شكّلت السياسة التحريرية لقناة الجزيرة القطرية وتغطيتها المثيرة للجدل لأحداث المنطقة والعالم نموذجاً فريداً لاستخدام وسائل الإعلام لتبرير الأعمال الإرهابية ومن يقف وراءها، في خرق فاضح لأبسط معايير الموضوعية والأخلاق الصحافية والعمل الإعلامي.
ورغم البعد الجغرافي وما بدا انعداماً لخطوط التماس والتنافر الموضوعي للمصالح فيما بينها إلا أن روسيا كانت إحدى الدول التي طالتها حملات التشويه والاستهداف من على شاشات هذه القناة.
في هذا السياق يرى البروفيسور إبراهيم إبراهيموف من الجامعة الروسية الإسلامية أن دولة قطر تستخدم قناة الجزيرة لتقوية نفوذها في المنطقة، وتعمل من خلال ذلك على الاستفادة من حركات متطرفة، تتمتع بحضور في بعض البلدان العربية.
ويضيف إنه عندما وصلت جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر، بدأت الدوحة سريعاً في دعمهم وتمويلهم، كما قامت سراً وعلناً بالدعم الإعلامي لحركات معروفة بنشاطاتها الإرهابية في أكثر من بلد في الشرق الأوسط، حيث كانت قناة الجزيرة رأس الحربة في هذا النهج، الذي طال حتى الساحة الفلسطينية عبر إذكاء أجواء الخصومة والصراعات بين مختلف القوى في هذه الساحة.
ولفت إبراهيموف إلى تشغيل الجزيرة للشيخ يوسف القرضاوي، كإحدى أدواتها في الحرب الإعلامية والنفسية، حيث يقوم عبر شاشة القناة بإطلاق الفتاوى التحريضية والتكفيرية والمثيرة للجدل، ويبرّر ويدافع بشكل صريح عن ممارسات وأعمال التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة، رغم المئات من العمليات الوحشية التي قاما بها ولا يزالان في بلدان عربية وأجنبية.
منبر الإرهاب
من جانبه استغرب الخبير في شؤون الحركات الإرهابية فيكتور إيفانوف من غاية القناة القطرية في التحول إلى منبر لقادة الجماعات الإرهابية وكل من يحرض على العنف ويبرر الأعمال الدموية لهذه الجماعات، وانفرادها في إذاعة بياناتها وعملياتها العسكرية.
وذكر بأن «الجزيرة» كانت الوسيلة الإعلامية الوحيدة في العالم التي كانت تنفرد بإذاعة خطب وبيانات زعيم تنظيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن، ومن بعده في زعامة هذا التنظيم أيمن الظواهري، وانفراد مراسلي القناة في اللقاءات مع أمثال هؤلاء رغم أنهم يختبئون في أماكن سرية ومطلوبون لعشرات الدول بسبب جرائمهم.
وذكر -على سبيل المثال- بما نشرته مؤسسة «إم.جي.إم نيوز» عن مراسلات بين رئيس تحرير النسخة الإنجليزية لقناة الجزيرة مع المنتج التنفيذي للقناة التي تظهر بشكل صريح تبرير موظفي القناة للهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية في يناير 2015، إلى جانب تبرير اكتفاء القناة بوصف العمل الإجرامي بـ«الاعتداء على حرية التعبير!».
واعتبر أن ضمير القائمين على سياسة القناة وممارساتها غير المهنية تتحمل مسؤولية الدماء والأرواح التي أزهقت بسبب سياسة الأكاذيب وتشويه الحقائق خلال تغطية القناة الفكرية للاضطراب والحروب الأهلية في أكثر من مكان في العالم، التي ما زالت تنشط في الترويج لها.
تدخل في القرم
يتساءل البروفيسور إبراهيم إبراهيموف من الجامعة الروسية الإسلامية عن مصلحة قناة الجزيرة في الانحياز إلى موقف أوكرانيا تجاه مسألة القرم، رغم أنه لا علاقات استثنائية ومميزة تربط بين كييف والدولة التي تعمل فيها القناة، وقيام المحطة بتزوير الحقائق حول استفتاء القرم وانضمامه إلى روسيا، والترويج للعميات الإرهابية التي طالت مناطق عدة في روسيا، ومن بينها موسكو وسان بطرسبورغ والغمز من أن ذلك هو رد على سياسة روسيا الشرق أوسطية.
ودخلت قناة الجزيرة العالم المرئي الواسع في العام 1996، وبرزت سريعاً في فضاء الاعلام، جراء حملها شعارات كان يعتقد الكثيرون انها شعارات حقيقية تجسد فعلاً حقيقة القناة العربية ومقرها العاصمة القطرية (الدوحة).
غير ان ظهور الجزيرة بشكل لافت مع أحداث 11 سبتمبر 2001، اذ غطت الجزيرة حرب أفغانستان مباشرة من مكاتبها في (كابول)، إلا أن تبني الجزيرة خطاب زعماء (تنظيم القاعدة) وأبرزهم أسامة بن لادن وايمن الظواهري والملا عمر، وذلك من خلال الأشرطة المسجلة او الفيديوهات التي دلت على علاقة وثيقة بين القاعدة وقناة الجزيرة، وضع القناة في دائرة الشك لدى كثير من المشاهدين وحتى لدى الأنظمة.
توسّع
رأى الكاتب السعودي تركي التركي أن قناة الجزيرة تستطيع التواصل مع جميع الأوساط المتطرفة في كل مكان، وحتى مع القاعدة وغيرها، لأنه يوجد داخل القناة أشخاص تثق بهم قيادات الجماعات الأصولية ثقة كبيرة، إضافة إلى علاقة الجزيرة بمؤسسات ناشئة وأفراد يجمعهم وحدة الهدف والتمويل المشترك، على الرغم من تباين أماكنهم ومنصاتهم الإعلامية. فمن تركيا إلى الولايات المتحدة وكندا مروراً بالمركز لندن تُنسج شبكة من العلاقات المشبوهة والممهورة بأسماء مزيفة أو منبوذة.