تعقد اليوم القمة الخليجية الـ36 التي تستضيفها الرياض للمرة السابعة منذ انطلاقة مجلس التعاون في العام 1981، وعلى جدول أعمال القمة ملفات ساخنة أهمها اليمن وسوريا والعراق وإيران والإرهاب، فضلاً عن انخفاض أسعار النفط. وبينما بحث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني التحضيرات وموضوعات الاجتماع، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن مجلس التعاون حقق الإنجازات رغم التحديات في المنطقة والعالم.
وتعقد القمة الخليجية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لبحث تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وسبل تعزيز العلاقات بين دول المجلس، كما تبرز قضية انخفاض أسعار النفط، وتبعاتها على اقتصادات المنطقة كأحد اهم الملفات الاقتصادية التي سيبحثها القادة.
واستعرضت وكالة الأنباء السعودية في تقرير نشرته أمس، تاريخ القمم التي عقدت في الرياض وأهم قراراتها، مشيرة الى أن أول قمة اقيمت في الرياض كانت في نوفمبر من عام 1981 وآخرها في ديسمبر 2011.
وأوضح التقرير ان القمة الـ36 هي اول دورة رسمية للمجلس الاعلى يترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تولى الحكم في المملكة في يناير الماضي خلفا للملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز.
ويتضمن جدول أعمال القمة بحث العديد من الملفات المهمة تشمل القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وملفات اليمن وسوريا والعراق إضافة إلى التدخلات الإيرانية والقضية الفلسطينية وملف الإرهاب.
وتتصدر الملفات الأمنية جدول أعمال القمة المتوقع أن تصادق على قرارات تهدف إلى تعزيز التكامل الأمني والعسكري بين دول المجلس، فيما يتوقّع للقمة أن تصدر قرارات فوق العادة وتقدّم حلولاً غير تقليدية لمواجهة التحديات ما لم يتم التصدي لها بقوة ووضوح وشفافية تحت راية التكاتف والتآزر الخليجي الواقعي، لأن هذه المخاطر تستهدف وجود هذه الدول من حيث المبدأ، ومن ثم يحاول من يقف وراء هذه المخاطر زعزعة أمن واستقرار هذه الدول والعبث بمقدرات شعوبها، بل تمزيق هذه الشعوب.
ويأتي الشأن اليمني كأحد أهم الملفات الملحة على جدول الأعمال، حيث تقود السعودية تحالفا عربيا لدعم الشرعية في اليمن وضرب قواعد الحوثيين واتباع الرئيس المخلوع على عبدالله صالح، كما تولي دول المجلس أهمية قصوى للجهود الإنسانية التي تقدمتها دوله لإدخال وتوزيع أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية والطبية للشعب اليمني، والدور الإنساني الكبير الذي يضطلع به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في هذا الخصوص، بالإضافة إلى باقي الأعمال الاغاثية التي تقوم به باقي دول المجلس بشكل حثيث ومتفانٍ، في وقت يستوجب من المجتمع الدولي تكثيف مساعداته الإنسانية من أجل رفع المعاناة عن الشعب اليمني.
وينتظر ان تطالب القمة المرتقبة المجتمع الدولي بأن يكون حازماً وحاسماً في إلزام القوى المناوئة للشرعية بتطبيق كافة بنود قرار مجلس الأمن، تأكيداً لصدق المجلس ووحدة موقفه، وتعزيزاً لدوره في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، فيما اكدت دول مجلس التعاون مراراً دعمها لجهود الأمم المتحدة والمساعي التي يبذلها مبعوث الأمين العام إسماعيل ولد الشيخ أحمد في هذا السبيل.
أما في إطار الأزمة السورية فسيناقش القادة في اجتماعهم في الرياض تطورات هذه الأزمة الشائكة في ظل التدخل العسكري الروسي المباشر لدعم نظام الأسد والاجتماعات التي عقدت في فيينا الشهر الماضي، وينتظر أن تؤكد دول التعاون على دعمها مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، والذي من خلاله سيتم إعداد هيئة سياسية تكون مهمتها إدارة الفترة الانتقالية في سوريا.
ويبرز من جملة الملفات التي سيناقشها القادة في اجتماعهم في الرياض العلاقات مع إيران التي يرفض المجلس بشكل تام وقاطع استمرار تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، ومحاولات بث الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطنيها والإضرار بأمنها واستقرارها، ومصالح مواطنيها، سواء من خلال إيواء الهاربين من العدالة أو فتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية أو تهريب الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل دول المجلس، كما حدث أخيرا في مملكة البحرين.
كما لن يغيب ملف الأوضاع في العراق عن جدول اعمال قمة الرياض والذي كان محط اهتمام القمم السابقة.
وتظل قضية الشعب الفلسطيني بندا ثابتا في كل القمم الخليجية والعربية، حيث ستبحث القمة تطوراتها المتلاحقة والاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني، وما آل إليه آخر الأوضاع الإنسانية في القدس المحتلة وقطاع غزة.
أما مكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله فتعد الملف الأمني الأبرز أمام قمة مجلس التعاون العربي الخليجي، بمتابعة آليات التعاون الأمني للقضاء على الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والكشف عن الخلايا النائمة أولاً بأول باستراتيجية الضربات الاستباقية.
خادم الحرمين والزياني
في سياق متصل، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مكتبه بقصر اليمامة، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية د. عبداللطيف بن راشد الزياني.
وجرى خلال الاستقبال بحث سبل تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، واستعراض أبرز الموضوعات المدرجة على جدول أعمال قمة قادة دول مجلس التعاون اليوم.
حضر الاستقبال الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء د. مساعد بن محمد العيبان، ووزير الثقافة والإعلام د. عادل بن زيد الطريفي، ووزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير.
إنجازات
من جهته، اكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت تحقيق العديد من الانجازات خلال مسيرة المجلس في العقود الثلاثة الماضية رغم التحديات التي تعصف بالمنطقة والعالم.
وقال الجبير، لمجلة «المسيرة» الشهرية التي تصدر عن الأمانة العامة للمجلس، ان المنطقة شهدت ولا تزال العديد من التحديات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، اضافة الى تنامي ظاهرة الإرهاب التي تعصف بالمنطقة والعالم، موضحا انه بالرغم من هذه التحديات التي مرت بها المنطقة فإن قادة دول المجلس تعاملوا مع هذه التحديات بثقة واقتدار وتمكنوا من تجاوز كافة تداعياتها والحفاظ على أمن دوله واستقرار شعوبه.
وذكر ان مجلس التعاون تمكن في ظل هذه التحديات من المحافظة على مستويات التنمية لدوله وشعوبه وتعزيز أطر التعاون المشترك فيما بين الدول الأعضاء في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وغيرها من المجالات.
وحول اجتماع القمة الخليجية، أوضح وزير الخارجية السعودي أن الاجتماع يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز التعاون المشترك وتوحيد الرؤى والمواقف حيال القضايا السياسية وذلك لغرض تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لدول المجلس وشعوبه والمساهمة في تحقيق أمن المنطقة والعالم.
وبين ان هذه الأهداف «هي ذاتها التي اكد عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وضرورة مواصلة الالتزام بها حين تسلم مقاليد الحكم ليكمل بذلك مسيرة من سبقه من قادة المملكة لتحقيق التضامن والتكاتف بين دول مجلس التعاون الخليجي لتقوم بواجبها حفاظا على مكتسبات الشعوب وحماية الأوطان والمصالح».
وذكر انه بالرغم من هذا التطور في عمل مجلس التعاون فإن تطلعات قادة دول المجلس تظل أكبر من مستوى الإنجاز لتلبية طموحات شعوب دوله في تحقيق المزيد من المنجزات للأجيال القادمة، معربا عن أمله بأن تسفر هذه القمة عن تحقيق المزيد من الانجازات المشتركة وتكريس التشاور والتنسيق حيال كافة القضايا الاقليمية والدولية.