أكملت ماريكو ميلر وهي ممرضة إسعاف كندية سبع بعثات مع منظمة أطباء بلا حدود في عدة بلدان. وتعمل حالياً مع منظمة أطباء بلا حدود في شمال العراق، حيث تقوم بتقديم الرعاية الصحية للسكان النازحين داخلياً الذين فرّوا من النزاع المسلح.
وبالرغم من خطورة الوضع في العراق إلا أنها حريصة على تقديم المساعدة للنازحين وتروي العديد من العائلات قصصاً عن رحلاتها المحفوفة بالمخاطر للوصول إلى مكان آمن، حيث أمضت أياماً عديدة وهي تمشي في مناطق تملؤها العبوات الناسفة التي أسفرت عن مقتل وجرح العديد من الأشخاص.
ولكن ما إن التقت مع الممرضة ماريكو ميلرتحول الكابوس الى فرحة، حيث إنها ليست ممرضة فقط وإنما مختصة نفسية قدمت العديد من النصائح للنازحين، حيث تقابلهم يوميا بوجهها المبتسم في محاولة منها لإزالة هموم الوضع المتدني في العراق من تنظيم داعش الى قلة الخدمات.
تشارك ماريكو قصتها في مساعدة الأشخاص الذين وصلوا إلى كركوك وتقول: هناك أعين تحيط بي وتتلفت هنا وهناك ضمن حشد من الناس على درجة عالية من اليقظة لم أرها من قبل. أشاهد طفلاً صغيراً بين ذراعي أمه، تحاول يداه بشدة أن تمسك الهواء المحيط به.
ويعاني هذا الطفل من جوع شديد يصعب على المرء أن يشاهده. وفجأة تظهر أمامه علبة من البسكويت موضوعة ضمن صندوق فنظرت إلى عينيه وهما مثبتتان عليها ورأيته يعارك الغلاف البلاستيكي. صورته هذه لا تفارق ذهني.
فهو أصغر من أن يضطر للمعاناة من الجوع، وأصغر من أن يفهم القرارات التي أجبرت عائلته على اتخاذها كي ينجو هو بحياته، وأصغر من أن يدرك كيف ستؤثر هذه الرحلة على مستقبله. وتحيط به مجموعات مبعثرة من الناس تلتم حول صناديق من الطعام. يأكل هؤلاء الأشخاص بعد ستة أيام من الجوع وعامين من المعاناة تحت سيطرة المجموعات المسلحة.
وأضافت في الأسبوع الماضي، جاءتنا عدة حالات لأطفال أصيبوا بجروح جراء الانفجارات وقام أطباؤنا بإزالة الشظايا والقطع المعدنية من أطراف أجسامهم بنجاح، واستطاع الفريق إحالتهم إلى المستشفى الإسعافي في كركوك، حيث تقوم منظمة أطباء بلا حدود بتقديم الدعم هناك أيضاً.
نحن لا نشاهد إلا الذين نجحوا في الوصول والذين بقوا على قيد الحياة بعد الرحلة المحفوفة بالمخاطر ووصلوا إلى نقاط الدخول متجاوزين خط الجبهة. ونعلم بأن هناك العديدين ممن لم يغادروا أماكنهم.