لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

تاريخ أسود صبغت به مدينة القدس المحتلة منذ حرب عام 1948 حين قامت العصابات الصهيونية بطرد جميع المواطنين الفلسطينيين من القدس الغربية خلال الحرب غير عابئة بقرار الجمعية العمومية الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 رقم 181 الذي وضع القدس ونواحيها فضلاً عن بيت لحم تحت إدارة دولية، ثم ما لبثت سلطات الاحتلال أن احتلت الشطر الشرقي للمدينة عام 1967.

وبعد مرور ثلاثة أسابيع على احتلال البلدة القديمة عام 1967، ضمتها إسرائيل لتصبح «القدس الموحدة» عاصمة لها.

مطلقة العنان لأنياب الاستيطان والتهويد كي تنهش لحم المدينة وعظامها وتفترسها كما الضفة الغربية لعزلها عن الفلسطينيين على اعتبار أن الاستيطان من أهمّ المحاور الرئيسية التي ترتكز عليها سياسة التهويد الإسرائيلية.

خطة الأحزمة

وعملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ احتلال القدس وفقاً لمخططٍ مدروس لتهويد المدينة من خلال مصادرة الأراضي أولاً وبناء المستوطنات ثانياً.

فوضعت خطة منذ عام 1948 ولاتزال تعمل بمقتضاها إلى اليوم عُرِفت بـ «خطة الأحزمة» لمحاصرة القدس من جميع الجهات وسدّ منافذ تواصلها جغرافياً وسكانياً وديمغرافياً مع الضفة الغربية لعزلها ووضع الفلسطينيين داخلها وخارجها تحت الأمر الواقع، ومن هنا بدأت عملية تهويد المدينة المقدسة وسكانها وتاريخها وثقافتها.

ووفقاً للخطة باشرت سلطات الاحتلال بعمليات المصــادرة والهدم والتهجير، وشكل احتلال الجزء الشرقي منها منعطفاً بارزاً لجهة تغيير معالم القدس وتركز الاستيطان الإسرائيلي فيها لفرض واقع يهودي يطمس المعالم العربية في المدينة، وتم الاستيلاء على 838 هكتاراً من أراضي الضفة الغربية حول مدينة القدس، ووضعت خطة لتوطين عدد كبير من اليهود فيها بعد إنشاء عدد كبير من والمستوطنات على رؤوس التلال والأودية التي يسهل الدفاع عنها، وعلى أنقاض ما هدم من أحياء وقرى عربية، وعلى ما صودر أو اغتصب من أراضٍ عربية في القدس، حيث بلغت نسبة الأراضي التي سيطرت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة أكثر من 50 % من مجموع الأراضي، وباتت مناطق عدة مهددة بالضم التدريجي من قبل الحكومات الإسرائيلية المتتالية بهدف تكثيف المستوطنات في الضفة.

وبحسب المخطط تسعى سلطات الاحتلال إلى رفع مجموع المستوطنين اليهود في الجزأين المحتليين من المدينة ليصل إلى مليون بحلول عام 2020.

4 محاور

وللوصول إلى الهدف تسابق إسرائيل الوقت لاستكمال خطتها ضاربة بعرض الحائط كل القرارات والقوانين الدولية التي تجرم أعمالها غير المشروعة في القدس المحتلة.

ووفقاً للخطة يجري العمل في أربعة محاور رئيسية: عزل القدس عن محيطها، وعزل المقدسيين عن مؤسساتهم المدنية والوطنية والإدارية وعن أي نشاط يحافظ على ترابطهم، التشريع بعمليات الطرد وتنفيذها بمختلف الوسائل، وإحلال المستوطنين اليهود محل المقدسيين العرب مسلمين ونصارى.

نجاح كبير

وتحقق الخطة نجاحاً منقطع النظير فبعد أنْ كان الفلسطينيون يشكّلون أغلبية عام 1967 أصبحوا أقلية عام 1995. وبعد أنْ كانوا يسيطرون على 100% من الأراضي، أصبحوا يسيطرون على 21% من هذه الأراضي، بعد عمليات المصادرة التي طالت ما نسبته 35% من مساحة الجزء الشرقي.

وبحسب حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات في حديثه للبيان، هودت إسرائيل حتى هذه اللحظة 92% من مساحة القدس البالغة 125,156 كيلو متراً مربعاً منها 84 % الشطر الغربي و16 % الشطر الشرقي، حيث أقامت إسرائيل لغاية الآن 29 مستوطنة، منها 156 مستوطنة في الجزء الشرقي من المدينة المحتلة، ومنذ عام 1967 حتى فبراير 2014 صادرت إسرائيل 24200 دونم من أراضي المدينة.

وأضاف حنا ان «عدد المستوطنين الآن تجاوز 400 ألف مستوطن في المدينة ـ وبحسب الإحصاءات الإسرائيلية يوجد اكثر من مليون نسمة يقطنون القدس منهم 265000 ألف عربي، لكن الإحصائيات الفلسطينية تشير إلى أن العدد لم يتجاوز 233000 ألف عربي مع العلم ان الإسرائيليين يفوقون ثلاثة أرباع عدد المستوطنين.

أبرز المستوطنات

من أهم المستوطنات التي أقيمت في القدس بهدف التهويد الكامل منذ بداية الاستيطان إلى الآن: مستوطنة جبل أبو غنيم (هار حوماه)، التي يبلغ عدد مستوطنيها 3 آلاف، وأقيمت على قرى منطقتي القدس وبيت لحم. مستوطنة بسغات زئيف، وعدد مستوطنيها 31 ألفاً، أقيمت على قرى بيت حنينا، شعفاط، عناتا، ومخيم شعفاط.

وكذلك مستوطنات تلبيوت الشرقية، رمات راحيل عدد مستوطنيها 17 ألفاً، مستوطنة جاني بيطار، غفعات زئيف (9 آلاف مستوطن)، أقيمت على أراضي بلدة بيتونيا وقرية الجيب، غفعات هموتس، عدد مستوطنيها ألفان، أقيمت على أراضي قرية بيت صفافا.

غيلو (30 ألف مستوطن، أقيمت على أراضي بلدتي بيت جالا وبيت صفافا، مستوطنة رأس العامود، أقيمت على أراضي قرى القدس إلى الشرق من البلدة القديمة، مستوطنة راموت ألون، (42 ألف مستوطن)، أقيمت على أراضي بلدات بيت أكسا والنبي صموئيل وبيت حنينا، ومستوطنة ريختس شعفاط، (9 آلاف مستوطن)، أقيمت على أراضي بلدتي شعفاط وبيت حنينا، مستوطنة علمون، (700 مستوطن)، أقيمت على أراضي بلدتي عناتا وحزما، معاليه أدوميم، (28 ألف مستوطن)، أقيمت على أراضي بلدات أبو ديس والعيزيرية والعيساوية وعناتا والزعيم، مستوطنة النبي صموئيل، أقيمت على قرى الجيب وبيرنبالا والنبي صموئيل، مستوطنة النبي يعقوب، (20 ألف مستوطن)، أقيمت على قرى بيت حنينا وحزما وجبع. مستوطنة هار أدار، (1700 مستوطن)، أقيمت على أراضي قريتي بدو وقطنة.

ومنذ العام 2007 لغاية الآن لاتزال بلدية الاحتلال في القدس تعلن عن تسمين هذه المستوطنات وغيرها خصوصاً المستوطنات داخل القدس بوحدات استيطانية جديدة فضلاً عن مصادرة المزيد من الأراضي لربط هذه المستوطنات ببعضها وعزل الفلسطينيين أكثر فأكثر عن مدينة القدس ومحيطها.

أطواق رئيسية

ويظهر بناء المستوطنات في القدس ومحيطها ثلاثة أشكال من أطواق تحيط بالمدينة وتطبق الخناق عليها، تم تنفيذها طوقاً بعد آخر منذ عام 1967 وحتى الآن، الأول شرعت «إسرائيل» في إقامته من المستوطنات حول مدينة القدس إثر احتلالها للجزء الشرقي من المدينة مباشرة.

ويضمّ هذا الطوق الحي اليهودي داخل البلدة القديمة جنوباً على أنقاض أحياء المغاربة والباشورة والشرف العربية، الحديقة الوطنية المحيطة بسور البلدة من الشرق والجنوب، المركز التجاري الرئيسي للمدينة القديمة.

أما الطوق الثاني فيمتد على طول الأراضي الواقعة ضمن حدود أمانة القدس، ويشمل العديد من الأحياء على شكل قوسٍ يحيط بالمدينة من الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية. أما الطوق الثالث فشرعت «إسرائيل» في إقامته تحقيقاً لمشروع «القدس الكبرى»، الهادف إلى ضمّ مساحات جديدة تتراوح بين 400 و500 كم2، ويقطنها نحو 250 ألف عربي.

مشروع E1

يتركز جهد المحتلّ الاستيطانيّ حاليّاً على المستوطنات الموجودة في مشروع E1 شرق القدس، ومستوطنتي جبل أبو غنيم «هار حوما» و«جيلو» جنوب غرب القدس، حيث يتم تكثيف بناء الوحدات الاستيطانية فيهما كونهما الخيار الأكثر قبولاً لدى جمهوره، فهما متصلتان بغربيّ القدس والأكثر قرباً من مركز المدينة التجاريّ.

وأعلنت سلطات الاحتلال عن الانتهاء من تجهيز البنى التحتيّة للمشروع بالكامل، ما يعني أنّها ستبدأ مرحلة بناء الوحدات السكنيّة وتجهيزها خصوصاً في الجهة الغربيّة من المشروع، وذلك لتحقيق تواصلٌ سكّانيّ بينه وبين الجزء الغربيّ من القدس، وما يُعزّز هذه النظريّة بدء الاحتلال بتهجير سكّان حيّ الشيخ جرّاح الذي يفصل مستوطنات غربيّ القدس عن مستوطنات شرقيّ القدس، وإذا ما تحقّق هذا التواصل بشكلٍ فعليّ فإنّ المسجد الأقصى والبلدة القديمة سيصبحان معزولين عن الأحياء الفلسطينيّة في شمال القدس بشكلٍ كامل.

تغيير الأسماء

 

في إطار سياسة تهويد القدس لجأت دولة الاحتلال إلى تغيير أسماء بوابات القدس التاريخية واستبدلتها بأسماء عبرية كالتالي :1. باب الخليل «شاغر يافو» (يافا). 2. باب الحديد «شاغر هحداش». 3. باب العمود (دمشق) «شاغر شكيم». 4. باب الزاهرة (الساهرة) «شاغر هورودوس». 5. باب ستنا مريم «شاغر هاريون». 6. باب المغاربة «شاغر هأشفا». 7. باب الرحمة «شاغر هرحميم». 8. باب النبي داود «شاغر تنسيون». وشمل التغيير أيضاً جميع الأحياء والشوارع والأسواق.

ويعمل الاحتلال بشكل دائم على تعديل التوازن الديمغرافيّ لصالح التهويد من خلال مجموعة من الإجراءات التعسفية تتمثل في: التهجير، والهدم، وجدار الفصل العنصري، والاعتداء على الأماكن المقدسة، وإجراء الحفريات تحتها وحولها فضلاً عن الاقتحامات المتكررة لتحقيق التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.