أثارت إحدى فقرات التقرير الذي صدر، أخيراً، عن بعثة الأمم المتحدة، للتحقيق في حرب غرة عام 2014، الاهتمام، إذا جاء فيها: «لقد كان للأحداث الأثر الأكبر في الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين. لقد عانى أطفال الجهتين من التبول الليلي والارتعاش والتعلق بالأهل والكوابيس وارتفاع مستوى العدائية لديهم». وتشكل هذه الكلمات تذكيراً في كل المواقف والتحليلات التي تعقب مثل هكذا تقارير، بأن لبّ المسألة وجوهرها يدور حول التكلفة البشرية، التي يتكبدها عادةً العنصر الأكثر ضعفاً.

لم تهدر إسرائيل الوقت، فسارعت لإدانة التقرير، وأشارت إلى أنه كان مسيّساً منذ البدء. إلا أن ذاك الحكم الفوري كان غلطةً. أولاً، لأن اللجنة جهدت بوضوح لتكون عادلةً. إذ إنها تلقي باللوم على الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك «حماس»، وذلك لـ «الانتهاكات الخطيرة» للقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي قد تصل إلى «مستوى جرائم الحرب».

ويصف التقرير، كيف شنت الطائرات الإسرائيلية ما يزيد على ستة آلاف غارة جوية «استهدف العديد منها المباني السكنية».

ووجد فريق الأمم المتحدة، الطرفين ملامين، إزاء الفشل في إظهار أدنى مظاهر المحاسبة. ويقول إن أوساط القوات الإسرائيلية تسودها «الحصانة» حيال أولئك المذنبين بارتكاب الانتهاكات. وتشكل المحكمة الجنائية الدولية حلاً لمثل هذا الوضع، وهو حل طالما رفضته إسرائيل. إذا أرادت إسرائيل أن تحافظ على ذلك الموقف، فلا بدّ لها أن تتعامل مع ادعاءات جرائم الحرب من خلال نظامها القضائي الخاص. ويود الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، ادعاء المصلحة الأخلاقية، حتى أثناء الدخول في حرب شرسة. وإن كانا يؤمنان بذلك فعلاً، فلا بد لهما من جلب المتهمين باقتراف جرائم خطرة أمام القضاء.