بدأت العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والتعليمية المصرية حرباً مفتوحة على الإدمان خلال الأسابيع الماضية، في محاولة للتصدي للعديد من المظاهر السلبية التي شابت الشارع المحلي في السنوات الأخيرة مثل البلطجة والتحرش والسرقة بالإكراه، ولم تقتصر الحرب على المخدرات التقليدية، بل امتدت أيضاً إلى العقاقير الصيدلية المخدرة، الأمر الذي تسبب في شُح كثير منها، لاسيما عقار «الترامادول» الذي تضاعف سعره إلى أكثر من 200% بالصيدليات، في ظل الرقابة المفروضة على صرفه للمرضى وتحت إشراف الطبيب فقط.
وعلى خط المواجهة أيضاً، بدأت مؤسسات حكومية عدة وغيرها بمقاومة الإدمان، من خلال توقيع الكشف الطبي على العاملين والموظفين لديها، وإقرار الفصل من العمل بشكل نهائي على من يثبت تورطه بتعاطيه للمخدرات، وكان آخر تلك المؤسسات جامعة القاهرة التي أنهت تعاقد نحو مئة موظف أخيراً أكدت التحاليل والكشف عليهم ثبوت تعاطيهم للمخدرات، وسبقها في ذلك العديد من المؤسسات أبرزها مدينة الإنتاج الإعلامي.
وأطلقت الحكومة عبر وزارة التضامن الاجتماعي خطاً ساخناً لمتعاطي المخدرات، وأطلق صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي مبادرة «بداية جديدة» لإقراض المتعافين من الإدمان، لإنشاء مشروعات صغيرة تساعدهم على العودة إلى العمل والإنتاج مره أخرى، وتمكينهم من إيجاد مصدر رزق يعينهم على أعباء الحياة ويساعدهم في الإنفاق على أسرهم.
برنامج الوقاية
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي بوصفها رئيسة مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أن الصندوق الآلية الوطنية لتنفيذ برامج الوقاية من المخدرات، وتوفير خدمات العلاج والتأهيل المجاني للمدمنين، بالتعاون مع الشركاء المعنيين بتحديد المتعافين الذين تتطلب ظروفهم الاقتصادية، وأحوالهم الاجتماعية والنفسية الحصول على قروض، من خلال لجنة طبية ونفسية واجتماعية متخصصة وفقاً لمعايير علمية محددة. وسبق أن استفاد 55 ألف مدمن من الصندوق وفق تأكيد مديره عمرو عثمان.
وفي السياق نفسه وقعت وزارة التعليم اتفاقية تعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي لنشر الوعي بمخاطر التدخين وتعاطي وإدمان المخدرات بجميع أشكالها وصورها بين الطلاب والمعلمين بجميع مراحل التعليم قبل الجامعي، وتصحيح المفاهيم الخاطئة بهذا الشأن.
وكشفت مصادر بالوزارة أنه سيتم دمج مكون تعليمي في المناهج الدراسية اعتباراً من العام المقبل عن الإدمان وخطورة تعاطي المواد المخدرة، وذلك في إطار التوجه المصري نحو إعداد استراتيجية قومية لمكافحة المخدرات وعلاج الإدمان وحماية الشباب منه.
احتواء الموقف
من جانبه أوضح المدير السابق لإدارة الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية دكتور تامر العمروسي أن الجهود التي تبذلها الدولة لمكافحة ظاهرة الإدمان لا تتوقف عند التصدي للظاهرة فحسب، فإدارة الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية وصندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي ساهما في الحد من الظاهرة، إلا أن تلك الجهود بحاجة إلى تدعيم بما يمكن من احتواء الموقف بشكل كامل.
وأضاف أن أجهزة الدولة في حالة استنفار بالتعاون مع المنظمات العالمية والأهلية للحد من الإدمان بمختلف صوره، لافتاً أنه ورغم كل هذه الجهود إلا أن النتائج الإيجابية حتى الآن لم تتخط نسبة 30%. والجميع مطالبون بضرورة التكاتف لتحقيق أفضل آلية عمل ممكنة للحد من الإدمان لما لها من سلبيات على الحاضر والمستقبل.
حل الأزمات
قال رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر د.هاشم بحري إن جهود الدولة وصندوق مكافحة الإدمان، رغم ما يبذله، مقتصرة حتى الآن على قشور الأزمة فقط دون التعمق في حل أسبابها.
وأرجع ضغوط الفرد إلى أمرين: الأول بإظهار الغضب وهو تصرف عدواني، والثاني بالهروب للإدمان في محاولة لتخفيف الضغوط أو تناسيها. والدولة مطالبة بالتوازي مع عمل صندوق مكافحة الإدمان،حل أزمات المواطن البسيطة كتوفير العمل للحد من البطالة، والسكن وسبل المعيشة،وتعديل طرق التفكير بالمدارس.