أكد وزير شؤون الإعلام البحريني عيسى عبدالرحمن الحمادي تواصل مسيرة الإصلاح السياسي والديمقراطي في البحرين وترسيخ العدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون في إطار المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة.. مع تطبيق الإجراءات القانونية في مواجهة التطرف والإرهاب.

وأشار الحمادي، في حوار موسّع مع «البيان»، إلى التدخلات الإيرانية في شؤون بلاده التي تمثل انتهاكات صريحة للمواثيق الدولية فقال إنّ السلطات البحرينية «مستمرة في مواجهتها على عدة مستويات أمنية وسياسية وإعلامية» بجانب تكثيف الجهود الأمنية في محاربة الإرهاب وتفكيك خلاياه، مطالباً إيران احترام مبادئ حسن الجوار وعدم السماح باستغلال أراضيها ومنابرها في تصدير الإرهاب وتهديد أمن الخليج.

وأشاد الحمادي بعمق ومتانة العلاقات الأخوية التاريخية البحرينية الإماراتية باعتبارها نموذجاً في العمل العربي المشترك، ولبنة أساسية في تدعيم مسيرة مجلس التعاون الخليجي نحو الاتحاد، وإنشاء قوة اقتصادية وعسكرية موحدة وقادرة على مواجهة المخاطر والتحديات.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار بين الحمادي «والبيان» والذي ركّز فيه الوزير على مشاركة البحرين في التحالف الدولي ضد «داعش» والتحالف العربي الإسلامي لترسيخ الشرعية في اليمن ومواجهة العنف والإرهاب الذي يستهدف أمنها وأمن الخليج.

هناك تدخلات إيرانية في شؤون البحرين.. هل هناك من تحرك فعلي وعملي تجاه هذه التدخلات المستمرة؟

البحرين تضررت كثيراً من تدخلات إيران في شؤوننا الداخلية، وبوسائل سياسية وإعلامية تم من خلالها التحريض على الطائفية والكراهية وزعزعة الأمن والاستقرار في المملكة ودول الخليج، بجانب ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية في الكشف عن العديد من خلايا التجسس والإرهاب التي تلقت تدريباتها في العراق وترتبط بالحرس الثوري الإيراني وما يسمى حزب الله.

هذه التدخلات الخطيرة في شؤوننا تمثل انتهاكات صريحة للمواثيق الدولية، وعملنا على مواجهتها على عدة مستويات أمنية وسياسية وإعلامية من خلال تكثيف الجهود الأمنية في محاربة العنف والإرهاب وتفكيك خلاياه والقبض على عناصر الإجرام بالتنسيق مع الدول الخليجية والانتربول.

وعلى الصعيد السياسي طالبنا في القمم والاجتماعات الخليجية والعربية الرسمية، والمحافل الإقليمية والدولية إيران باحترام مبادئ حسن الجوار والأخوة الإسلامية وعدم السماح باستغلال أراضيها ومنابرها الإعلامية في تصدير الإرهاب وتهديد الأمن القومي الخليجي، وأكدنا ضرورة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، لاسيما الجزر الإماراتية الثلاث، وعدم التدخل في شؤون العراق وسوريا واليمن ولبنان، من أجل أمن واستقرار المنطقة، واحترام الشرعية الدولية.

هل من تأثيرات محتملة للاتفاق النووي؟

نأمل أن يكون الاتفاق النووي عاملاً مساعداً في إلزام طهران بالتعاون الإقليمي والدولي في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتطوير علاقاتها الخارجية على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتوقف عن إثارة القلاقل الداخلية والاضطرابات الطائفية، وأن تتعاون بشكل جاد في خدمة وتحقيق آمال وتطلعات الشعب الإيراني وشعوب المنطقة في الأمان والتقدم والرخاء الاقتصادي والاجتماعي.

اجراءات وقائية

بعد التفجيرات التي حدثت في السعودية والكويت، ما هي الإجراءات التي اتخذتها البحرين في ما يتعلق بحماية دور العبادة؟

التفجيرات الإرهابية الآثمة التي استهدفت المصلين الأبرياء في السعودية والكويت جرائم ضد الإنسانية، وتنتهك التعاليم الدينية والقيم الأخلاقية والمواثيق الدولية، ونعرب عن خالص تعازينا وتضامننا مع أهالي الشهداء، واستنكارنا لهذه الجرائم الدخيلة على مجتمعاتنا.

ضد الإرهاب

الإرهاب عدو للدين والوطن والإنسانية، والبحرين، قيادة وحكومة وشعباً، تقف وقفة واحدة ضده ونجح الأمن في إحباط مخططات إرهابية.

وتقوم البحرين عبر أجهزتها الأمنية بواجباتها في تكثيف الإجراءات لحماية دور العبادة وتأمين المنشآت الحيوية وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ونقوم بالتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات مع الأشقاء الخليجيين في محاربة التنظيمات الإرهابية، وتشديد إجراءات الوقاية وحماية الحدود.

ونعتقد أن محاربة الإرهاب لا تقتصر على المعالجة الأمنية فقط، وإنما في ضرورة تحمل رجال الدين في جميع الأديان والمذاهب مسؤولياتهم في التوعية ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي، ونبذ الكراهية والعنصرية، وإزالة جميع مسببات الفتنة والأحقاد، والمسؤولية أيضاً ملقاة على المواطنين في التمسك بالوحدة الوطنية، والتعبير عن آرائهم بأمانة ومسؤولية لاسيما في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والابتعاد عن الشائعات وكل ما من شأنه إحداث الفتنة أو التخريب أو ترويع الآمنين.

محاربة الأرهاب

كيف تشارك البحرين في محاربة الإرهاب الذي تعيشه المنطقة في الشمال (داعش) وفي الجنوب (الحوثيون)؟

البحرين شريك أساسي في التحالف الدولي ضد «داعش» والتحالف العربي الإسلامي لترسيخ الشرعية في اليمن، وتقوم قوة دفاع البحرين بجهود مخلصة في الحرب ضد الإرهاب وحماية الأمن القومي الخليجي وفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية والعربية والخليجية، مؤكدين تضامننا الكامل مع الجهود الخليجية والعربية في محاربة الإرهاب.

من خلال تفعيل الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون والإسراع في الانتقال نحو الاتحاد، وتشكيل قوة عربية وفقا لقرارات القمة العربية، بما يسهم في صيانة الأمن القومي العربي وحمايته من الأعمال الإرهابية والأخطار الخارجية، باعتبار أن أمن الخليج والعرب كل لا يتجزأ.

ونرى أن هناك حاجة ماسة لتعزيز الجهود الإقليمية والدولية في محاربة التنظيمات الإرهابية، واجتثاثها من جذورها مالياً وتنظيمياً وفكرياً وإعلامياً، وتحصين الشباب وصغار السن من التغرير بهم أو استخدامهم وقوداً في عمليات إجرامية.

العلاقات مع الإمارات نموذج

ما هو تقييكم لمستوى العلاقات الإماراتية البحرينية؟ وفي ظل التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية في المنطقة، هل بات التوجه إلى الاتحاد الخليجي ملحاً؟

علاقات الإمارات والبحرين أخوية وثيقة بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين وتضرب بجذورها في أعماق التاريخ على أسس من الود والاحترام المتبادل، ووحدة الدم والمصير والروابط الثقافية والحضارية والدينية والمجتمعية، ووشائج القربى والمصاهرة، لتمثل نموذجا في الأخوة والعمل العربي المشترك، ولبنة أساسية في مسيرة مجلس التعاون نحو الاتحاد الخليجي المبارك.

والبحرين لا تنسى أبداً المواقف الأخوية الثابتة من قبل أشقائها في الإمارات ودول التعاون إلى جانب أمنها واستقرارها ومساندتها إعلاميا وسياسيا واقتصاديا وتنمويا، بما يجسد أسمى معاني الترابط والتلاحم والتضامن.

وأعتقد أنّه في ظل الظروف والتحديات الراهنة إن الاتحاد الخليجي أصبح واقعاً في قلب كل مواطن خليجي وضرورة حتمية من أجل بناء قوة اقتصادية وعسكرية موحدة وقادرة على مواجهة المخاطر والتحديات التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة.

يمضي هذا الاتحاد وفق مساره الطبيعي تنفيذًا للمادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون 1981، بعد إعلان الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والاتحاد النقدي الخليجي، وتفعيل الاتفاقية الأمنية الخليجية، وتوافق أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على إنشاء قيادة عسكرية موحدة كخطوة نحو تفعيل قوات درع الجزيرة وبناء جيش موحد.

بعد الحكم بالإعدام على المتسببين في قتل الشهيد طارق الشحي، لا يزال الشارع الإماراتي ينتظر تنفيذ هذا الحكم؟ إلى أين وصلت حيثيات القضية؟

بداية أتقدم بخالص التعازي والمواساة إلى الشعبين الإماراتي والبحريني وعائلة شهيد الواجب طارق الشحي الذي استشهد ضحية لأعمال العنف والإرهاب مع شرطيين آخرين، وأصدرت المحكمة الجنائية الكبرى الرابعة حكمها يوم 26/2/2015 بإعدام ثلاثة من المتهمين والسجن المؤبد لآخرين وإسقاط الجنسية عن ثمانية، بعد إدانتهم بتشكيل جماعة إرهابية ضمن تنظيم ما يسمى سرايا الأشتر. والقصاص العادل حق ومطلب عام، وهذا الحكم سيخضع بحسب الإجراءات القانونية المتبعة لمحكمة التمييز.

حملات إعلامية

تعرضت مملكة البحرين لحملات إعلامية مضادة.. ما هي سبل المواجهة؟

الإعلام البحريني يشهد طفرة إيجابية غير مسبوقة تماشياً مع التطور الديمقراطي في إطار المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، في وجود 22 صحيفة ومجلة يومية وأسبوعية، و38 مجلة شهرية، وتسعة مواقع الكترونية إخبارية، وست قنوات تليفزيونية و10 محطات إذاعية، وإنشاء الهيئة العليا المستقلة للإعلام والاتصال، وجارٍ إعداد مشروع قانون جديد أكثر شمولاً وتطورًا للإعلام والاتصال، فيما يمارس الصحافيون والإعلاميون رسالتهم دون ترهيب أو قيود أو رقابة مسبقة.

ولا يخفى أن البحرين تعرضت منذ أحداث 2011 لحملات تضليل وتشويه إعلامي في عدد من وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات الحقوقية الغربية نتيجة للاعتماد على معلومات مغلوطة أو تبني رؤية سياسية منحازة أو خطابات عدوانية تحرّض على العنف والإرهاب في 40 قناة فضائية مملوكة لإيران أو تابعة لها أو مدعومة من قبلها.

 وكانت البحرين حريصة على مواجهة هذه الحملات المضادة عبر توضيح الحقائق، والتواصل مع الجهات الأجنبية لاطلاعها على حقائق التطورات، واتخاذ إجراءات رسمية ضد القنوات الطائفية، ما أفضى إلى اعتذار قناة المنار إلى هيئة شؤون الإعلام البحرينية أمام اتحاد إذاعات الدول العربية، واعتراف مجلس أمناء هيئة الإذاعة البريطانية بأن تغطيتهم الإعلامية لأحداث البحرين «لم تكن متوازنة أو مدركة لتعقيدات الأحداث وأبعادها الطائفية».

حوار توافقي

هل لاتزال مملكة البحرين تعيش أزمة سياسية منذ فبراير 2011؟

استطاعت البحرين ولله الحمد بفضل حكمة قيادتها ووعي وتماسك شعبها تجاوز أحداث فبراير ومارس 2011 من خلال إجراء حوار التوافق الوطني وتنفيذ مرئياته وتطبيق توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، استنادًا إلى الدستور وميثاق العمل الوطني.

وحققت البحرين المزيد من التطور في الجوانب السياسية والحقوقية، وأبرزها إجراء تعديلات دستورية وتشريعية، وزيادة تطوير التجربة البرلمانية بتوسيع الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس النواب المنتخب، وقطعت المملكة شوطًا جديدًا على طريق البناء والتطوير والديمقراطية في نوفمبر 2014 بإجراء الدورة الرابعة للانتخابات النيابية والبلدية وبنسبة مشاركة شعبية عالية تجاوزت 52.6 في المئة للانتخابات النيابية و59.1 للبلدية.

وتم إنشاء مؤسسات مستقلة لتعزيز احترام حقوق الإنسان، مثل: المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وتدشين أول أمانة عامة للتظلمات في المنطقة العربية، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة خاصة للتحقيق بالنيابة العامة، إلى جانب الاهتمام برفع كفاءة الأجهزة الأمنية في التعاطي مع أحداث العنف والتخريب وإحباط مخططات الإرهاب، بالتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان.

بعد جولات متعددة من حوار التوافق الوطني، ما هو السبيل لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني؟

الأوضاع السياسية والأمنية مستقرة في البحرين، ومسيرة التطور السياسي والديمقراطي متواصلة دون تعارض مع تطبيق الإجراءات القانونية في مواجهة االإرهاب، وترسيخ العدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون في إطار المشروع الإصلاحي.

والحوار الوطني سيكون دائما مستمرا تحت قبة البرلمان والتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتعزيز حرية الصحافة والإعلام والمجتمع المدني، وحافظ الاقتصاد على معدلات نمو حقيقي مرتفعة تبلغ في المتوسط 5 في المئة، وتم اختيار المنامة عاصمة للثقافة العربية 2012 والسياحة العربية 2013، والسياحة الآسيوية 2014، وتصنيف المملكة ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جدا وفقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2014.

كل هذه التطورات الإيجابية تؤكد عزم الشعب على مواصلة مسيرة الإنجازات الديمقراطية، والتنمية الاقتصادية وتعزيز الاستقرار في مواجهة جماعات الإرهاب، من خلال إعلاء سيادة القانون والتحلي بالوحدة الوطنية، ووضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.