«البحث عن حياة أفضل في الخارج»، بات شعار الكثيرين من أهل غزّة، ينوون جدّياً ترك القطاع، طمعاً في معيشة كريمة، تزيل عنهم رهق الفقر والبطالة والتوتّر الأمني والانقسام الفلسطيني، عوامل تراكمت كلها، لتجعل من الهجرة هدفاً معلناً، وربما بلا عودة.
على مدار سنوات مضين، شهد قطاع غزّة هجرة العديد من أبنائه إلى دول أوروبية، لكن ما يعد غريباً، أن الكثيرات من نساء القطاع يفضلن الخيار ذاته، لا سيّما ممن حظوظهن أقل في العمل، ويتعرضن لضغوط المجتمع، وفي ظل حصار يشتد يوماً بعد آخر على غزّة، دون أفق لحل سياسي ولا انفراج.
نماذج
سعاد عودة «25» عاماً، تخرجت في الجامعة في تخصّص إدارة الأعمال، لم تتح لها الفرصة العمل في تخصصها، تقول: «أرغب في السفر خارج قطاع غزة، واثقة أنني سأحقّق طموحي وأطوّر نفسي، سأخرج أكمل دراستي العليا، ولن أعود».
بدورها، حصلت آمنة حمد «24» عاماً على منحة ماجستير في إحدى الجامعات الأوروبية، وترغب بشدة بالدراسة والبقاء خارج قطاع غزة.
تقول: «أشعر أنني أكثر حظاً من زميلاتي، حصلت على منحة للدراسة بالخارج، وهذا سيمكنني من البحث عن طرق أخرى بعد الدراسة للبقاء خارج غزة، أما صديقاتي، بعضهن فشلن في الحصول على أي تأشيرة لأسباب خاصة تتعلق بذويهن»، مشيرة إلى أنّ «هذه التأشيرة أصبحت مهدّدة بإلغائها، في حال تواصل إغلاق معبر رفح، المنفذ الوحيد لأهل غزّة»، لكنها تؤكد أنها لن تيأس، فحلم العيش خارج غزة سيتحقق بشتى السبل.
تقرير دولي
واعتبر تقرير دولي في سبتمبر 2015، أنّ قطاع غزة ربما يصبح غير صالح للحياة بحلول 2020، لافتاً إلى أنّ «الحصار والحروب لم تترك مجالاً لإعادة إعمار القطاع أو انتعاشه الاقتصادي، بل تسارعت وتيرة التراجع في التنمية، وانهار الاقتصاد وبنيته بشكل شبه كامل».
في السياق، أوضح تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، أنّ 72 في المئة من سكان غزة، يعانون انعدام الأمن الغذائي، وفقدان فرص العمل على نطاق واسع.
وكشف استطلاع للرأي، عن أن 39.5 في المئة من فتيات قطاع غزة يرغبن في الهجرة، وأنّ 33.1 في المئة قلن إنهن صاحبات القرار النهائي في الهجرة، و34.1 في المئة لديهن الاستعداد دفع مبالغ مقابل تسهيل هجرتهن.
مؤشّرات تغيير
وتشير منسّقة برنامج الأبحاث والمعلومات في المركز، هداية شمعون، إلى أنّ «الاستطلاع استهدف 2000 فتاة وامرأة من سن «18-60» عاماً، مبيّنة أنّ «الهدف من الاستطلاع، هو محاولة التعرف عن قرب إلى مؤشّرات لأي تغيير ثقافي أو مجتمعي».
وتضيف شمعون:«هذه رسالة حقيقية وموجهة للجهات المسؤولة والسلطة الفلسطينية والأحزاب، أنّ هذه النتائج لها مؤشّرات خطيرة جداً على المجتمع الفلسطيني، علينا أن نعلق الجرس، إلى أين نحن ذاهبون؟».
وبيّن الاستطلاع أنّ 38.1 في المئة من النساء والفتيات المستطلعة آراؤهن، فكرن مسبّقاً في الهجرة، وتركزت نسبة التفكير في الهجرة أكثر خلال السنوات التي شهدت عدواناً على قطاع غزة.
وبشأن أسباب الرغبة في الهجرة، أظهرت نتائج الاستطلاع، أنّ عدة أسباب تقف وراءه، أهمها التدهور الاقتصادي بنسبة 30.8 في المئة، و28.1 في المئة فقدان الشعور بالأمان والاستقرار، و26.6 في المئة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وحول الأسباب الخاصة التي ترتبط بخصوصية الفتيات والنساء في البيئة الاجتماعية في غزة، فكان تدهور أوضاعهن النفسية في مقدم الأسباب، بنسبة 45 في المئة، والرغبة في مستقبل أفضل لأولادهن بنسبة 23.8 في المئة.