أثارت محاولة اغتيال السيدة فاطمة مسعود الأسد، يوم الاثنين الفائت، كثيرا من علامات الاستفهام حول الآلية التي يتعامل بها النظام السوري، حتى مع المتصلين به من طريق القربى وصلة الرحم.
وأن الداعين "المطبّلين" لبقاء بشار الأسد "جزءا من الحل" في سوريا، عليهم النظر مليا فيمن سيبقونه "جزءا من الحل" وأن من سيبقونه، هذا، سيجهز على ما تبقى من سوريين، حتى لو جمعته بهم صلة رحم، فما بالك "بسوريين من الدرجة الثانية" والذين فاقوا الربع مليون ضحية لبقاء الأسد على كرسيه؟!
وإن كان هناك ثمة من لا يزال متردداً، لسبب أو آخر، في فهم "الظاهرة الأسدية" في التاريخ السوري المعاصر، فها هي جريمة الشروع في قتل امرأة، هي زوجة لقتيل من آل الأسد، هو هلال الأسد، من أبناء عمومة الرئيس السوري، وقتل دفاعاً عن عائلته أصلاً.
وبعد نجاتها من عملية الاغتيال، ثم إسعافها إلى المستشفى، لتلقي العلاج من أربع رصاصات استقرت في جسدها، أعلنت فاطمة مسعود الأسد، صراحة، أن المدعوة هالة الأسد، هي من تهجّمت عليها في بيتها في "كلماخو" إحدى قرى ريف اللاذقية الشمالي، وقامت بإطلاق النار عليها بمساعدة ابنها كرام زهير الأسد، المجرم الشهير بالسلب والنهب وسرقة السيارات والممتلكات العامة والخاصة.
من هي هالة الأسد؟
هالة الأسد زوجة الضابط في جيش النظام السوري زهير الأسد، وهي أخت هلال الأسد، زوج الضحية فاطمة مسعود، والذي قتل على يد المعارضة السورية في وقت سابق. وقد قامت بجريمة الشروع في قتل فاطمة مسعود، بسبب التهديدات التي لم تتوقف فاطمة عن إطلاقها ضد عائلة زوجها القتيل هلال الأسد.
وتعود جذور القصة إلى الوقت الذي قام به المدعو سليمان هلال الأسد، بقتل العقيد في جيش النظام السوري حسان الشيخ. وسليمان هو ابن فاطمة مسعود التي تعرضت لمحاولة الاغتيال المشار إليها.
وبعد أن أعلن النظام السوري، في خبر رسمي، أنه قد ألقى القبض على المجرم القاتل سليمان الأسد، بادرت أمه فاطمة إلى إخبار الرأي العام، سواء المحلي أو السوري، بأن ابنها سليمان القاتل، قد أدمن على المخدرات وأدمن الانحرافات السلوكية بسبب عائلة زوجها القتيل هلال. وأن آل الأسد رفضوا علاج ابنها سليمان من إدمانه.
فضلا عن أن فاطمة كان سبق وهددت بأنها ستفضح سلوك العائلة "الأسدية" أمام الرئيس السوري مباشرة، كونهم أقرباء مباشرين له. ثم سرّبت وسائل اعلام موالية للنظام السوري خبرا مفاده أن رئيس النظام السوري التقى فاطمة مسعود للاستماع الى شكواها.
ليتبين لاحقا أنه خبر عار من الصحة جملة وتفصيلا، وأن تسريب هذا الخبر كان القصد منه إظهار رئيس النظام بمظهر الحريص على تظلم أحد أفراد الشعب، وأنه لا مانع لديه من الاستماع لشكوى حتى لو كانت ضد عائلته هو شخصياً.
وهو ما تبين في ما بعد أنه خبر مضلل لا أصل له ولم يحصل أي لقاء ما بين بشار وزوجة ابن عمه القتيل هلال. والدليل، هو محاولة تصفيتها لإسكاتها منذ ساعات.
أسباب أخرى لمحاولة قتل فاطمة مسعود
السبب الآخر لمحاولة التخلص من فاطمة مسعود، زوجة هلال الأسد، أنها كأرملة، لديها إرث مالي وعقاري كبير للغاية، هو نصيبها الشرعي من تركة زوجها القتيل الذي راكم ثروة ضخمة من جراء استيلائه بالقوة والنفوذ الممنوحين له مباشرة من رئيس النظام السوري، على عمليات التصدير والاستيراد في مرفأ اللاذقية، هذا فضلا عن كل الأعمال التجارية غير القانونية التي كانت تتم لحسابه، بصفته واحدا من آل الأسد الذين يمتلكون صلاحيات الاستيلاء على مال الغير، بالقوة والغصب والقسر. دون أن يطالهم القانون طبعا.
أشارت فاطمة مسعود، أكثر من مرة، إلى أنها "طُردت" هي وأولادها "من أملاك زوجها". ولم يهتم الرأي العام، وقتذاك، لهذا التظلم، نظرا الى أن الملكية التي تتحدث عنها فاطمة، هي في الأصل تمت مراكمتها بطرق غير شرعية، وهي أصلا من حق السوريين عامة ومن حق الدولة، وأن حقها من إرث زوجها القتيل، كأرملة، يسقط بمجرد الاعلان عن أنه ثروة من "مال حرام" كما يقول السوريون، وكما هو الواقع، لأن كل إرث زوجها هلال الأسد، تم جمعه بطرق غير شرعية كالاتجار بالسلاح وتجارة العملة والاستيلاء على مال الغير بالقوة.
ويبدو أن آل الأسد، كانوا قد قرروا "حرمان" فاطمة من إرث زوجها، وهو كبير جدا نظرا الى أنها أرملته الوحيدة ولديها منه عدة أولاد، و"يحق" لها أن تتصرف بـ"إرثه" المالي والعقاري، شرعيا.
فقامت المدعوة هالة الأسد، أخت زوج فاطمة، بالهجوم على منزلها في قرية "كلماخو" وأطلقت النار عليها بقصد القتل، وأفرغت في جسدها عدة رصاصات، بعدما تبين لـ"العائلة الأسدية" أن رئيس النظام السوري قد رفع الغطاء عن السيدة فاطمة مسعود، وسحب الحماية عنها.
ففهم الأقربون الرسالة، وسعوا للتخلص من صوتها ومن "حقوقها". وهذا ما تم، ونجت فاطمة بأعجوبة.
أزمة السيدة فاطمة مسعود، أنها زوجة لقاتل من آل الأسد، وأمّ لقاتل من نفس العائلة، وقريبة لبقية "القتلة الفاسدين" من العائلة التي ثار السوريون عليها لطردها من حكم سوريا وخلعها عن الحكم. هذا أثّر على "التضامن" معها، نظرا الى أن الأمر كله هو ما بين قاتل وقاتل وقتلة بقتلة ومجرمين بمجرمين.
وأدى الأمر الى تجاهل قضيتها في الرأي العام. علما أن السيدة مسعود، كانت قد اتخذت موقفا وصف بـ"الجريء" عندما أدانت ابنها سليمان قاتل العقيد الشيخ، وطالبت السلطات بمحاكمة ابنها ثم اعتذرت من أهل القتيل. إلا أن بعض الأصوات التي حاولت مساندة فاطمة مسعود، كانت تنتظر منها أولا أن "تتخلى عن المطالبة بإرث زوجها" ذلك أنه "مال حرام" وجُمع على حساب "حق السوريين ودمائهم".
وثانياً، أن تحاول بأي شكل من الأشكال أن "تخرج من تلك الدائرة الانتهازية التي تقنعها بالبقاء في سوريا الى جانب النظام" كما قال بعض من وجه لها الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي. ذلك أن قضيتها "لا قيمة قانونية وأخلاقية لها" لطالما بقيت في إطار "عائلة الأسد الذين هم في نظر السوريين أصل الجريمة وسببها". فلا مجال "للتعاطف معها" إلا إن برّأت نفسها بالأصل، وخرجت "من دائرة الموت الأسدية" والتي طالتها الآن، ولم يعد لديها من مبرر "لهذا التقوقع داخل ذلك الرحم الفاسد الذي أنتج قتلة ومجرمين".
وأضافت بعض الرسائل التي وجهت للسيدة مسعود، أن السوريين خسروا أولادهم وآباءهم وأزواجهم وزوجاتهم وأملاكهم وذاكرتهم، وأن مشكلتها "لا تقارن" بمشكلة أي عائلة سورية قتلت بكاملها أو شُردت أو يتمت. فلهذا، إن أرادات أن يكون لقضيتها مساندة "فعلية وكبيرة" فعليها هي أن "تبرئ ذمتها" على الأقل "كيلا تكون شريكة في قتل السوريين" وأقل القليل أن لا تكون "شريكة بقتل نفسها" على حد تعبير تعليق على محاولة اغتيالها، نشر منذ ساعات.
يذكر أن فاطمة مسعود الأسد، ما زالت تتلقى العلاج، ولم يعرف بالضبط وضعها الصحي ودرجة الخطورة.
إلا أن مصادر متعددة أشارت إلى أن حياتها في خطر محدق، خصوصا أنها تتلقى العلاج في اللاذقية، مسقط رأس آل الأسد، ويمكن أن يتدخلوا مباشرة إما "باختطافها أو قتلها أو فبركة تهمة لها لإقفال فمها الى الابد في سجن النساء".
كما حذر بعض العارفين بالمنطقة هناك، مشيرين إلى أن ثمة خطورة فعلية تحدق بفاطمة، خصوصا بعد توجيهها اتهاماً صريحاً لواحدة من آل الأسد، بجريمة الشروع بالقتل، ما يجعل حياتها تتعرض "لخطر داهم وحقيقي" على حد تعبير تلك المصادر.