شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، على أنه بينما تُبذل الجهود في إطار مكافحة الإرهاب، وكذا التوصل لتسويات سياسية لأزمات المنطقة «نجد أشقاء لنا وغير أشقاء يقومون بدعمه وتمويله»، ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة، مشدداً على أن التصدي للدول الراعية للإرهاب بكل حسم وقوة أصبح فرضاً واجبًا، فيما كشفت وثيقة عن تورط الدوحة في إرسال مقاتلين مغاربة إلى سوريا، ورعاية الإرهاب والاغتيالات في ليبيا.


وقال السيسي- خلال كلمته أمس في احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر- إن الإرهاب يتطلب أربعة عناصر لمواجهته والقضاء عليه، هي (تجديد الخطاب الديني، والتعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية بمعيار واحد، وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها لاستعادة الاستقرار بالمنطقة، ومنع تمويل الجماعات الإرهابية وإيقاف مدها بالسلاح والمقاتلين).


وتابع: «بينما نبذل نحن، حكومة وشعباً، أقصى الجهد في مكافحة الإرهاب والتصدي له عسكرياً وأمنياً وفكرياً وسياسياً، ونبذل كذلك أقصى الجهد في دعم التسويات السياسية السلمية للأزمات القائمة في المنطقة، بما يعيد لدولها الاستقرار والأمن، ويقضي على الفراغ الذي يستغله الإرهاب ليتمدد وينمو؛ بينما نفعل كل ذلك، نجد أشقاء لنا، وغير أشقاء، يقومون بدعم الإرهاب وتمويله ورعايته، نجدهم يوفرون لجماعات الإرهاب وفكر الإرهاب المنابر الإعلامية والثقافية، ينفقون عليها مليارات الدولارات سنوياً، ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الفكر الإجرامي المدمر، يستغلون التكنولوجيا الحديثة وما أنتجته الحضارة الإنسانية لضرب هذه الحضارة وهدم ما حققته الشعوب من مكتسبات وما تنعم به من أمان».


وهم الهيمنة
وتساءل: وكل ذلك لماذا؟ ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة؟ هل أصبحت مقدرات الشعوب لُعبة سياسية؟ هل تهون أرواح الشباب والرجال والنساء والأطفال من أجل أحلام الزعامة والمجد الكاذبة؟ هل تستحق هذه الأوهام إزهاق روح إنسانية واحدة؟
وشدد السيسي على ضرورة أن يتم وضع حد لهذا الأمر، معتبراً أن «التصدي للدول الراعية للإرهاب بكل حسم وقوة أصبح فرضاً واجباً إذا ما أردنا نهاية حقيقية لظاهرة الإرهاب».


وقال، إن استراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تسير على أقدام ثابتة وليست مرتعشة، وإن القضاء على خطر الإرهاب لا يمكن أن يتم من دون تدمير بنيته التحتية سواء المالية أو الفكرية.


ووجه رسالة لتلك الدول الداعمة للإرهاب قال فيها «كفاكم تمادياً وتَعالَوْا إلى كلمة سواء نجتمع فيها على التعاون والخير والبناء لما فيه صالح شعوبنا». وجدد السيسي تأكيداته على أن تصويب الفهم الديني وتجديد مجمل الخطاب الديني دون المساس بالثوابت، هو قضية حياة أو موت. ودعا إلى ضرورة التأسيس لخطاب ديني حديث يبني مجتمعاً متماسكاً، مثمنًا دور الأزهر الشريف.
والعلاقات بين مصر وقطر متوترة منذ منتصف 2013 عندما أعلن الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.


تخريب ليبيا
وأكد الناطق باسم الجيش الوطني الليبي العقيد أحمد المسماري أن قطر ترعى الإرهاب في ليبيا، وعرض وثيقة قطرية تطالب بإرسال مقاتلين من دول المغرب العربي إلى سوريا.
كما عرض، خلال مؤتمر صحفي في بنغازي، وثائق تكشف تواطؤ عناصر إرهابية في عمليات اغتيال لضباط في الجيش. وأشار إلى أن القوات المسلحة في حالة استنفار دائم. وأكد المسماري أنه لا يوجد تنسيق بين الجيش الوطني الليبي ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج.


الكرة بملعب قطر
من جانبه، قال السفير المصري السابق لدى الدوحة محمد المنيسي، إن حل الأزمة التي تواجهها قطر في الوقت الراهن يأتي من عند قطر نفسها، مشدداً على أن الدوحة تبدي عناداً واضحاً وتعتمد على الدعم الإيراني والتركي ودعم أطراف أخرى، وأكّد أن العلاقات بين الدوحة وطهران «لم تنقطع».


واستبعد الدبلوماسي المصري، في تصريحات لـ«البيان»، أن تنتهي الأزمة التي تواجه قطر قريباً، متوقّعاً أن تواصل قطر سياسة العناد مرتكنة إلى الدعم التركي والإيراني. وقال: «أتصور أن الدعم الذي تحصل عليه الدوحة سوف يعطيها فرصة ما للمقاومة، رغم أن ذلك سوف يكون له العديد من التبعات السلبية على الاقتصاد القطري».


ولفت إلى أن السيناريو الأقرب هو استمرار المقاطعة، وفي هذه الحالة سوف يواصل الاقتصاد القطري تحمل التبعات السلبية لعملية المقاطعة تلك، والتي يظهر تأثيرها بشكل عام على المتواجدين في قطر، مردفاً «من خلال متابعة حركة الأسعار في قطر- خاصة ما يتعلق بأسعار المواد الغذائية- أعتقد أن الأمر أصبح خارجاً عن قدرات الكثيرين من المتواجدين في قطر، وتبعات المقاطعة تزداد سوءاً على الاقتصاد القطري».


وأفاد السفير السابق بأن استمرار تلك التداعيات السلبية متوقف على رغبة الدول الخليجية الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) إضافة إلى (مصر) في مواصلة المقاطعة بهذا الشكل الحازم. واستطرد الدبلوماسي المصري قائلاً «أتصور أن التحرك القادم بالنسبة للدول المقاطعة سوف يكون في إطار رفع الأمر إلى الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة»، ملمحاً إلى أن الموقف الحالي يؤكد امتلاك الدول المقاطعة للأسانيد والحجج القوية لاتهام قطر بدعم العناصر والكيانات الإرهابية المختلفة.


بين أزمتين
وأجرى المنيسي مقارنة بين موقف الدول الثلاث في العام 2014 وما يجري الآن. وأفاد بأن قطر تعتمد على علاقاتها مع إيران في مواجهة الأزمة التي تواجهها حالياً. وقال إن التصريحات التي أطلقها الأمير القطري، والتي كانت سببًا من الأسباب التي أثارت حفيظة السعودية والإمارات والبحرين، عكست تلك العلاقات الوطيدة بين قطر وإيران.


رفض أوروبي
إلى ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي وروسيا عن تفهم لمخاوف دول الخليج إزاء أزمة قطر. ورفض الاتحاد الأوروبي اعتبار المقاطعة حصاراً. ودعا برلماني روسي بارز قطر إلى الالتزام باتفاقية الرياض، بحسب قناة «العربية»، أمس. وأفاد مراسل القناة في بروكسل بـأن الاتحاد الأوروبي رفض طلباً من رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية بوصف المقاطعة العربية لها بالحصار. وأعربت عن استعداد الاتحاد الأوروبي، لمواكبة الجهود الجارية من أجل دفع مساعي الوساطة.