تتواصل التسريبات والتلميحات الصريحة إلى أن رئيس الوزراء العراقي السابق نائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي يسعى، بعد إطاحته وتسليمه منصباً دون صلاحيات دستورية، إلى العودة إلى الأضواء مجددا وتسلم زمام القيادة السياسية في بغداد من بوابة الحرب على تنظيم «داعش» المتطرف.

وبحسب مسؤولين أميركيين وعراقيين، فإن المالكي لا يزال يقود البلاد من وراء الستار ويخطط للعودة إلى السلطة، فهو واحد من نواب الرئيس الثلاثة في البلاد، كما أنه الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، الذي ضم آخر ثلاثة رؤساء وزارات، إلى جانب علاقاته القوية والمعلنة مع إيران ومع ميليشيات قوية ظهرت بعد توسع «داعش» في العراق.

ويؤكد مسؤولون أن تحركات المالكي تأتي رداً على رفضه من العديد من قوى التحالف الوطني، كالتيار الصدري والمجلس الأعلى والقوى السنّية والكردية، إضافة إلى موقف المرجعية العليا التي ساهمت في إبعاده عن منصب رئيس الوزراء للدورة الثالثة، بعد توليه رئاسة الحكومة بين 2006 و2014.

فرض سيطرة

من جانبه، يوضّح عضو التحالف الوطني النائب في البرلمان علي البديري أن المالكي يسعى إلى فرض سيطرته على هيئة الحشد الشعبي، وذلك للتعويض عن فقدانه منصب القائد العام للقوات المسلحة خلال فترة حكمه، التي استمرت ثماني سنوات.

فيما يقول النائب في البرلمان العراقي رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات خالد المفرجي إن المالكي لا يزال يتمتع بنفوذ وسلطة واسعين في البلاد.

ووسط الانتكاسات المتوالية للجيش العراقي أمام هجمات «داعش»، عزت تقارير إخبارية فشل رئيس الوزراء حيدر العبادي في تنفيذ مهامه إلى استمرار تدخل المالكي في المشهد السياسي العراقي، من خلال حزب الدعوة ومنصبه الحالي، فضلاً عن بوابة قوات «الحشد الشعبي»، لاسيما بعد الحديث عن تنصيبه قائداً عاما لقوات الحشد.

أوامر الانسحاب

كـــــما كشفت تقارير صحـــافية أن المالكي يقـــف وراء إصدار أوامر بانسحاب القوات الخاصة، التي كان العبادي يعوّل عليها كثيرا للدفاع عن مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، والتي كان سقوطها مفتاح سيطرة المتــطرفين على عدة مدن ومناطق عراقية أخرى. فيما يرى خبراء أن المالكي ساهم بشكل مباشر في تسهيل دخول المتطرفين للمناطق ذات الغالبية السنّية لخدمة تطلعاته السياسية وانتماءاته الطائفية.

بدوره، يعتبر ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي أن المالكي يسعى إلى كسب ود فصائل المقاومة والحشد الشعبي من أجل استخدامهم إذا تعرض للمساءلة والتحقيق بشأن سقوط نينوى وعدد من المحافظات العراقية الأخرى بيد «داعش».

يأتي ذلك في وقت نشرت مجلة «فورن بوليسي» الأميركية مقالاً ذكرت فيه أن «القادة السياسيين داخل كتلة المالكي لا يريدون التحدث عن المستقبل السياسي لنائب الرئيس (المالكي)».

مؤامرة

واصل نوري المالكي تحميل ما وصفها بـ«المؤامرة» مسؤولية سقوط مدن أساسية ومنها الموصل في يد «داعش» قبل نحو عام، منتقدا الجيش الذي انسحب من معارك وانهارت قطعات منه في وجه هجوم التنظيم، داعيا إلى إعطاء الأولوية لقوات الحشد الشعبي، ما يعزز اتهامه بالسعي لاستعادة سلطاته من خلال تلك القوات.