أطفال المخيمات السورية.. قصة ألم غير محكية

ت + ت - الحجم الطبيعي

دائماً ما تكون الحقيقة مرة ومؤلمة، لكن مهما بلغت مرارتها فلن تعادل المرارة والألم الذي يعيشه أطفال سوريا وهم يقبعون في مخيمات متهالكة لا تحميهم من برد الشتاء ولا تشفع لهم من لهيب الصيف. هذه هي حال مخيمات الداخل السوري.

مأساة تفوق الوصف، يحتاج المرء أن يستعيد قواه وهو يتجول في مخيمات شبيهة إلى حد كبير بشكل الصراع الدائر. تناثر أطفال هذا الشعب في كل مكان في الداخل والخارج على حد سواء.. ولا زال المستقبل مظلماً أمامهم.

وعلى الرغم من المساعدات الإنسانية التي تدفع بها الأمم المتحدة وبعض المنظمات الإنسانية، إلا أنك -حتى الآن- تجد على أرض الصراع مخيمات «بلاستيكية»، في قمم الجبال وفي بطون الأودية، وكأنك لا تنتمي إلى هذا العالم، منذ اللحظة الأولى التي تطأ قدماك الأرض السورية، تسيطر عليك صدمة وذهول ودهشة وأنت تشاهد مخيمات في ريف اللاذقية على الحدود السورية التركية.

صراع مع الجوع

أطفال أمضوا حياتهم في هذه المخيمات المنسية، يصارعون الجوع والبرد والحاجة بعيداً عن أعين المنظمات الإنسانية. تحاصرهم جبهات القتال من جهة والقوانين التركية التي قررت وقف تدفق اللاجئين بعد فوضى العبور من جهة أخرى.

على سفوح جبال اللاذقية المجاورة للحدود التركية، ثمة مجتمع «لاجئين»، أبطاله أطفال سوريا الذين أبعدتهم الحرب عن مقاعد الدراسة ليواجهوا مستقبلاً لا لون له في ظل الصراع المستمر.

«البيان»، التقت في وقت سابق العديد من أطفال سوريا في مخيمات باب الهوى واللاذقية، وتحدثت إلى هؤلاء الأطفال الذين لا يعرفون من المدرسة إلا اسمها. فقد مر على الصراع ست سنوات حرمت هؤلاء من حق يمتلكه كل طفل في العالم باستثناء الطفل السوري.

ومن بين ما دار من حديث مع هؤلاء الأطفال، كان سؤال: كيف تقضون يومكم، فكانت الإجابة بحجم الصراع «إننا نجمع الحطب من الغابة حتى نشعله ليلاً»!

الأكثر ألما، من كل هذا تجد أطفالاً لا يتجاوزون سن الثانية عشرة، يعملون على خطوط التهريب إلى تركيا. جعلوا أجسادهم الطرية عرضة للمخاطر من أجل لقمة يومية فقط.

هذا ليس ضرباً من المبالغة، إنها حياة قائمة حتى الآن في جبل التركمان والأكراد في ريف اللاذقية.

فشل دولي

وفي تقرير لمنظمة «ذير وورلد»، قال: إن المجتمع الدولي فشل في الوفاء بتعهداته بإدخال جميع الأطفال السوريين اللاجئين في دول الجوار المدارس، وإن مليون طفل سوري لاجئ لن يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس في العام 2016.

وأشار التقرير إلى أن المجتمع الدولي لم ينجح في تمويل الدول المضيفة للاجئين، حيث بلغ العجز مليار دولار. وسيؤثر هذا العجز على 2.5 مليون طفل سُجلوا لاجئين، أغلبهم يعيش في تركيا ولبنان والأردن.

ويحذر تقرير منظمة «ذير وورلد» من فقدان جيل من السوريين، إذا لم تتخذ خطوات جدية لتمكين الأطفال من دخول المدارس.

إن جيلاً كاملاً من أطفال سوريا فتكت به الحرب، ليتحول إلى عبء على المجتمع السوري وعلى الدولة السورية، حتى الأطفال الذين فروا مع عائلاتهم إلى الدول الأوروبية لن يكونوا يوماً من نصيب سوريا، فقد أصبحت لهم حياة غربية لا تشبه النمط السوري. كل شيء في هذا البلد انتهك إلى النهاية وقد دفع هؤلاء الأطفال الثمن الأغلى في هذه الحرب.

Email