فيما يُعاني الكثيرون من شباب مصر من ظروف اقتصادية صعبة، فإن قرار الزواج يعتبر صعبًا بالنسبة لهم؛ نظرًا لما يتكبده الشاب من أعباءٍ مادية ومتطلبات باهظة للزواج، بداية من أسعار العقارات وحتى أسعار الأجهزة والأثاث وتكاليف حفلات الزفاف، كل تلك العوامل كانت لها يدا في ارتفاع العنوسة وتأخر سن الزواج، غير أن العديد من المبادرات الشبابية الخلّاقة واجهت تلك الظاهرة بالتخفيف من نفقات الزواج.

ظاهرة جديدة بدأت في الانتشار بالأوساط الشبابية، وهي التنازل عن كل التقاليد التي لم تعد مناسبة للحالة المادية للشباب المصري في الوقت الحالي، إذ أصبح من المألوف أن تتنازل العروس عن طلب شقة تمليك للزواج، مقابل الموافقة على بدء الحياة الزوجية شقة مستأجرة كبداية لحياتها الزوجية، نظرًا لوصول أسعار الوحدات لأسعار فلكية لم تعد في متناول أيدي شباب الطبقة المتوسطة، كما أنه لم يعد مهمًا أن يتم شراء أثاث باهظ الثمن، حتى لا يكون عبئًا ماديًا غير مجدٍ في بداية الحياة الزوجية.

التخلي عن العادات

ونشر العديد من المتزوجين حديثًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجربتهم في الاستغناء عن المتطلبات التقليدية للزواج، داعين زملاءهم للترويج لنفس الفكرة كي يتم التغلب على مصاريف الزواج الباهظة بالتخلي عن العادات والتقاليد القديمة الخاصة بالزواج، لاسيما وأنها باتت غير مناسبة للظروف الاقتصادية.

ويقول محمد سمير (28 عامًا) إنه تزوج من فتاة أحلامه بأقل الإمكانيات، حيث لم يتطلب الأمر منه سوى شقة مستأجرة وأثاث يكفي للاستخدام الطبيعي دون الحاجة لتلك الديكورات باهظة الثمن أو قطع الأثاث الشكلية التي لا استفادة عملية منها، حتى إنه تخلى عن «النيش» وكماليات المطبخ التي لا يتم استخدامها وتظل مُستخدمة فقط للزينة، وذلك عقب اتفاق مع شريكة حياته وبموافقة الأهل الذين تقبلوا الفكرة. وهو ما يسير عليه الكثير من الشباب كصيحة بوجه عادات وتقاليد الزواج القديمة.

مراعاة القدرة

من جانبها، قالت خبيرة علم الاجتماع د.هدى زكريا، إن التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري سواء من الناحية الاجتماعية أم الاقتصادية، والتي أصبحت تشكل عائقًا أمام زواج الشباب والفتيات في مصر، كانت كذلك دافعًا مهماً للاستغناء عن التقاليد الاجتماعية التي فرضت علينا منذ عقود طويلة، والتي تدور كلها حول التكلفة الباهظة للأثاث وحفلات الزفاف وتحضير شقة الزواج.

موضحةً أن الشباب أدرك أنه لم يعد هناك حاجة للتكاليف الباهظة للزواج والتي تصبح عبئًا على الحياة الزوجية في بدايتها، متابعةً أن جزءًا لا بأس به من الأهالي أصبحوا يعلمون ويعونه كذلك، فلم يعد هناك التشدد في مطالب الآباء لعلمهم أن الشباب في بداية حياتهم العملية غير قادر على تلبية كل تلك المطالب في بداية الحياة الزوجية.

وأكدت د. هدى أن الحياة الزوجية السعيدة لا يصنعها الأثاث الباهظ الثمن، ولا الذهب المقدر بآلاف الجنيهات، وإنما يصنعها التفاهم واحترام كل طرف للآخر، بل إنه يمكن أن يكون العكس هو الصحيح، فبدء الحياة الزوجية بالديون والأقساط يساهم في خلق المشاكل والخلافات.

موضحةً أن تلك الظاهرة هي أمر إيجابي ستساهم كثيرًا في تقليل نفقات الحياة الزوجية والضغط المادي الذي يتعرض له الشباب المقبل على الزواج.

 وانتشرت ظاهرة العنوسة في مصر بشكل كبير، حيث تذكر الإحصاءات الرسمية أن 13 مليون شاب وفتاة تجاوزت أعمارهم 35 عامًا غير قادرين على الزواج، منهم 2.5 مليون شاب و10.5 ملايين فتاة فوق سن الـ35، كما أن هذا العدد مرشح للتزايد بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها مصر منذ سنوات، وذلك يرجع لتزايد حدة مشكلة البطالة في مصر.