لا يستغرب الشارع العراقي، ومعه العديد من السياسيين ورجال الدين، اعتماد كبار المسؤولين في العراق سياسة قلب الحقائق وحرف الأمور عن المسار الطبيعي لتبرير إخفاقاتهم من خلال تصدير الاتهامات إلى الآخرين على الرغم من وجود اتفاق عام على فشل التجربة العراقية «الدموية» خلال أكثر من 12 عاماً مضت.
وعلى الرغم من أن مقتدى الصدر هو أحد الذين يؤكدون بنفسه بصوت عالٍ فشل الحكومات المتعاقبة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفي مختلف المجالات، غير انه يبدو غير قادر على خلع «العباءة الطائفية» التي جلبت الكوارث للعراق والعراقيين.
ويرى المراقبون للشأن العراقي ان ما يثير الدهشة والاستغراب والاستهجان تصريحات الصدر التي أدلى بها لعدد من الإعلاميين اللبنانيين حول ادعائه أن شهداء الإمارات في اليمن ليسوا شهداء لأنهم لم يقتلوا في ارضهم في تجاوز على الثوابت الشرعية.
غشاوة طائفية
ويقول الإعلامي والناشط في الحراك المدني العراقي ساهر عبدالله إن حديث الصدر جاء بــ«برؤية ذات غشاوة طائفية محضة». ويضيف: «التحالف العربي جاء بطلب الشرعية ومدعوماً بشرعية عربية ودولية واضحة». ويستطرد: «الأحرى به الحديث عن الميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية التي تقاتل في اليمن ضد الشعب اليمني وتعيث في الأرض فساداً، وتقاتل ضد التحالف العربي الذي هب لنجدة المظلومين».
بدورها، تقول القيادية في ائتلاف الوطنية ميسون الدملوجي، التي يتزعمها أياد علاوي،: «لطالما دعونا الى ابتعاد العراق عن زج نفسه في نزاعات وخلافات إقليمية، ولكن ما يلفت الانتباه، ان العراق مليء بميليشيات منفلتة تابعة لدول اخرى، كما ان هناك ميليشيات عراقية تقاتل في دول اخرى في ظل دعم رسمي ومن قبل قادة سياسيين عراقيين متنفذين».
صمت حكومي
ولا يخفي العراقيون استغرابهم من الصمت الحكومي إزاء الجريمة ضد أبناء الإمارات الشهداء في اليمن، فيقول الناشط المدني والمحلل السياسي زيد الزبيدي انه التقى مسؤولين في المجمع الفقهي العراقي اعربوا عن استيائهم من الموقف الحكومي تجاه شهداء الإمارات، وانهم في المجمع «يلمسون بألم التفاوت الواضح بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي في الكثير من القضايا الأساسية، وهذا الأمر لا يزال سارياً على الرغم من تهديدات الميليشيات المدعومة من إيران ومن جهات سياسية متنفذة».
عمق الهوة
ومن جانبه، يرى عالم الدين عبدالمحسن الكاظمي ان مرجعية النجف، في استجابتها لدعوات الإصلاح التي اطلقها الشارع العراقي، إنما تنطلق من إدراكها لعمق الهوة بين السياسات الحكومية والإرادة الشعبية. ويؤكد أنه «عيب تاريخي ان نتنكر للشعب الإماراتي الشقيق، لإرضاء عصبة طائفية هدفها شق المجتمعات العربية والإسلامية»، في إشارة إلى إساءة الصدر.