فرض الوضع الليبي على دول المغرب العربي كسر الجمود، الذي ضرب اتحادهم، منذ أكثر من عقدين، إذ يرى مراقبون أن «اتساع دائرة الإرهاب وانتشار السلاح انطلاقاً من التراب الليبي باتا يمثلان الهاجس الأكبر للدول المغاربية الخمس، خاصة تونس والجزائر المجاورتين لليبيا، اللتين تواجهان خطراً مباشراً من التهديدات الإرهابية.
وفي هذا الإطار، دعا وزراء خارجية دول المغرب العربي كل الأطراف السياسية الليبية إلى الالتزام بالحوار الشامل والتوافقي، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في سبيل أمن ليبيا ودول الجوار، معلنين دعمهم جهود الأمم المتحدة الممثّة في مبعوثها برناردينو ليون لتسوية الأزمة الليبية.
وخلال اجتماعهم الثالث والثلاثين المنعقد في العاصمة المغربية الرباط قبل شهر ونيف، شدد الوزراء على أهمية استمرار جهود كل الأطراف للخروج بحل ينهي الأزمة الليبية، منددين بالإرهاب بجميع أشكاله وأنواعه باعتباره خطراً يهدد أمن واستقرار الدول المغاربية.
ووافق الوزراء على اعتماد نهج شامل يأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب والثقافية والتعليمية والدينية والاقتصادية والاجتماعية لمعالجة الأسباب الجذرية للتحديات الأمنية التي تواجهها هذه البلدان الخمسة، وقرروا تكثيف تبادل المعلومات والتعاون التام للحد من آفة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأوصى الاجتماع بتكثيف التعاون والتشاور والتنسيق على مستوى الاتحاد المغاربي للتصدي الجماعي لهذه التحديات، وتفعيل الآليات الكفيلة بمعالجة الأسباب العميقة للإرهاب وتجفيف منابعه الفكرية والمادية.
وتبنى وزراء داخلية بلدان اتحاد المغرب العربي، ورقة استراتيجية تهدف إلى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في الفضاء المغاربي والمنطقة المجاورة، وهي الوثيقة التي تنص على زيادة الرقابة على تجنيد المتطرفين، عبر شبكة الإنترنت، وعلى مراقبة عمليات غسل الأموال، من أجل تجفيف منابع تمويل الإرهابيين، إذ دعا المجلس إلى تعزيز الرقابة على شبكات الإنترنت، وخصوصاً الشبكات الاجتماعية، التي تعد من بين أهم الوسائل التي يستخدمها المجرمون لجذب الشباب، وأن الجماعات الإرهابية تستخدم هذه الشبكات لتجنيد الشباب وإرسالهم إلى مناطق النزاع.
تكتل مغاربي
ووفق مصادر دبلوماسية في العاصمة التونسية، فإن «دول المغرب العربي ورغم الخلافات السياسية بينها، فإنها تسعى إلى التكتل لمواجهة ارتدادات الأزمة الليبية»، حيث بات واضحاً التنسيق بين الأجهزة الأمنية بين الجزائر والمغرب وبين تونس والجزائر، وكذلك بين المغرب وموريتانيا، وبقية دول الساحل والصحراء كالنيجر ومالي وتشاد.
وتشير ذات المصادر إلى أن «الدول المغاربية الخمس تقوم بالتنسيق مع مصر ودول الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط كإيطاليا وفرنسا وإسبانيا ومالطا، في محاولة لصد مشروع الجماعات الإرهابية في المنطقة ومنها تنظيم «داعش» تشير التقارير المخابراتية إلى امتلاكه قدرات كبيرة في التنسيق بين فروعه وخلاياه النائمة».
انشقاق والتحاق
يأتي ذلك في حين أعلنت العديد من الكتائب المتطرفة في دول المغرب العربي انشقاقها عن تنظيم القاعدة والالتحاق بصفوف الموالين لتنظيم «داعش»، وتمردت مجموعات كثيرة على أمير القاعدة في الجزائر عبد المالك درودكال لتنشق عنه، وتعلن انضمامها إلى تنظيم «داعش»، مثل «كتائب التوحيد» بزعامة لملوم عمار المدعو زكريا الجيجلي، و«الاعتصام» و«عقبة بن نافع» الناشطة على الحدود التونسية- الجزائرية.
كما أكدت «كتيبة سكيكدة» مبايعتها للتنظيم ذاته، وظهرت مجموعة تطلق على نفسها اسم «جند الخلافة الأفريقية» أعلنت ولاءها لتنظيم «داعش»، وتبنت عملية جبل السلوم في ولاية القصرين التونسية، التي استهدفت أربعة عسكريين، وفي مناسبات عدة كشفت السلطات الموريتانية والمغربية عناصر وجماعات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، ما يدفع بدول المنطقة إلى توحيد صفوفها في مواجهة التهديدات، كما أكد ذلك وزير الداخلية التونسية ناجم الغرسلي.
رقابة إنترنت
أكدت دول المغرب العربي وضع خطة لتشديد الرقابة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما الشبكات الاجتماعية التي تعد من بين أهم الوسائل، التي يستخدمها المتطرفون لجذب الشباب وتجنيد الإرهابيين.
وأشارت إلى أن «الجماعات الإرهابية والمسلحة تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي، لتجنيد الشباب وإرسالهم إلى المناطق التي تتواجد فيها الصراعات والنزاعات مثل سوريا والعراق»، مطالبة دول العالم تعزيز الرقابة على عمليات غسل الأموال، من أجل تجفيف منابع تمويل الإرهابيين.