«المحروسة» يدشن القناة الأولى والثانية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدأ حفل افتتاح قناة السويس الجديدة باستقلال الرئيس عبد الفتاح السيسي اليخت «المحروسة» لتجوب القناة في عرض بحري، تتوسط فيه المحروسة وحدات بحرية. ولم يكن من المصادفة أن يأخذ هذا اليخت هذا الدور الاحتفالي الهام، فتاريخ اليخت «المحروسة» يحكي تاريخ مصر المعاصر، ويختزل في جوانبه ذكريات لا حصر لها وأحداثا عديدة كان شاهدا عليها. فهو تحفة بحرية من أندر القطع البحرية في العالم الآن.

ولمن لا يعرف اليخت «المحروسة»، فهو أحد القصور الملكية العائمة، بما يحتويه من مقتنيات وأثاث ومشغولات ومفروشات يرجع تاريخها إلى ثلاثة قرون مضت من الزمان. وهو اليخت الذي كان أول قطعة بحرية تعبر قناة السويس في 17 نوفمبر عام 1869، حيث اشترك اليخت في افتتاح قناة السويس للملاحة البحرية للمرة الأولى، وعلى متنه العديد من الأمراء والملوك والرؤساء، ومنهم الإمبراطورة أوجيني إمبراطورة فرنسا زوجة نابليون الثالث.

وإذا عدنا إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ذلك العصر الذهبي لليخوت الملكية نجد أن الخديوي إسماعيل أمر ببناء يخت مصري، أطلق عليه اسم «المحروسة»، حيث مر في مقدمة السفن عند افتتاح قناة السويس سنة 1869.

أكبر السفن الملكية

وكان اليخت «المحروسة» آنذاك من أكبر السفن الملكية على الإطلاق، وتمت زيادة طول المركب مرتين في عام 1872 حيث زاد طوله اثني عشر مترا، ثم في عام 1905 حيث زاد طوله خمسة أمتار، كما أعيد تجهيز اليخت عام 1950. وهو الآن بالإسكندرية تستعمله البحرية المصرية للتدريب، وصار مزارا لكبار ضيوف الدولة.

ومن الملفت أن اليخت «المحروسة» يعد أقدم سفن العالم التي ما زالت تبحر وتستعمل، بل إنه أيضًا مازال يعتبر من أكبر اليخوت في العالم (حيث جاء ترتيبه عام 2013 السابع ضمن أكبر عشرة يخوت في العالم)، وذلك بالرغم من قِدَمه حيث أبحر منذ ما يقرب من 150 عامًا.

لقرنٍ ونصف من العمر واكبت قصة «المحروسة» تاريخ مصر، ومن ثم كان علينا في مكتبة الإسكندرية أن نسجل لهذا التاريخ ونوثق قصة اليخت «محروسة».

وقد كان سعي الخديوي إسماعيل لتدعيم الأسطول البحري الخديوي بقطعة ملكية فريدة ومتميزة- هو الدافع الحقيقي لبناء اليخت «المحروسة»؛ حيث أمر بصنع يخت خاص لركوبه في ترسانات لندن.

وفي إبريل 1865م، أتمت بناءه شركة سامودا، التي يقع مقرها في لندن، وأبحر اليخت لأول مرة في شهر أغسطس 1865 من ميناء لندن، وسُمِّي بـ«محروسة»، ووصل اليخت إلى الآستانة حيث كان الخديوي هناك آنذاك فاستقله إلى الإسكندرية.

شاهد وسجل

وقد كانت السنوات التي احتضنت فيها المياه المصرية اليخت «المحروسة» شاهدا وسجلاًّ على زيارات ورحلات أثرت في تاريخ مصر الحديث، بل وغيرت مجراه في رحلات أخرى. بدأت شهرة هذا اليخت من مشاركته في احتفاليات افتتاح قناة السويس في نوفمبر 1869م، وكان رفيقَ الخديوي إسماعيل في رحلته لدعوة ملوك وأمراء أوروبا لحضور حفل افتتاح قناة السويس.

اليخت «محروسة» كان أول سفينة تعبر قناة السويس- والتي تعتبر علامة بارزة في إطار التطوير الملاحي المصري - عند افتتاحها صباح يوم 17 نوفمبر عام 1869م، وعلى متنه الخديوي إسماعيل، والإمبراطورة أوجيني، وأمير وأميرة هولندا، وإمبراطور النمسا؛ فرانسوا جوزيف، ووليّ عهد ألمانيا؛ الأمير فريدريك، وغيرهم من ملوك وأمراء أوروبا. ثم يأتي بعد ذلك إقلاله للخديوي إسماعيل عام 1879م للإقامة بإيطاليا، وذلك بعد عزله عن حكم مصر، وتولي ابنه «توفيق» باشا الحكم من بعده. كذلك في عام 1899م، عندما أبحر اليخت من الإسكندرية إلى بورسعيد مقلاًّ الخديوي عباس حلمي الثاني للاحتفال بإزاحة الستار عن تمثال المهندس الفرنسي «فرديناند ديليسبس»؛ الذي أشرف على عملية حفر قناة السويس. v«محروسة» الخديوي عباس حلمي الثاني إلى تركيا؛ حيث مُنع من العودة بأوامر سلطات الاحتلال الإنجليزي. واستمر اليخت في ميناء «الآستانة» حتى 3 يناير 1919؛ نظرا لنشوب الحرب العالمية الأولى. كما كان اليخت مخصصاً لنقل ملوك وأمراء ورؤساء الدول الشقيقة والصديقة أثناء زيارتهم لمصر أو زيارة الملوك والرؤساء المصريين لبلادهم.

ومن أشهر الرحلات التي قطعها اليخت، رحلة الملك فاروق الأول بعد قيام ثورة 1952، في مصر في 26 يوليو عام 1952، وذلك للإقامة في إيطاليا مثل جده الخديوي إسماعيل. وقد تغير اسم اليخت من «المحروسة» إلى «الحرية» في 18 يوليو عام 1956، وذلك بأمر رئاسي من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وظل اليخت يحمل اسم «الحرية» في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث شارك في العديد من المحافل الدولية، أشهرها الاحتفال بالعيد المئوي الثاني لاستقلال الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث زار اليخت موانئ نيويورك، وفيلادلفيا، وشارلستون. وأبحر اليخت «الحرية» في أطول رحلة له على الإطلاق (12.700) ميل بحري، وكان محل إعجاب واهتمام الشعب الأميركي على جميع مستوياته الرسمية والشعبية.

مشاركات

في 5 يونيه 1975، شارك اليخت ذاته بعد أن تغير اسمه بعد ثورة يوليو 1952 ليصبح اليخت «الحرية» في الافتتاح الثاني لقناة السويس، وعلى ظهره الرئيس الراحل محمد أنور السادات. كما شارك اليخت مدينة «العريش» في الاحتفال برفع العَلم الشريف؛ احتفالاً بتحرير سيناء العزيزة في يوم 25 أبريل 1979م.

Email