تحولت مدينة الملك خالد العسكرية في مدينة حفر الباطن شمال المملكة العربية السعودية منذ أيام عدة إلى خلية نحل عسكرية مع بدء توافد قوات عسكرية من أكثر من 20 دولة عربية وإسلامية استعداداً لانطلاق تمرين «رعد الشمال» الذي وصف بأنه أكبر مناورة عسكرية في تاريخ المنطقة من حيث عدد الدول المشاركة، والعتاد العسكري النوعي من أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة ومتطورة.
ويرى المحللون أن تمرين «رعد الشمال» يؤكد أن قيادات الدول المشاركة الـ20 تتفق تماماً مع رؤية المملكة العربية السعودية في ضرورة حماية السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتهدف المناورات إلى الحفاظ على الأمن الخليجي والعربي والإسلامي المشترك، ورفع الجاهزية القتالية وتنسيق العمليات بين القوات المشاركة، كما أنها تمثل وفقا للمحلل العسكري الاستراتيجي العقيد الركن إبراهيم آل مرعي «رسالة صريحة إلى إيران والدول الإقليمية الداعمة لها، مفادها أن أي نية سيئة ستواجه بحزم، كما ووجهت إيران بحزم في اليمن».
ويرى المحللون أن المناورات تعكس الاستعدادات القتالية لقوات الدول المشاركة، ومهاراتها في التنسيق واختبار قدرتها على التدخل، خاصة في منطقة أصبحت فيها الاضطرابات موضة وتفريخ الخلايا الإرهابية صناعة شيطانية، توظفها القوى الشريرة لنشر الاضطرابات والفتن في العالم العربي باسم الإسلام، ابتداء من تنظيم داعش الإرهابي والخلايا والأحزاب والمنظمات التي تنسجها إيران في الوطن العربي وتطلقها لإشعال الفتن والحروب والاضطرابات.
رسالة
ويقول مراقبون عسكريون إن المناورات الجوية ـ البرية ـ البحرية الأضخم من نوعها، والتي ثار حولها وبخصوصها الكثير من الجدل السياسي والاستراتيجي على مدار الأيام القليلة الماضية، تهدف بشكل رئيس لإرسال إشارات لإيران تحديدا، حتى توقف تدخلاتها الاستفزازية في المنطقة، كما أنها تأتي في سياق «تسييج» الأمن القومي العربي الذي تتصدر السعودية، بصفتها الدولة القائدة للعالم العربي، مهمة حشد القوى العسكرية لحمايتها.
ويمثل انطلاق المناورات بمشاركة 150 ألف عنصر ونحو 300 طائرة منها «رياح الشرق» ومقاتلات «التايفون» و«الأباتشي» و«الأواكس» وصواريخ استراتيجية متعددة، ومئات الدبابات وأحدث القطع البحرية، تأكيدا عسكريا على أن الرياض التي حشدت كل هذه القوة العربية والإسلامية الضاربة تستطيع مع أشقائها فقط أن تدافع عن قضايا الأمة الإسلامية ومصالحها الحيوية دونما حاجة إلى قوى خارجية من وراء البحار.
وتتفق العديد من منابر التحليل السياسي بأن المناورات تؤكد ليس على قدرة الرياض في حشد القوى العسكرية للعالم العربي والإسلامي فقط، بل وعلى قدرتها على استنفار مليار ونصف المليار مسلم بإشارة منها فقط لتلبية «حي على الجهاد دفاعا عن مصالح الأمة الإسلامية وكرامتها وعزتها، كونها دولة قائدة وتحتضن الحرمين الشريفين (المكي والمدني) قبلة ومهوى فؤاد المسلمين من كافة بقاع الأرض».
وتؤكد مصادر سعودية أن أول مرتكزات التمرين قد انطلقت يوم الأحد الماضي وهو مرتكز «التثقيف والتأكيد» الذي يستمر من يوم 14 - 25 فبراير، وهو المرتكز الذي يسبق التمرين ويعمل على تثقيف جميع المستهدفين وتأكيد مجموعة من الحقائق منها، أن الدول المشاركة في التمرين ماضية في تحقيق أهدافها، وهي بصدد إجراء تمرين مشترك لمواجهة قوى التطرف، وخلق حالة من الترقب بإضاءات على التفاصيل الخاصة بالتمرين.
ويتمثل المرتكز الثاني وهو «التفعيل والتهذيب» (26 فبراير إلى 10 مارس) وهو مرتكز المناورة الختامية للتمرين، وفيه يتم التركيز على التمرين نفسه بمختلف تفاصيله لإبراز قوته ومدى قدرة الدول المشاركة فيه على ردع أي عدوان عنها وعن المنطقة برمتها، وذلك من خلال: إبراز الحدث بالشكل الذي يليق بقوة، ومكانة الدول المشاركة فيه.
أما المرتكز الثالث والأخير وهو التعزيز والتشديد (ما بعد 10 مارس)، فمن خلاله يتم تعزيز وجود الدول المشاركة في التمرين ككيان وجد ليستمر حتى تحقيق جميع أهدافه مع التشديد والتأكيد على القوة والمتانة التي يكتسبها مع مرور الوقت.
إجماع
يجمع المحللون العسكريون على أن هذا الحشد العسكري الكبير يمثل رسالة دعم وتضامن من الدول المشاركة في المناورة للمملكة العربية السعودية ضد إيران، كما أنه يبرز القوة العسكرية العربية خاصة في ظل مشاركة أكبر قوتين عربيتين السعودية ومصر، كما يؤدي إلى تعزيز التعاون وتوثيق التفاهم العسكري بين الدول العربية والإسلامية بعد تكوين التحالف العسكري الإسلامي في ديسمبر.