تساؤلات كثيرة يطرحها الخبير والمواطن العربي، على حد سواء، عن أسباب انضمام الشباب للمنظات الإرهابية مثل تنظيم داعش، والآلية المثلى للتعامل مع العائدين منهم. وكان لافتاً التقرير الذي صدر في الولايات المتحدة ويصنّف الأردن كثاني بلد بعد تونس من حيث انضمام أبنائه لتنظيم داعش.

وأمام أنظار العالم ينجح «داعش» في التغرير بالشباب من مختلف أنحاء العالم حتى يأتوا للقتال في سوريا والعراق، وبمجرد وصولهم يتم إلحاقهم بمعسكرات لغسيل الدماغ، وغرس الأفكار الجديدة. ولدى التنظيم أسلحة وأموال وسيارات ولا أحد يعلم من أين يأتي بها، ولا لحساب من يقاتل.

هناك من المراقبين العرب من يرى أن هناك مسؤولية مشتركة تترتب على كل من الحكومة والمجتمع للحيلولة دون نجاح «داعش» في تجنيد الشباب العربي، معتبرين «يتعين علينا أن نلوم أنفسنا لفشلنا عندما تركنا شبابنا ليكون ضحية للأفكار المتزمتة والمتطرفة، فتجاهلنا الأمر وتعامينا عنه وخدعنا أنفسنا بنجاح البرامج التي تردع الشباب عن الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة».

رصد واهتمام

مواقع إلكترونية تهتم بالأمر رصداً ومعالجة، وتورد آراء لخبراء معنيين بالقضية ورصد الدوافع التي تقود الشباب للانضمام لمثل تلك التنظيمات الإرهابية، وكيف يجب التعامل مع العائدين منهم. فالمحلل السياسي والأكاديمي د. تيسير المشارقة يرى أن انتقال الشباب وبخاصة المراهقين إلى صفوف داعش ربما لا يكون عن طيب خاطر، بل بسبب الأحوال المعيشية والفراغ العاطفي، والفراغ الفكري للمغرر بهم، حيث يتأثر هؤلاء بالبلاغة والخطاب الديني المنمّق، وبخاصة أن العديد من هؤلاء يعانون من الأمية ولديهم قابلية في الانصياع لرغبات المتعلمين بفعل النقص والعجز. ويخضع هؤلاء الشباب لعمليات غسيل دماغ مبكرة على أيدي خبراء في الدعاية الدينية.

وقال المشارقة إن هؤلاء لم يتحوّلوا إلى مجرمين بسهولة بل بعد غسيل أدمغتهم وتحويلهم إلى وحوش بعد تفريغهم من إرادتهم واستقلال تفكيرهم.

المحلل السياسي د. حسام العتوم يعتبر أن ثمة جذوراً اجتماعية تقف خلف التحاق الشباب بتنظيم داعش، حيث التفكك الأسري والفقر والبطالة والشعور بالظلم الاجتماعي والتعرض لغسيل دماغي تطرفي. ويرى أن الإرهابي الذي يعود إلى رشده ويندمج في المجتمع والقوى المنتجة يجب استيعابه وإعادة توجيهه، مستشهداً في هذا الصدد بتجربة الشيشان بتوجيه من رئيسها رمضان أحمد قديروف.

عوامل دافعة

الخبير الأمني فيحان العيطان يرى في البطالة والفقر والتهميش الاجتماعي عوامل تدفع الشباب للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية.

لكن العيطان استدرك بأن البطالة والفقر وحدهما ليسا كافيين لتفسير انضمام الشباب لـ «داعش»، فهناك شباب من طبقات اجتماعية ميسورة، يتمتع بكل ما يتيحه العصر من مزايا التقدم العلمي والتكنولوجي ومع ذلك انضموا إلى «داعش».

وقال الخبير الأمني د. حسين الطراونة إنه لا توجد دراسات علمية بخصوص الأسباب التي تقود لانضمام الشباب لـ «داعش»، مضيفاً أن الكثير من هؤلاء هم من الساخطين والناقمين على المستوى المعيشي في بلدهم وفاقدين للهوية.

وأضاف الطراونة أن التنظيم الإرهابي لديه وسائل احترافية عبر استغلاله لوسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو. وطالب بفرض رقابة عبر القانون على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك كجزء من الحل لمواجهة هذا التنظيم. ودعا لإعادة النظر بالمناهج التعليمية.

الجدير ذكره وفقاً لأرقام غير رسمية، فإن نحو 4 آلاف أردني ينشطون في المجموعات المسلحة في العراق وسوريا، و80% منهم التحقوا بتنظيم داعش.

حلول

يطرح بعض الخبراء حلولاً من شأنها إعادة المغرر بهم إلى رشدهم، وذلك من خلال غرس قيمة التسامح وتعاليم الدين، واحتوائهم، وتوفير فرص عمل لهم. ويرون أن الواجب يقتضي المعالجة عن طريق نشر مؤسسات تعنى بإظهار صورة الدين الحقيقية في تسامحه ووسطيته واعتداله، ورفضه الأفكار المتطرفة. ويضيف آخرون ضرورة إعادة النظر ببعض المناهج العلمية وتضمينها القيم التسامحية وأخلاقيات الرحمة والاعتدال.