«إن المستقبل صفحة بيضاء، وفي أيدينا أن نملأها بما شئنا؛ عيشًا وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية. فإذا افترقنا نكون قد أخطأنا في حق الوطن وأنفسنا وأبنائنا، وإن تعاونّا على العمل والبناء سنملؤها بما نتمنى لوطننا من رفاهية وازدهار».. كذلك قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الثالث من يونيو 2014 في أول خطاب منه للشعب المصري عقب إعلان فوزه رسميًا برئاسة الجمهورية.حرص فيه برغم ايجازه على تأكيد قيمة العمل، قائلًا: «حان وقت العمل، العمل الذي تنتقل به مصرنا العزيزة إلى غدٍ مشرق ومستقبلٍ أفضل، العمل الذي يعود به الاستقرار لهذا الوطن لينطلق إلى آفاق التقدم والرُقي الذي يستحقه هذا الشعب العظيم».
عامان مرّا من الفترة الرئاسية الأولى للرئيس المصري، نجح خلالهما في خلق نموذج خاص في العمل؛ فبدا كشعلة نشاط، مدفوعًا بثقة المصريين المتزايدة فيه وإصرارهم على المضي قدمًا نحو استكمال بناء البلد، فحرص على إطلاق المشروعات القومية العملاقة وتنفيذها في أسرع وقت وأعلى جودة وأقل تكلفة. كما حرص على استعادة مكانة مصر في العالم؛ فخرج في جولات وزيارات خارجية كان لها عظيم الأثر في إحباط محاولات «عزل مصر دوليًا».
مسؤولية عظيمة
ومع عِظم المسؤولية وخطورة المرحلة وطبيعة التحديات التي شهدتها مصر، فإن الرجل الذي واجه جماعة تريد اختطاف البلد وانحاز إلى الشعب في ثورته في 30 يونيو قد واجه كل هذه العقبات وسعى خلال عامين نحو تحقيق نجاحات على مختلف الأصعدة ومعالجة إرث عقود من الفساد.
ونبّه عضو مجلس النواب المصري النائب محمد أبو حامد إلى أن الرئيس السيسي قد أطلق محاور رئيسية مثلت برنامجًا انتخابيًا له، وهي المحاور التي بدا السيسي سائرًا في طريق تنفيذها طيلة الفترة الماضية، خاصة فيما يتعلق بالمشروعات القومية التي يتم تنفيذها ويقوم الرئيس بافتتاحها، مؤكدًا أن الرئيس السيسي ماضٍ في طريقه نحو تنفيذ كامل تعهدات للشعب المصري والمحاور التي أطلقها في رؤيته رغم التحديات التي تشهدها مصر.
سلسلة أزمات ونجاحات
وشهدت مصر خلال العام الثاني من الفترة الرئاسية الأولى للسيسي فقط سلسلة متصلة من الأزمات، من بينها أزمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني وأزمة الطائرة الروسية وأزمة الدولار محليًا، وغيرها من العقبات التي تعتبر من بين التحديات التي واجهت السيسي خلال العام الماضي وحده؛ لكن السلطات المصرية أظهرت قوة وصلابة في المواجهة ومضت في طريق تحقيق الإنجازات غير المسبوقة، وفق تأكيدات الكاتب الصحافي البارز مكرم محمد أحمد، الذي وصف الرئيس السيسي بـ«الأكثر إنجازًا» رغم التحديات.
أما على الصعيد الاقتصادي،حرص الرئيس السيسي على إطلاق العديد من المشروعات القومية الكبرى وتأكيد ضرورة إنجازها في أسرع وقت ممكن وبأقل تكلفة وأعلى جودة تتناسب والمعايير الدولية؛ أبرزها مشروع المليون ونصف المليون فدان والمشروع القومي للطرق والمشروع القومي لمحطات معالجة المياه والمشروع القومي للكهرباء الذي يتضمن مضاعفة إنتاج الكهرباء ومشروع تنمية سيناء وقناة السويس الجديدة ومحور تنمية قناة السويس. وجاء مشروع قناة السويس الجديدة التي افتتحتها مصر في 6 أغسطس 2015 من بين أبرز المشروعات التي تم تنفيذها.
سرعة وقوة
وحلل رجل الأعمال المصري نائب رئيس حزب الوفد الليبرالي المهندس ياسر قورة أداء السيسي على الصعيد الاقتصادي مؤكدًا لـ«البيان» أن أداء الرئيس بشكل عام سريع وقوي، وهو ما أحرج الحكومات التي عملت معه، لاسيما وأن أداءها لم يكن على نفس وتيرة الأداء الرئاسي؛ وهو ما تسبب في حدوث بعض التعطل في ملفات بعينها. في الوقت الذي شدد فيه على أن أبرز ما شهده الملف الاقتصادي ما يتعلق بالمشروعات القومية التي أطلقها الرئيس السيسي خلال العامين الماضيين وأسهمت في تعزيز ثقة المصريين فيه.
مكافحة الإرهاب
حققت مصر خلال أول عامين في الفترة الرئاسية الأولى للسيسي نجاحات واسعة في معركة مكافحة الإرهاب؛ حيث تم الحد بصورة كبيرة من خطورة الجماعات الإرهابية في شمال سيناء، إذ تم القضاء على العديد من العناصر الخطرة والقبض على آخرين في عمليات واسعة قلصت خطورة هذه الجماعات وجعلتها عاجزة عن تنفيذ أي عمليات كبيرة على الحدود المصرية أو في المحافظات؛ من خلال تكثيف التعاون بين القوات المسلحة والشرطة المدنية. كما عاد الأمن إلى الشارع المصري، وهو العنصر الذي كان يفتقده المصريون في فترات كثيرة سابقة. في الوقت الذي تم فيه القضاء على أكثر من 90% من خطورة العناصر الإرهابية وعناصرها، بحسب تأكيدات مصدر عسكري مصري لـ«البيان».
وتحدث خبير الأمن القومي رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق في المخابرات الحربية المصرية اللواء نصر سالم، لـ«البيان»، عن النجاحات التي تحققت في إطار الشق الأمني، مؤكدًا أنه قد تم القضاء على غالبية العناصر الإرهابية في شمال سيناء والحد من خطورة المختبئين منهم وسط الأهالي، فيما تم تدمير كل الأنفاق التي تستخدم في تهريب الأسلحة والأفراد.
الأوضاع الداخلية
وعلى صعيد عودة الأمن إلى الشارع المصري، ذكر الخبير الأمني مساعد وزير داخلية مصر الأسبق اللواء مجدي البسيوني أن قوات الشرطة نجحت في إعادة ضبط إيقاع الأمن في المحافظات المصرية على المستويات كافة. كما تمكنت من إحباط العديد من المخططات الإرهابية والإجرامية؛ ما أعاد الهدوء إلى المحافظات بعد فترة شهدت اضطرابات وعمليات إرهابية عقب ثورة 30 يونيو.
وفيما يتعلق بالأوضاع الداخلية، فقد نجح السيسي -وفق محللين- في استعادة الثقة المفقودة طيلة عقود ماضية بين المواطنين ومؤسسة الرئاسة، رغم بعض مواطن الجدل الدائرة في الأوساط المصرية حول بعض الملفات؛ من بينها ارتفاع الأسعار، والجدل الدائر حول عدد من الوقائع الفردية والأحداث المتفرقة.
وفي هذا الصدد، اعتبر نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د.عمرو هاشم ربيع أن هناك نقاطًا إيجابية وأخرى سلبية قد شهدتها السنتان الماضيتان في هذا الصدد؛ فعلى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي كانت هناك «نوايا طيبة» من الرئيس السيسي للإصلاح والتغيير، لكنها لم تؤت أكلها بشكل كامل.
سنة ثالثة
يبدأ الرئيس المصري عامه الثالث من فترته الرئاسية الأولى مُحملًا بتطلعات شعبية لتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية، وبأن تؤتي المشروعات القومية التي يتم العمل عليها ثمارًا إيجابيًا ملموسة وأن تتواصل عجلة الإنجازات، وسط تحديات متصلة تواجهها مصر داخليًا وخارجيًا.