم الاتفاق على بدء تنفيذ برامج وأنشطة مشتركة بين شباب المسلمين والمسيحيين على مختلف الصعد والميادين الاجتماعية والثقافية والفكرية.
سماحة الإسلام
وفي إطار المرحلة الثانية من قوافل السلام الدولية، توجهت القافلة الثالثة إلى العاصمة الإيطالية روما برئاسة سفراء السلام الدكتور صلاح رمضان أستاذ في قسم اللغة الإيطالية في جامعة الأزهر وعضوية كل من الدكتور عبد الوهاب إبراهيم عبد الجواد معيد في قسم اللغة الإيطالية والدكتور الرفاعي الشحات عبد ربه معيد في قسم اللغة الإيطالية. ونظمت القافلة عدداً من اللقاءات والفعاليات للتعريف بسماحة الإسلام وتحصين شباب المسلمين في الخارج من أفكار الغلو والتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر ثقافة السلم في المجتمعات.
وبحث أعضاء القافلة وعدد من أبرز الشخصيات من الجالية المسلمة في روما الصعوبات التي تواجههم كمسلمين يعيشون في بلد أوروبي، إضافة إلى عقد لقاء مع أبناء الجالية المسلمة من الشباب للوقوف على أهم التساؤلات التي تدور في أذهانهم وتقديم الإجابات الشافية لها وفق المنهج الوسطي القويم.
ويتضمن برنامج القافلة عددا من الدروس الدينية، إضافة إلى إلقاء خطب الجمعة في بعض مساجد روما وتنظيم يوم دعوي في أحد ميادين العاصمة الإيطالية لتعريف غير المسلمين بسماحة الدين الإسلامي والإجابة عن الأسئلة المطروحة منهم، وسيتم في ختام الرحلة زيارة معهد «سانت إيجيديو» في مدينة فلورنسا التاريخية للمشاركة في ندوة حول «قيم التسامح والتعايش مع الآخر في الإسلام».
باكستان وإندونيسيا
أما القافلة الرابعة فستتوجه إلى باكستان برئاسة الدكتور يوسف عامر أستاذ اللغة الأردية وآدابها المشرف على القسم الأردي بمرصد المشيخة وعضوية كل من الدكتورة رهام عبدالله باحثة بقسم اللغة الآردية وآدابها والدكتورة أسماء شعبان محمد عضو المرصد بمشيخة الأزهر.
وتتوجه الخامسة إلى إندونيسيا برئاسة الدكتور سعيد عطية أستاذ الدراسات العبرية والعهد القديم في الأزهر والدكتور حسني متولي دكتوراه في التاريخ الإيراني الحديث عضو مرصد اللغات في مشيخة الأزهر والدكتور أحمد خليفة شرقاوي دكتوراه في الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في طنطا.
رسالة
وتهدف رسالة قوافل السلام الدولية إلى تأصيل ثقافة السلم في صحيح الإسلام وتعزيز التعايش والوئام بين المسلمين وأبناء الأديان الأخرى، إضافة إلى تشجيع الشباب المسلم على الاندماج الاجتماعي الإيجابي والحرص على قوانين الدول التي تستضيفهم ويعملون فيها مستلهمين الهدي القرآني الكريم والبيان النبوي الشريف، وذلك من خلال تنظيم أنشطة دعوية علمية مكثفة في شهر رمضان تشمل عقد ندوات دينية ولقاءات فكرية ومحاضرات علمية في عدد من المؤسسات الدينية والأكاديمية بهدف تصحيح المفاهيم واستئصال الغلو والتطرف وتخفيف حدة التوتر الديني الذي يحيط بكثير من المجتمعات المسلمة في الدول الأجنبية.
يعرف الحكماء المسلمون مجلسهم، على أنه هيئة دولية مستقلة تهدف لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وتجنبيها عوامل الصراع والانقسام.
والمجلس مستقل في إدارة شؤونه والتعبير عن رأيه في القضايا التي يتصدى لها غير تابع لوصاية أو ولاية أي من الحكومات أو المنظمات، ويتكون من مجموعة من علماء الدين الإسلامي تتميز بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطية وتعمل على إصلاح ذات البين في المجتمعات المسلمة وتجنيب العالم الإسلامي أن يصبح ساحة للتدخلات الأجنبية والتقسيمات والصراع يراعي التنوع والتعدد والتمثيل العالمي للمجتمعات المسلمة.