احتفت المملكة العربية السعودية أمس بالذكرى الأولى لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم، حيث عاهد الشعب السعودي مليكه على السمع والطاعة والولاء في السراء والضراء لتنطلق مسيرة حافلة سريعة الخطى من الإنجازات والمشروعات التنموية المختلفة على الصعيد الداخلي وتحول السعودية إلى مركز قوي لبلورة وصياغة السياسات الإقليمية في الشرق الأوسط على الصعيد الخارجي.
وباتت السعودية واحدة من مكونات المجتمع الدولي الرئيسة في مختلف القضايا والفعاليات، ولم تأت تلك المكانة إلا من خلال نجاحات الرياض المتوالية على مختلف الصعد بتوجيه وحنكة من قادتها. ودأب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على الاستمرار في مسيرة التطور والنمو والوصول بالمملكة إلى ريادة دولية في مختلف المجالات وذلك من خلال لقاءاته وزياراته.
ودشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عهده بتنفيذ مشروعات تنموية طموحة على الصعيد الداخلي لتحقيق رفاهية المواطن السعودي، كما بدأ عهداً من الحزم والإرادة الصلبة لترتب البيت العربي وحشد الدول العربية والإسلامية في صف واحد لمواجهة التدخلات الأجنبية في شؤونها من جانب ومحاربة الإرهاب من جانب آخر، الأمر الذي جعل من السعودية مركزاً لصناعة القرار السياسي العربي والإسلامي.
فخلال رئاسته لوفد السعودية المشارك في مؤتمر القمة العربية في دورته السادسة والعشرين في شرم الشيخ أكد خادم الحرمين الشريفين في كلمة ألقاها أمام القمة، أن الواقع المؤلم الذي تعيشه عدد من البلدان العربية من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء، هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في المنطقة العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول العربية.
وقال الملك سلمان: «في اليمن الشقيق أدى التدخل الخارجي إلى تمكين الميليشيات الحوثية - وهي فئة محدودة - من الانقلاب على السلطة الشرعية، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره». وأضاف أنّ «الميليشيات الحوثية المدعومة من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على اليمن وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة واستمرارها في تعنتها ورفضها لتحذيرات الشرعية اليمنية ومجلس التعاون ومجلس الأمن وللمبادرات السلمية كافة، والمضي قدمًا في عدوانها على الشعب اليمني وسلطته الشرعية وتهديد أمن المنطقة؛ ولذا فقد جاءت استجابة الدول الشقيقة والصديقة المشاركة في عاصفة الحزم لطلب فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي للوقوف إلى جانب اليمن الشقيق وشعبه العزيز وسلطته الشرعية وردع العدوان الحوثي الذي يشكل تهديدًا كبيرًا لأمن المنطقة واستقرارها وتهديدًا للسلم والأمن الدولي ومواجهة التنظيمات الإرهابية».
وأكد خادم الحرمين الشريفين أن الرياض تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كل الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة، مؤملاً أن يعود من تمرد على الشرعية لصوت العقل والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية والعبث بأمن الشعب اليمني العزيز والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب.
وقال الملك سلمان في كلمته إنّ «القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماتنا، وموقف المملكة العربية السعودية يظل كما كان دائمًا، مستندًا إلى ثوابت ومرتكزات تهدف جميعها إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة على أساس استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وأوضح أن الأزمة السورية مازالت تراوح مكانها ومع استمرارها تستمر معاناة وآلام الشعب السوري المنكوب بنظام يقصف القرى والمدن بالطائرات والغازات السامة والبراميل المتفجرة ويرفض كل مساعي الحل السلمي الإقليمية والدولية، مشددًا على أن أي جهد لإنهاء المأساة السورية يجب أن يستند إلى إعلان مؤتمر جنيف الأول، قائلاً: «لا نستطيع تصور مشاركة من تلطخت أياديهم بدماء الشعب السوري في تحديد مستقبل سوريا».
أمام التحديات
ومن جهته، قال رئيس مجلس الشورى السعودي د. عبدالله آل الشيخ، إن المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وقفت بكل ثقلها أمام التحديات التي تواجهها المنطقة وواجهتها بالقرارات الحازمة كان آخرها قرار المملكة قطع علاقاتها مع إيران لتضع بذلك حداً فاصلاً للتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وهو ما أيدته وباركته العديد الدول الشقيقة والصديقة، وحرصت في الشأن الداخلي على إرساء مؤسسة الحكم.
وقال آل الشيخ إن خبرة الملك سلمان بتاريخ الجزيرة العربية، وما مرت به من أحداث، مكنته اليوم من الحفاظ على أمن المملكة وجيرانها، متحلياً ببعد النظر في التعامل مع الأمور والتحديات التي تتربص بالأمة الإسلامية، وهو ما تجلى في قراره التاريخي بإطلاق عاصفة الحزم بمشاركة قوات عربية لدعم الشرعية في اليمن، وهو تحالف عربي يمهد الطريق لعودة التضامن ووحدة الصف العربي. وأوضح أن جهود المملكة العربية السعودية تواصلت في محاربة الإرهاب على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي وذهبت المملكة إلى أبعد من ذلك بتشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب ضم 34 دولة، وتأسيس مركز عمليات مشتركة بمدينة الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب.
وأوضح أن الملك سلمان أوكل مهمات كبيرة كانت موزعة في 16 مجلساً وهيئات عليا إلى مجلسين فقط: مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد، واختصر دورة العمل الروتينية لصنع القرار وتطبيقه حرصاً منه على إيجاد نقلة نوعية على كل المستويات، أخذاً بمبدأ التطوير المستمر لأجهزة الدولة إلى جانب الدفع بجيل الشباب لقيادة بعض الوزارات ومؤسسات الدولة سعياً منه للاستفادة من أفكارهم في التطوير والإصلاح.
في وجه التدخلات الأجنبية
بدوره، أكد وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي، أن القرارات التطويرية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على المستويين الاقتصادي والسياسي، جعلت المملكة تؤكد مكانتها الإقليمية والدولية، وتلفت أنظار العالم إلى عملها الجاد والحازم في محاربة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار والسلام إقليميًا ودوليًا، وذلك بإنشاء تحالف إسلامي، يضم أكثر من 30 دولة إسلامية.
وقال النعيمي إنّ ما يتمتع به الملك سلمان بن عبد العزيز بما يتصف به من حزم وعزم أثبت للأمة هيبتها ووحدتها، بنصرة الشعب اليمني، والوقوف إلى جانب الشرعية في اليمن، والحد من الخطر الخارجي، والتدخلات الأجنبية في الدول العربية، وآخرها اليمن.
وأوضح المهندس النعيمي أنه في الوقت الذي تعاني فيه بعض الدول في منطقتنا من عدم استقرار سياسي، وضعف اقتصادي، فإن المملكة العربية السعودية تقف بشموخ وصلابة، وتحافظ على أمنها، وتلاحم شعبها مع قيادتها، كما تحقق استقرارها ونموها الاقتصادي.
وأضاف أن المملكة تسير بثبات نحو مستقبل اقتصادي زاهر، بإعلان برنامج التحوّل الوطني (المملكة 2020) الذي يتم من خلاله تقييم وتقويم أداء وخطط أجهزة الدولة، والتركيز على تنويع مصادر الدخل، وتحقيق كفاءة الإنفاق الحكومي، وإعادة ترتيب الأولويات، وتوفير وظائف للسعوديين.
حراك دبلوماسي
وفي ذات السياق، أكد وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، أن المملكة واصلت المسير بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على محددات ومرتكزات ثابتة في سياستها الخارجية، لا تحيد عنها، تقوم على مبدأ حُسن الجوار، وعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وخدمة القضايا الإسلامية والعربية، والقيام بدور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية وذلك لتعزيز العلاقات الثنائية لخدمة المصالح المشتركة، وخدمة الأمن والسلم الدوليين.
وبين الجبير أنه عند تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم أكد سياسة حكومة المملكة حين قال: «سنواصل مسيرتنا في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا، مهتدين بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه المولى لنا، وهو دين السلام والرحمة والوسطية والاعتدال«. وأضاف: «منذ اليوم الأول لتولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، شهدت الدبلوماسية السعودية حراكًا كبيرًا في مختلف الاتجاهات، بدءاً بالزيارات التي قام بها لمدن العالم ومروراً بالقمم التي احتضنتها المملكة. كما كانت المملكة العربية السعودية وجهة العديد من زعامات العالم وقادته بهدف تعزيز العلاقات المشتركة وتنمية المصالح المتبادلة والتنسيق والتشاور المستمر في كل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
تحديات
وبين وزير الخارجية السعودي أن العام المنصرم «شهد تحديات جمة أمام دول الإقليم، انبرت لها المملكة بقيادة الملك سلمان لجمع العرب والمسلمين على كلمة سواء، والعمل بكل عزم وحزم لحل الأزمات القائمة، ومحاربة التطرف والإرهاب الذي يغزو العالم، وذلك بما يحفظ أمن الشعوب ووحدتها الوطنية وسلامة أقاليمها وفق مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها».
إعادة ثقة العرب في أنفسهم
قال الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب د. محمد علي كومان، إن ما يثير إعجاب وارتياح مجلس وزراء الداخلية العرب هو أن السياسة السعودية في مكافحة الإرهاب قد تعززت كثيراً منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم.
وأشار كومان أنّ السعودية برهنت خلال السنة المنصرمة على تصميمها على مكافحة الإرهاب وتوجيه ضربات قاضية إلى مدبري ومنفذي الأعمال الإرهابية، مثلما أكدت إيمانها بالمواجهة الشاملة التي تعتمد إلى جانب المكافحة الأمنية أبعاداً فكرية وتنموية واجتماعية.
وأضاف كومان أن التوصل إلى تشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب الذي سيهتم أيضاً بالمواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب، جاء ليؤكد ريادة المملكة وموقعها في صدارة الدول المناهضة للإرهاب.
وأوضح أن عاصفة الحزم المدوية والقرار الحاسم بقطع العلاقات مع إيران أكبر دليل على أن خادم الحرمين الشريفين رجل المواقف الصلبة التي لا تقبل المساومة، مشيراً إلى أن ذكرى البيعة تأتي والعالم «ينظر باحترام ومهابة إلى الملك سلمان رمز الشجاعة والحزم الذي لا يقبل أن يضام جاره ولا أن تنتهك حرمات بلده، كما تأتي والأمة العربية والإسلامية تتطلع بكل تقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الذي أعاد لها الثقة في نفسها وعزز مكانتها بين الأمم».