أكد رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية السياسية البحرينية الشيخ عبداللطيف المحمود، أن إيران تعمل على اقتناص فرصة مواتية لإشعال فتنة طائفية بين مكونات المجتمع البحريني، داعياً إلى إفشال هذه المساعي التي تتزامن مع انقسام غير مسبوق في الأمة العربية نتيجة «الربيع العربي» ورحب المحمود في حوار أجرته معه «البيان» بإسقاط الجنسية عن عيسى قاسم الذي سعى إلى خلق الفتنة.

وفي ما يلي مجريات الحوار الذي أجرته «البيان» مع الشيخ عبداللطيف المحمود، و تركّز على مواجهة مخطّطات الفتنة في البحرين والمنطقة:

كيف تقرأون قرار وزارة الداخلية البحرينية إسقاط الجنسية عن عيسى قاسم؟

نرحب بقرارات الحكومة بسحب الجنسية بالحيثيات والمعلومات التي تمتلكها الحكومة، وبكل الخطوات الأخرى والقرارات التي تتخذها حكومة البحرين لحفظ الأمن ودرء الفتنة وتعزيز الاستقرار، وفقاً للقانون والدستور.

ومن الأهمية عدم الخلط بين الحريات السياسية وبين الأعمال والتصرفات التي تهدد الأمن الاجتماعي وتحقق أهداف إيران في اقتناص فرصة مواتية لإشعال فتنة طائفية بين مكونات المجتمع البحريني الدينية، مع تأكيدنا بتجمع الوحدة الوطنية على أهمية تعزيز التعايش والتسامح بين مكونات المجتمع البحريني، مع الحفاظ على كافة الحقوق الدينية والسياسية لأهل البحرين بمختلف طوائفهم وعقائدهم ومذاهبهم كشركاء أصيلين في وطن موحد، لا يقبلون بينهم خائناً ولا عميلاً ولا وكيلاً لأجندات خارجية.

تفاوتت ردود الأفعال الإقليمية الغربية حول إسقاط جنسية قاسم. كيف قرأت هذه المواقف؟

إن الموقف المتوافق بين تهديدات قادة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والخارجية الأميركية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن جميع هذه الأطراف تحمل أجندة مشتركة في إطار المؤامرة الكبرى ضد الهوية العربية الإسلامية، وتهدف وفق خطة موحدة لاستخدام الطائفية كأداة لتحقيق مشروعهم المرسوم مشروع الشرق الأوسط الجديد بنفوذ فارسي في الدول العربية وهيمنة سياسية واقتصادية غربية وأمريكية على المنطقة على حساب مكتسباتنا الثقافية والاقتصادية وهويتنا العربية والخليجية الإسلامية.

كيف ترى حال الأمة في ظل التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية ؟

تعيش الأمة العربية في ظل انقسامات سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية، وما زاد الطين بلة هو حجم التدخلات الأجنبية الإقليمية والدولية للنيل من كياناتها داخليا وخارجيا ضد المصالح العربية والإسلامية ووجود السلبيات الداخلية التي هيأت الأرضية للتدخل الأجنبي وكانت نتائج ما سمي بالربيع العربي حروباً داخلية فيما بين الطوائف والأحزاب داخل تلك الدول.

ومع ذلك فإن دول مجلس التعاون الخليجي ولله الحمد كانت في ثبات سياسي داخليا وخارجيا، رغم ما يحيط بها من تحديات ساخنة أبرزها، سقوط العراق تحت الهيمنة الأميركية والإيرانية، وبروز الأحزاب الطائفية في العراق ومحاولة العبث بكل المكونات الشعبية في الدول الخليجية التي لا تتفق ومنهاج هذه الأحزاب الطائفية، والاصطدام السياسي والعسكري في سوريا وتأزم الحالة وعدم الوصول لحلها في مواجهة النظام السوري الذي مارس القتل الهمجي على شعبه بالتعاون مع إيران وحزب الله والميليشيات العسكرية العراقية والتدخل الروسي والمباركة الأميركية والغربية، إضافة إلى ما يجري في اليمن من تدخلات إيرانية لإقامة نظام حكم تابع لولاية الفقيه من أجل محاصرة المملكة العربية السعودية.

كما يشهد حالة تطاحن وعدم القدرة على الاستقرار السياسي لانتخاب رئيس للجمهورية بسبب تعنت القوى والأحزاب السياسية لأي اتفاق داخلي، وتسلط حزب الله المدعوم من إيران لمزيد من الانقسام السياسي في هذا البلد.

وبعض أتباع الطوائف المذهبية في دول الخليج التي صعدت من روح التحدي والكراهية لأنظمة الدول الخليجية بسلسلة من الفواجع الأمنية وراحت ضحايا كثيرة نتيجة للعنف الدائر بين رجالات الشرطة والمجموعات التخريبية.

هل ترى أن التمدد الإيراني المتسارع في المنطقة يواجه خليجياً وعربياً كما هو مطلوب ؟

نرى في تجمع الوحدة الوطنية أن النظام الحاكم في إيران هو نظام طائفي فارسي قومي يسعى للتمدد باستخدام القوى الطائفية، ويحاول أن يسمم أجواء العلاقات بينها وبين الدول الخليجية والعربية والإسلامية وتمزيق وحدتها وتحدي سيادتها في الداخل والخارج.

الاتفاق النووي

ومنحها الاتفاق النووي السند والدعم للحراك العسكري والسياسي لتحقيق أطماعه، لذا نعتقد بضرورة الإسراع في إقامة الوحدة الخليجية من أجل أن يتم التصدي لهذا الاستعمار الطائفي الجديد المدعوم من أميركا والدول الغربية. وأعتقد أن بزوغ التحالف العربي والإسلامي في فعاليات رعد الشمال هو موقف سياسي يصب في الاتجاه لمواجهة تمدد نظام ولاية الفقيه رغم أن الدول الخليجية والعربية لا تود أن تتحول هذه المنطقة إلى منطقة صدام عسكري.

يرى البعض بأن الانفتاح السياسي الذي شهدته البحرين في السنوات الأخيرة تم استغلاله من القوى الطائفية التي تدعمها إيران.. ما رأيك ؟

لم يكن الانفتاح السياسي إلا جزءاً من الحركة الإصلاحية التي أعلنها الملك حمد بن عيسى لمعالجة السلبيات التي ظهرت من خلال تطبيق قانون أمن الدولة والبناء على الإيجابيات التي حققها المجتمع البحريني من خلال العقود الماضية، والتأكيد على حق الشعب في ممارسة حقه السياسي، إذ تقدم جلالته بمشروع ميثاق العمل الوطني الذي صادق عليه الشعب وبنسبة 98.4 في المئة.

نعم استغلت بعض الأطراف الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية هذا الانفتاح للعبث بالأمن والاستقرار واستغلاله لمنافعهم ومصالحهم الطائفية الضيقة.

تتمسك بعض الجمعيات المعارضة في البحرين بالعناد السياسي مع غياب للرشد السياسي. ما المطلوب لإعادة بناء الثقة واحتواء التأزيم؟

هناك أفراد يمارسون العمل السياسي وفق مساحة من العقل الوطني، ويتدبرون شؤون الشأن السياسي وفق رؤية وطنية صادقة ومرجعيتهم دائما هي ميثاق العمل الوطني والدستور والمحافظة على الأمن والاستقرار والتعايش بين مكونات المجتمع البحريني، يضعون أمامهم مصالح الوطن العليا ومعيشة المواطن والدفاع عن الوطن.

وهناك أشخاص يمارسون العمل السياسي بمنهجية العنف الفكري وإلغاء الآخرين والمواجهة مع النظام ومع بقية مكونات المجتمع منها على طرفي نقيض حالهم كما قال الشاعر: أريد حياته ويريد موتي وكم بين التمني والتمني.

ودعت القيادة السياسية في مملكة البحرين إلى حوار للتوافق الوطني وبحضور ممثلي الجمعيات السياسية وبعض الشخصيات الوطنية المؤثرة، وقد ساهمنا كجمعية سياسية في طرح الكثير من النقاط المضيئة والأفكار الوطنية التي يمكن أن تكون بديلا سياسيا عاقلا ورشيدا لحل أزماتنا.

ألا ترى بأن البحرين بحاجة لحزمة من القوانين الصارمة فيما يخص التخابر مع الأجنبي والتعاطف مع أجنداته؟

مملكة البحرين ليست دولة حديثة لا تملك قوانين، بل إن البحرين لديها حزمة من القوانين التي يمكن الاعتداد بها كدولة تملك رصيدا كبيرا يؤهلها لاحترام السلطة القضائية في أحكامها، وهناك مساع من قبل السلطة التشريعية في غرفتيها للارتقاء بالأداة التشريعية.

 علما بأن هناك قوانين كقانون محاربة الإرهاب وقوانين أخرى في قانون العقوبات فيها بعض الأحكام التي تدين من يتخابر مع الأجنبي بعقوبات صارمة، ولكننا نعتقد بضرورة تطوير هذه القوانين لمواجهة أي جرائم جديدة لم يتناولها القانون.