لا بد من الاعتراف بأن تنظيم «داعش» فاجأ جانباً كبيراً من المجتمع الغربي، عبر الاستفادة من الفراغ في السلطة الحاصل في سوريا والعراق وليبيا، خلال فترة قصيرة من الوقت.

وفي مارس الماضي أشارت مصادر صحافية إلى أن تنظيم «داعش» سيطر على أراض تمتد إلى أجزاء كبيرة من شمال غربي العراق تقع بين بغداد والموصل وصولاً إلى حلب في سوريا عبر الحدود التركية.

وإلى جانب ذلك، فإن معارك رئيسية حدثت ضد القوات السورية والعراقية والكردية حول مدن حمص والسلمية وكركوك وأربيل. وبالإضافة إلى ذلك فإن قوات «داعش» تحكم قبضتها على ليبيا، وتشن عدداً من الهجمات في طرابلس وبنغازي، فيما تسيطر على مدينتي سرت ودرنة.

وبالنظر إلى أن طرابلس ودمشق وبغداد عرضة للهجوم، فإن من المفهوم أن تنظيم «داعش» يسيطر اليوم على أجزاء واسعة من هذه الدول وبنيتها التحتية. ويحول التنظيم هذه المناطق إلى دول فاشلة، مع وجود عواقب وخيمة لعدم تدخل الأطراف الإقليمية. ومن بين كل هذه الدول فإن سوريا والعراق وليبيا تعتبر دولاً ذات تاريخ مشكوك فيه، عندما يتعلق الأمر باستخدام برامج أسلحة الدمار الشامل.

تطوير القدرات الكيماوية

يبدو أن برامج سوريا للأسلحة الكيماوية بعيدة المنال عن تنظيم «داعش»، وتمكنت سوريا من تطوير قدرات الحرب الكيماوية في المنطقة منذ عام 1973 بمساعدة مصر خلال الحرب مع إسرائيل. ويشار إلى أن سوريا تمتلك نحو 40 موقعاً في البلاد، وتظل المعلومات عن قدرات الحرب البيولوجية في سوريا محدودة وغير موثوق بها.

واستخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية بشكل واسع مثل غازي السارين والكلور عام 2013 ضد الشعب السوري والثوار. وفي أعقاب الحرب وقعت سوريا على اتفاقية للأسلحة الكيماوية عقب ضغط دبلوماسي من قبل أميركا وروسيا. وبحلول يونيو من عام 2014 توقف إنتاج كل الأسلحة الكيماوية فيما تتم إزالة جميع الأسلحة الكيماوية المبلغ عنها بدعم من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

وعلى الرغم من أن جميع مرافق إنتاج المواد الكيماوية السابقة ليست تحت سيطرة تنظيم «داعش»، إلا أن السؤال المطروح كان بشأن إمكانية وصول المتطرفين إلى الأسلحة الكيماوية قبل عام 2014. وعلى سبيل المثال ادعى موقع متطرف تركي في يوليو عام 2012 أن الثوار السوريين امتلكوا أسلحة كيماوية من موقع عسكري بالقرب من حلب.

تدمير المخزونات

وعلى الرغم من ادعاء بعثة الأمم المتحدة في ديسمبر عام 2013 أن الثوار السوريين استخدموا الأسلحة الكيماوية بأنفسهم، إلا أن المؤكد أن الأسلحة الكيماوية وصلت إلى الأيدي الخطأ قبل تدمير المخزونات الكيماوية عام 2014. ويبدو الوضع في ليبيا مشابهاً، حيث إن الأسلحة الكيماوية تحت سيطرة الدولة الليبية حالياً، ونظام القذافي حاول مراراً تطوير برامج للمواد الكيماوية أيضاً.

ومع تأسيس العديد من المرافق البحثية، إلا أن ليبيا لم تكن قادرة في يوم من الأيام على تطوير أسلحة بيولوجية أو كيماوية أو نووية، وأعلنت عن جميع برامجها من هذا النوع عام 2003. وحتى ذلك الوقت امتلكت البلاد برامج للأسلحة الكيماوية المعتدلة بما فيها منشآت في كل من الربطة، ترهونة، وسبها، واستخدم نظام القذافي هذه الأسلحة في عام 1987 ضد الدول المجاورة مثل تشاد. وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة قللت من قدرات الحرب الكيماوية في ليبيا.

وهناك دلائل قليلة تشير إلى أن تنظيم «داعش» يستخدم مواد أقوى من الكلور، الغاز الذي لم يكن بين المخزونات الكيماوية التي سلمها النظام السوري إلى مفتشي الأمم المتحدة. ومن المؤكد أن «داعش» يعتزم استهداف مواقع في الغرب تجلب الانتباه العالمي.

وبحسب ما يبدو، فإن تحالف القوات الكردية وقوات الأمن العراقية مع الهجمات الأميركية يقلل من قدرات تنظيم «داعش» في بعض المناطق. ومن المؤكد أيضاً أن من الممكن استخدام الأسلحة المعقدة التي حصل عليها التنظيم في العراق لاستهداف المنشآت النووية خارج العراق وسوريا، وذلك في منطقة تعتبر الحرب الكيماوية بشكل خاص قضية بالغة الحساسية، ولا يجب عدم الاكتراث بمثل هذه السيناريوهات.

أسلحة محظورة

تدمير برامج الأسلحة الكيماوية توقف عام 2011 بفعل الصراعات العنيفة في ليبيا، ولا يزال هناك مئات الأطنان من المواد السابقة المفترض أن يتم تخزينها بأمان في القواعد العسكرية، وتسعى ليبيا بحلول نهاية عام 2016 إلى أن تكون خالية من الأسلحة الكيماوية.

وبينما يعد تخزين واستخدام مواد الأسلحة المحظورة في سوريا وليبيا أمراً تحت السيطرة، فإن خطر هذه الأسلحة في العراق يفرض تهديداً أكبر على الأمن الدولي.

وبعد حرب الخليج الأولى والثانية في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، فإن برامج الأسلحة الكيماوية أصبحت، بحلول عام 1995، تحت إشراف الأمم المتحدة.