أكد معالي د. سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير دولة والمبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ، أن «دولة الإمارات ملتزمة بعملية المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق دولي جديد يضمن اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للحد من تداعيات ظاهرة تغير المناخ، التي تؤثر على العالم بأسره وتطال اقتصادات الدول وتؤثر انعكاساتها على الإنسانية ككل».
جاء ذلك في كلمة دولة الإمارات التي ألقاها معاليه في قمة باريس للمناخ التي تتزامن مع المؤتمر الحادي والعشرين للدول الأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية باريس.
وحضّت الكلمة جميع الدول على حماية أجيال المستقبل من آثار ظاهرة تغير المناخ، كما أكدت على فرص النمو الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن تحقيقها من خلال تطبيق إجراءات عملية للتعامل مع تلك الظاهرة، لا سيما من خلال نشر حلول ومشاريع الطاقة المتجددة.
تعازي الدولة
واستهل د. الجابر الكلمة بنقل تحيات القيادة وتوجيه الشكر للجمهورية الفرنسية على حفاوة الاستقبال، وعلى إعداد وتنظيم هذا المؤتمر المهم الذي نتطلّع لأن يتوصل إلى اتفاق دولي قادر على تحقيق نتائج عملية تسهم في الحد من تداعيات تغير المناخ، كما شكر الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على جهودها الحثيثة خلال الفترة الماضية.
وجدد الإعراب عن تعازي دولة الإمارات إلى الحكومة الفرنسية وإلى أهالي ضحايا الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس الشهر الماضي، مؤكدا على موقف دولة الإمارات الرافض للإرهاب والتطرف وللأفكار الهدامة. وقال: «نحن نؤمن بثقافة السلم والسلام والتسامح والحوار ومد جسور التعاون والتواصل والعمل بطاقة إيجابية».
التزام مفاوضات
وأكد معاليه التزام دولة الإمارات بمفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق دولي يضمن اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للحد من تداعيات تغير المناخ، موضحا أنّ «عوامل نجاح الاتفاقية في تحقيق نتائج عملية يتوقف على اعتماد منهجية مرنة تتيح لجميع الدول، وخاصة البلدان النامية إمكانية تطوير إجراءاتها بما يتماشى مع أولوياتها الوطنية وظروفها الخاصة، وأنه يتعين أن تلتزم الدول المتقدمة بتعهداتها المتفق عليها خلال السنوات الماضية والمتمثلة بتوفير الدعم المالي للدول النامية، ودعم آليات نقل التكنولوجيا إليها لبناء قدراتها والتكيف مع تداعيات تغير المناخ».
وأوضح أنّ «مستوى وكثافة المشاركة في مؤتمر باريس والتي تشمل نحو 150 رئيس دولة ورئيس حكومة وكبار المسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص تدل على إدراك المجتمع الدولي لأهمية مواجهة تحديات تغير المناخ».
نماذج جهود
ثم سلط معالي د. الجابر الضوء على نماذج للجهود العملية التي قامت بها دولة الإمارات ضمن مساهماتها المستهدفة على الصعيد الوطني للحد من تداعيات تغير المناخ، حيث أخذت الدولة زمام المبادرة منذ سنوات طويلة بوصفها إحدى الدول الرائدة عالميا في التعامل مع تداعيات تغير المناخ من خلال تطبيق تقنيات جديدة وإبرام شراكات بناءة، وتماشيا مع إيمانها بمبدأ مواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص حقيقية. وأوضح أنّ «استراتيجية الدولة تركز على تنويع الموارد وتطبيق حلول مبتكرة لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع التركيز على البحث والتطوير والابتكار بما ينعكس إيجابا على مسيرة التقدم والازدهار في الدولة».
رفع حصّة
وأوضح معاليه أنّ «دولة الإمارات تعمل على رفع حصة مصادر الطاقة النظيفة إلى 24 في المئة بحلول 2021، فمن خلال «مصدر» مبادرة أبوظبي الاستراتيجية ومتعددة الأوجه للطاقة المتجددة ساهمت دولة الإمارات في تعزيز نشر حلول ومشاريع الطاقة المتجددة محلياً وإقليمياً وعالمياً، حيث تم بالفعل تنفيذ العديد من المشاريع التي حققت أثراً مباشراً في الحد من الانبعاثات الكربونية بما فيها محطة «شمس 1» للطاقة الشمسية المركزة في أبوظبي بطاقة إنتاجية قدرها 100 ميجاواط، ومصفوفة لندن لطاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة بطاقة إنتاجية قدرها 630 ميجاواط والتي تعد الأكبر من نوعها على مستوى العالم، بالإضافة إلى مشاريع الطاقة الشمسية في إسبانيا.
كما قامت مصدر بتطوير أول مشروع في الشرق الأوسط لالتقاط الكربون واستخدامه وحجزه.. وقامت دولة الإمارات بتمويل أكثر من 30 مشروعا للطاقة المتجددة في 28 دولة من الدول النامية بتكلفة 840 مليون دولار أميركي حتى اليوم.
وقال إنه يجري العمل حالياً على تنفيذ «مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية»، وذلك تماشياً مع استراتيجية دبي للطاقة النظيفة التي تهدف إلى إضافة خمسة آلاف ميجاواط من الطاقة النظيفة بحلول 2030.
وتشمل أهداف الدولة أيضا تعزيز كفاءة توليد واستخدام الطاقة وتطبيق أنظمة المباني الخضراء وأفضل المعايير العالمية في أنظمة التبريد والإنارة.
كما نوه بأهمية تمكين المرأة والدور المهم الذي يمكن أن تقوم به في التصدي لتداعيات تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة، سواء من خلال عملها في مختلف المجالات والقطاعات أو من خلال دورها الأساسي في بناء المجتمع، ولفت إلى الخطوات الكبيرة التي قطعتها المرأة الإماراتية بفضل دعم وتشجيع القيادة.
أهمية جهود
وشدّد على أهمية الجهود الدولية والشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص التي تعد بداية سليمة ونقطة انطلاق حقيقية للتطبيق الفعلي والجاد لإجراءات الحد من تداعيات تغير المناخ.
وفي ختام الكلمة وجه معالي د. سلطان أحمد الجابر دعوة للحضور إلى المشاركة في «أسبوع أبوظبي للاستدامة» الذي يقام في يناير 2016 للعمل على تحويل المبادئ والأسس التي سيتم التوصل إليها في باريس إلى خطوات وإجراءات وتدابير عملية، وتأسيس الشراكات المطلوبة لمواصلة السعي لبناء مستقبل أكثر استدامة.
ويعتبر التنويع الاقتصادي والاستثمار في الإنسان وخلق مزيج متوازن من مصادر الطاقة من الأهداف الاستراتيجية بالنسبة إلى دولة الإمارات، وذلك لضمان أن يكون اقتصادها فاعلاً وحيوياً في القرن الحادي والعشرين.
تنويع اقتصادي
وفي إطار دعم استراتيجية التنويع الاقتصادي للإمارات انضمت الدولة إلى شراكتين في مجال الطاقة النظيفة خلال فعاليات مؤتمر باريس للمناخ الأولى هي «مهمة الابتكار» التي التزمت بها أكثر من عشرين دولة، وتهدف إلى مضاعفة الاستثمارات في أبحاث الطاقة النظيفة وتطويرها خلال خمسة أعوام، والثانية هي «التحالف الدولي للطاقة الشمسية» الذي يهدف إلى تطوير تقنيات جديدة للطاقة الشمسية.
وتأتي تلك الجهود تأكيدا لمساعي الإمارات نحو التحول إلى اقتصاد المعرفة ودعم أهدافها الرامية إلى رفع حصتها الوطنية من الطاقة النظيفة إلى 24 في المئة بحلول 2021. كما تؤكد المبادرتان على دور دولة الإمارات المحوري كشريك عالمي رئيسي في الحد من آثار وتداعيات تغير المناخ ضمن عملية المفاوضات الإطارية للحد من انعكاسات تغير المناخ وغيرها من الجهود العالمية بهذا الشأن، حيث استضافت الدولة الاجتماع الوزاري رفيع المستوى الذي عقد في أبوظبي تمهيدا لمؤتمر المناخ.
أسبوع استدامة
تستضيف دولة الإمارات في يناير 2016 أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي يجمع نخبة من قادة القطاعين العام والخاص، وتقدم منصّة مثالية لدفع وتيرة إجراءات التعامل مع ظاهرة تغير المناخ.
ويعد أسبوع أبوظبي للاستدامة منصة عالمية تهدف إلى تسريع انتشار وتطبيق وتبني حلول ومشاريع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة في العالم. كما يعد هذا الحدث أكبر تجمع للمتخصصين في مجال الاستدامة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط وهو يشجع على تحقيق نتائج سريعة، ويمهّد لتعزيز اعتماد أساليب الاستدامة في العالم.