أزاحت فرحة العيد مشاهد الدم والدمار في بعض المدن العربية إلى حين وارتفعت مكبرات الصوت في العديد من بلدان العالم مهللة ومكبرة بفرحة أول أيام الفطر المبارك وإبتهل ملايين المسلمين في صلاتهم إلي الله بان يعم السلام العالم .واكتظ الحرم المكي الشريف في السعودية بنحو مليوني مصل، في حين امتلأت باحات الحرم القدسي بمئات الآلاف وقاومت سوريا والعراق وليبيا واليمن آثار الحروب الدائرة فيها مظهرة مشاهد احتفالية.
وفي مكة أدى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الصلاة في الحرم المكي الشريف، وفي وقت سابق، دعا خادم الحرمين الشريفين إلى الوقوف في وجه التنظيمات الشريرة، منبع التطرف والإرهاب من خلال التمسك بمبادئ الإسلام السمحة، وقال في كلمة له بمناسبة العيد، «اليوم أمتنا العربية والإسلامية بأمس الحاجة إلى التمسك بمبادئها على نحو ما كانت عليه في عصور القوة والمنعة، لتقف في وجه التنظيمات الشريرة، منبع التطرف والإرهاب، ولن يتأتى ذلك إلا بعد التوكل على الله ثم تضافر الجهود، وتوحيد الكلمة، وتغليب جانب العقل والحكمة، لنجنب أوطاننا وشعوبنا هذه الفتن، فديننا دين محبة وسلام، يدعو إلى تقبل الآخر واحترامه والتعايش معه».
وأضاف أن احتفاء المسلمين كافة بعيد الفطر المبارك هو مظهر من مظاهر التلاحم، وعنصر من عناصر الوحدة بين سائر أبناء الأمة الإسلامية، وحدة تجمع المسلمين مهما اختلفت أماكنهم ولغاتهم، وتنشر معاني التراحم والتعاطف والمحبة والسلام، باعتبارها من قيم الإسلام النبيلة التي دعا الناس إليها قبل أربعة عشر قرناً، وتربى عليها المسلمون وتعلموها.
القدس تهزم إجراءات الاحتلال
وفي القدس، اتخذت إسرائيل تدابير أمنية مكثفة على مداخل المدينة، وبوابات الحرم القدسي، إلا أن ذلك لم يمنع آلاف المصلين من الضفة الغربية من الصلاة داخل الحرم.
وشهدت الكويت المزيد من التلاحم بين مكوناتها وشهدت منازل ضحايا التفجير الإرهابي توافد المهنئين بالعيد بينما فرضت السلطات الأمنية إجراءات مشددة على أماكن أداء الصلاة التي أقيمت وسط أجواء روحانية عالية وطمأنينة كاملة.
وفي مصر أدى الملايين صلاة العيد، كما فتحت المتنزهات والحدائق العامة أبوابها لاستقبال المواطنين احتفالاً بالعيد. وفيما لم تمنع براميل الأسد السوريين من أداء الصلاة وإظهار الاحتفاء بالعيد حرصت أجهزته على إظهار صور الرئيس السوري الذي تضعضعت سلطته وهو يؤدي الصلاة في جامع الحمد بدمشق.
واستقبل اليمنيون العيد بثلاث خطب سياسية من الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي والمخلوع علي عبد الله صالح وزعيم الانقلابين عبد الملك الحوثي، بينما كان العيد في عدن مختلفاً عن بقية المدن التي ترزح تحت سيطرة المتمردين واحتفى اليمنيون في المدينة المحررة وتبادلوا التهاني بالعيد والتحرير في آن واحد.
بينما مر العيد في ليبيا هادئاً رغم الحرب الدائرة هناك وشهدت المدن الليبية اصطفاف عشرات آلاف المصلين في الساحات العامة والمساجد بينما تجمعت بعض الأسر في الحدائق العامة.
ووسط إجراءات أمنية مشددة أدى التونسيون صلاة العيد داخل المساجد وفاحت منذ ساعات الصباح الأولى رائحة البخور من معظم البيوت، وتوجه المصلون بلباسهم الجديد إلى الجوامع من أجل أداء صلاة العيد.
أوباما يشيد ويهنئ
وصورت طائرة من دون طيار عشرات آلاف المسلمين وهم يؤدون صلاة العيد في مركز العاصمة الروسية موسكو في مشهد مهيب. في وقت تمنى الرئيس الأميركي باراك أوباما للمسلمين في الولايات المتحدة والعالم «عيداً مباركاً»، مشيداً بالمبادرة التي أطلقتها بلدية نيويورك لجهة جعل هذا العيد يوم عطلة مدرسية.
وقال أوباما في بيان إن «يوم العطلة هو وسيلة لتذكير كل أميركي بأهمية احترام جميع الديانات والمعتقدات»، مشيداً بالمبادرة التي قامت بها مدينة نيويورك من خلال إضافة عيدي الفطر والأضحى إلى أيام العطلة المدرسية، وأضاف أن هذا القرار يمثل «اعترافاً بالتنوع والطابع الشمولي اللذين يضيفان إلى ثراء أمتنا».
شوارع سوريا تبحث عن فرح الأطفال
في سوريا.. العيد لم يمر من هنا.. عبارة ترسم ملامح مأساة شعب لم يعرف طيلة السنوات الأخيرة سوى لون الدماء، ونظام ارتكب أبشع الجرائم، ليسطر تاريخاً من الوحشية يجعله الأكثر دموية في التاريخ الحديث.
النظام السوري أبى أن تدخل الفرحة قلوب شعبه في السنوات الأخيرة، وازدادت قساوته أمس حينما قصف غالبية مدنه بالبراميل المتفجرة والغازات السامة المحرمة دولياً في أول أيام عيد الفطر بعدما قصفت طائراته المروحية المدن شمال وجنوب البلاد.
فسوريا البلد التي اشتهرت بالحلوى والكعك في المناسبات حولها الأسد لساحة من الدماء، فالطقوس التي تعود عليها السوريون في أعيادهم اختفت، وأصبح البديل هو حفر الخنادق قبيل الأعياد والاختباء فيها.
الخوف بات مألوفاً، لكنه يزداد، يومياً بزيادة وحشية النظام وقمعه كلما تضعضع وضعه فأطفال سوريا لم يستطيعوا الاحتفال بالعيد، الشوارع التي كانت تكتظ بهم لم يعد لها وجود قبل أن تمتلئ بالجثث، حتى أن البراءة والحس الطفولي لم يعد له وجود لديهم، «الفطر يبحث عن أطفال».
الأعياد لم تمر من داخل سوريا فقط، بل ضربت اللاجئين واللاجئات السوريات ممن يعشن حياة مؤلمة منذ قرابة الـ5 سنوات، تعرضن فيهن إلى الحرمان من الوطن، وباتت يومياتهن معاناة وآلاماً.
فمشردو سوريا مزقتهم أوطان الأشقاء، مخيمات في كل مكان، وعالقون قست عليهم الطبيعة على الحدود، ولاجئات لم يستطعن الاحتفال بعيد الفطر، نسين طقوس الأعياد من كثرة الدماء.