أصبحت استثمارات قطر الخارجية في دائرة الاتهام، بعدما تكشفت أبعاد فضيحة تورط قطر في صفقات مشبوهة مع بنك باركليز البريطاني.

وأثار توجيه الاتهام رسمياً لمسؤولين تنفيذيين كبار في «باركليز» في صفقة التمويل من قطر عام 2008 اهتمام الصحافة الاقتصادية العالمية حول استثمارات قطرية بالمليارات في أوروبا، بعضها جاء أيضا ضمن عمليات إنقاذ لبنوك كبرى، وحامت الشكوك حول بعضها.

ورصدت تقارير صحفية، بحسب سكاي نيوز عربية، قيام الذراع الاستثمارية لرئيس وزراء قطر الأسبق، حمد بن جاسم آل ثاني، بضخ ما يقارب ملياري دولار في دويتشه بنك، أكبر مصرف في ألمانيا، في 2014، وذلك عندما تعرض لأزمة سيولة نتيجة القضايا المرفوعة عليه في الولايات المتحدة، كادت أن تؤدي لإفلاسه واستيلاء الحكومة عليه.

سيناريو مشابه

وربما تتكشف خلال الأيام المقبلة تفاصيل هذه الصفقة مع «دويتشه بنك» التي تتشابه إلى حد بعيد مع نظيرتها الخاصة ببنك باركليز.

وكان مكتب التحقيقات في الفساد في بريطانيا وجه اتهاما رسميا لبنك باركليز وعدد من كبار مسؤوليه بالتآمر والفساد والتزوير في صفقة رفع رأسمال البنك عام 2008 مع قطر، بمبلغ 4.5 مليارات جنيه إسترليني، وسيمثل ثلاثة من مديري البنك أمام محكمة وستمنستر في العاصمة البريطانية لندن، في 3 يوليو المقبل، ويجري المكتب، مع هيئة الرقابة المالية في بريطانيا تحقيقا منذ 5 سنوات في شبهة فساد في صفقة التمويل القطري، وفي قضية أخرى تضمنت حصول البنك على أكثر 7 مليارات جنيه إسترليني خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، والتهمة التي سيحاكم على أساسها الرئيس التنفيذي للبنك وعدد من مديريه تتعلق بدفع مبلغ 322 مليون جنيه إسترليني لمستثمرين قطريين للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات وتسجيل ذلك «مصروفات استشارية»، وتتضمن القضية أكثر من تهمة أخرى، تتعلق بالقرض القطري الذي أضر بمصالح مستثمرين آخرين في البنك.

ومن المحتمل أن يكون نفس سيناريو «باركليز» حدث أيضاً مع «دويتشه بنك»، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

توسع مشبوه

وسلطت فضيحة تورط قطر في قضايا فساد تخص «باركليز» الضوء على الآليات والتوجهات الاستثمارية للدوحة في الخارج، وخصوصاً أن الصندوق السيادي القطري «هيئة قطر للاستثمار»، وسع استثماراته في أوروبا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة بأضعاف ما كانت عليه عندما أسس الصندوق في 2005، وإلى جانب الحصة القطرية في دويتشه بنك، أصبح الصندوق القطري أكبر مالك أسهم في شركة السيارات الألمانية فولكسفاغن، إذ تملك قطر حصة 17 % من أسهم الشركة مقابل 11 مليار دولار، كما زاد الصندوق نصيبه في شركة تجارة السلع السويسرية العملاقة غلنكور في 2012، لتصل إلى 10 % من أسهمها، وتملك قطر أيضا 2.13 % من أسهم رويال دتش شل، مقابل 2.33 مليار دولار، وإلى جانب تعهدات استثمارية في فرنسا بنحو 8 مليارات دولار، استثمرت قطر في القطاع المصرفي الفرنسي وكذلك في قطاع الرياضة، وفي 2012 أيضا، اشترت قطر بيت الأزياء الإيطالي فالنتينو مقابل ما يقرب من مليار دولار، نصيب حمد بن جاسم 10 % منها، أما استثمارات قطر في بريطانيا فتصل إلى 35 مليار جنيه إسترليني، أغلبها في قطاع العقارات الفاخرة، وقطاعات البنوك وغيرها، وجزء منها محل تحقيقات جنائية حالياً.

مليارات الإرهاب

وتحيط السلطات القطرية، صندوقها السيادي بالكثير من الضبابية، ولذا ليست مصادفة أن يتصدر قائمة أقل الصناديق السيادية في العالم شفافيةً، وفقاً لأحدث تقارير وكالة التصنيف الائتماني العالمية «موديز»، استناداً إلى شح المعلومات عن حجم أصول الصندوق ومكوناته وسيولته، وتشير بعض التكهنات إلى أن بعض الاستثمارات تستخدم كغطاء لتمويل عمليات مشبوهة، فهناك بالطبع مليارات تذهب للجماعات الإرهابية والمتطرفة، خاصة المنخرطة في صراعات في دول المنطقة تكاد تدمرها، كما تم حسابها في تقديرات منشورة حول المليارات إلى ليبيا وسوريا وغيرها، آخرها «فدية» المليار دولار لجماعات إرهابية في العراق.

وتعتبر جهات مراقبة تمويل ودعم الإرهاب أن قطر وإيران هما أكثر بقعتين في العالم يتركز فيهما المصنفون دوليا ممولين للإرهاب.

وتقدر تقارير عدة أن حجم التمويل القطري «المبدئي» للإرهاب بلغ نحو 65 مليار دولار منذ عام 2010 حتى 2015، وهو مبلغ هائل، كان كفيلاً بإضافة مدارس ومستشفيات للمواطن القطري أو حتى توفيره للمواطنين نقداً، وكان يمكن أن يغير واقع دول وحياة شعوب عربية فقيرة، لو أحسن استغلاله.

100

تشير تقديرات إلى أن الاستثمارات المباشرة من الصندوق السيادي القطري ومستثمرين قطريين مثل حمد بن جاسم في أوروبا وحدها بما بين 80 و100 مليار دولار في أوروبا، وتصل تمويلات من قطر إلى أوروبا بعضها رسمي وبعضها عبر جمعيات «مشبوهة» لجماعات ومراكز متشددة.