أربعة عشر مليون سوري بين لاجئ ونازح رقم يصعبُ تخيله لكنه واقع، الأزمة السورية تُعد اختباراً حقيقياً للعديد من القيم التي شحنت بها الكتب وصدح بها المغنون ولم تغادر ما تنتجه مدن السينما إلا ما ندر.
فيما سبق كان العالم يتحدث دونما حساب أو امتحان حقيقي يصدق القول بالعمل، إلى أن بدأت الحرب السورية التي انصب الكثير من التركيز المتعلق بها على قضايا التكتيكات العسكرية والسلطة السياسية، ولم تجد الأزمة الإنسانية الكبيرة معالجة لائقة، فتلفحتها دول الجوار السوري دونما كثير ضجيج بعون صادق من الدول العربية مثل الإمارات والسعودية والكويت، وحتى اليمن قبل نكبته كان له في عون اللاجئين السوريين سهم.
استخدم نظام الرئيس بشار الأسد منذ بواكير الأزمة اللاجئين كسلاح يريد به تخويف دول وشعوب وقفت إلى جانب السوريين في رغبتهم بالتخلص من نظام ارتأوا انه لم يعد يلائمهم ويبغون منه فكاكاً، فانتهج سياسة الأرض المحروقة لإجبار السكان على الفرار بحثا عن الأمن والأمان وهروبا من آلة قتل لا ترحم صغيراً ولا تنظر لشيخ كبير، فاستقبلت لبنان على ازماتها العديد وتجاوز منذ ابريل 2014 عدد اللاجئين فيها حاجز المليون، ليأتي الأردن ويستقبل ما لا يقل عن مليوني لاجئ بعضهم في المعسكرات وآخرون اختاروا ان يعيشوا في المدن ووسط السكان، بينما عطلت البلدان الخليجية قوانينها المنظمة للهجرة لصالح السوريين فاستقبلتهم من غير كاميرات العدسات وتصريحات المسؤولين ووفرت لهم المأوى والعلاج والتعليم ومنحتهم تميزاً خاصاً في أذونات الإقامة والعمل.
مبادرة كويتية
والآن تدخل الحرب في سوريا، عامها الخامس، ولا تظهر أي من تلك الدول علامات على التراجع، عن سياساتها التي اتخذتها تجاههم، في عملية أقل ما توصف به هو »إعادة إحياء« للنخوة العربية. ونجد ان الكويت بادرت باستضافة 3 مؤتمرات دولية دعما للنازحين واللاجئين السوريين جمع آخرها في ابريل الماضي 3.8 مليارات دولار، بينما قدمت الإمارات مبلغاً قدره 1.1 مليار دولار ودفعت السعودية قرابة المليار دولار، ورغم البعد الجغرافي النسبي لهذه الدول عن سوريا ولكن تستضيف الإمارات ما يناهز 250 ألفاً بينما استضافت السعودية أكثر من مليون ونصف المليون سوري.
تدابير إماراتية
واتخذت الإمارات منذ عام 2011 إجراءات على مختلف الأصعدة لرفع المعاناة وتلبية احتياجات اللاجئين والنازحين في سوريا وخارجها، شملت استقبال 101 ألف و364 مواطنا سوريا من كل أطياف المجتمع السوري وطوائفه ومنحتهم تصاريح إقامة على أرضها.
وأظهرت حكومة دولة الإمارات وإدراكا منها لصعوبة الوضع في سوريا تعاطفاً كبيراً ومرونة عبر السماح لآلاف المواطنين السوريين الذين انتهت صلاحية تأشيراتهم أو وثائق سفرهم بتعديل أوضاعهم مما يسمح لهم بالبقاء في الدولة، حيث يقيم في دولة الإمارات 243 ألفاً و324 مواطناً سورياً.
وبلغ عدد الطلبة السوريين الجدد والمسجلين في مدارس الإمارات منذ بداية الأزمة في سوريا 17 ألفا و378 طالبا وطالبة، في حين بلغ عدد المستثمرين السوريين الجدد في الدولة 6 الآف و87 مستثمراً.
وفيما يتعلق بالمساعدات الانسانية وصل إجمالي المساعدات الإماراتية المتراكمة لمساندة الشعب السوري الى أكثر من 4 مليارات درهم حوالي 1.1 مليار دولار. وتم توزيع المساعدات الإماراتية للاجئين السوريين بواقع 167.8 مليون دولار للمعونات الغذائية و88.1 مليون دولار لتوفير المأوى والمواد غير الغذائية و78 مليون دولار لتوفير الخدمات الصحية والدعم و63.7 مليون دولار لخدمات التنسيق والدعم و23 مليون دولار للمياه والصرف الصحي و4.2 ملايين دولار للتعليم و1.9 مليون دولار مصاريف إضافية أخرى.
وكجزء من هذا الدعم خصصت وقدمت دولة الإمارات 38 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة »يونيسف« منذ يناير 2014، حيث استفاد من هذا التمويل مجمـــوعة من المشاريع من ضمنها الأمن الغذائي للنازحين السوريين والتغذية المخصصة للأطفال والنساء الحوامل.
كما خصصت وقدمت دولة الإمارات 6 ملايين دولار لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وذلك لدعم جهود التنسيق من قبل موظفي الأمم المتحدة في عدد من مخيمات اللاجــئين وحوالي مليوني دولار للجنة الإنقاذ الدولية للمشاريع الخاصة باللاجئين السوريين في شمال العراق.
دعم سعودي
وفي صمت مماثل، عملت السعودية منذ اندلاع الأزمة على اعانة الشعب السوري، وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي عادل بن زيد الطريفي إن المملكة استقبلت منذ اندلاع الأزمة ما يقارب المليون ونصف المليون مواطن سوري بالإضافة إلى دعم ورعاية الملايين من السوريين اللاجئين في الدول المجاورة لوطنهم. وحرصت الرياض على عدم التعامل معهم كلاجئين أو تضعهم في معسكرات لجوء حفاظا على كرامتهم وسلامتهم ومنحتهم حرية الحركة التامة.
فمنحت لمن أراد البقاء منهم في المملكة الذين يبلغون مئات الألوف الإقامة النظامية أسوة ببقية المقيمين بكل ما يترتب عليها من حقوق في الرعاية الصحية المجانية والانخراط في سوق العمل والتعليم، وفيما تستضيف أكثر من 100 ألف طالب سوري يحصلون على تعليم مجاني قدمت أيضا مساعدات إنسانية قيمتها 700 مليون دولار للسوريين وأقامت عيادات في عدة مخيمات للاجئين.
وشملت جهودها تقديم المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع حكومات الدول المضيفة وكذلك مع منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية سواء من خلال الدعم المادي أو العيني.
نزوح
نزح أكثر من 14 مليون سوري من أصل عدد سكان سوريا البالغ نحو 22.5 مليوناً، عن ديارهم داخل وخارج البلاد جراء الصراع المستمر فيها منذ أكثر من 4 أعوام ونصف، بحسب منظمات حقوقية. وشهدت الأسابيع الأخيرة حركة هجرة مكثفة من سوريا الى اوروبا عبر تركيا. وامتلأت وسائل الإعلام بأخبار اللاجئين السوريين الذين لقي الكثير منهم حتفه على طريق الهجرة. وترك ملايين السوريين بلادهم منذ اندلاع الصراع الذي أودى بحياة ربع مليون سوري خلال السنوات الأربع الماضية.