ضربت موجات الحر سوريا بعنف هذا الصيف، إلا أن هناك أموراً أخطر تستدعي الشكوى أكثر من الطقس. ويكافح المدنيون السوريون للبقاء، سيما الأغلبية الساحقة منهم التي لا ناقةً لها ولا جمل في الصراع الدائر بين قوات نظام لم يصوتوا له ومقاتلين متشددين لم يستدعوهم للمساعدة. ويقال لهؤلاء إن الحرب على أبواب النهاية، لكنهم لا يصدقون.
ويؤكد معارضو نظام الرئيس السوري بشار الأسد على تضعضعه، في ظل وجود إثبات يدعم هذا الادعاء، سيما بعد أن خسر الجيش السوري والميلشيات الحليفة السيطرة على مناطق حيوية مزدحمة غرباً، مثل جسر الشغور وإدلب، وشهد هزيمةً في مواجهة عناصر المشاة الأولى مع قوات «داعش» في تدمر. واستولى المقاتلون المدعومون أميركياً في الجنوب على قاعدةٍ جوية مهجورة، كما سيطروا على الحدود مع الأردن. في حين أشارت تقديرات عدد الضحايا في صفوف القوات السورية المسلحة إلى أكثر من مئة ألف قتيل، وأفادت التقارير أن الأسد يعاني نقصاً في عدد عناصر المقاتلين في صفه.
وشكل عامل الحسم على أرض المعركة في مايو ويونيو مضاعفة حجم الدعم الذي تلقاه المتمردون من بعض الدول العربية وتركيا على شكل مقاتلين توجهوا إلى شمال البلاد وشرقها، مصحوباً بدعم أميركي متزايد. وقد عدل مستوى النتيجة الاستخدام الفعال للأسلحة المتطورة المضادة للدبابات لصالح المعارضة ضد قوات الأسد المسلحة، في حين دمرت موجة الشاحنات المفخخة الدفاعات الخارجية لمواقع الجيش السوري.
وقال مصدر من مصادر الاستخبارية الأميركية لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية: «تحاذي خسائر النظام على طول خطوط المواجهة الأمامية عتبة الأسد، وقد بدأ العديد من الناس يتكلمون جهاراً عن قرب مرحلة سقوط الأسد».
ولطالما توقع هؤلاء الناس أنفسهم قرب سقوط الأسد منذ اندلاع الصراع عام 2011. لكن هل تصح توقعاتهم هذه المرة؟ رداً على حجم المساعدات المنتظمة والمتزايدة لتنظيم «داعش» من القوى الخارجية، ترفع جبهة النصرة وجيش الفتح مستوى الصراع.
وزاد الأمور سوءاً، بالنسبة لمقاتلي «داعش»، غارات وحدات حماية الشعب الكردي التي حققت تقدماً باستيلائها على مناطق خاضعة لسيطرة «داعش» بالقرب من عاصمتهم الرقة، وانتزاع تل أبيض بالقرب من الحدود التركية. وتشكل وحدات حماية الشعب فرعاً تابعاً لحزب العمال الكردي، على نحو ينعكس بشكل بغيض على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
انتقد أردوغان الولايات المتحدة الأميركية لإقدامها على التعاون والتنسيق مع وحدات حماية الشعب الكردي، على الرغم من حقيقة أن الحليف الموثوق الوحيد لأميركا في مواجهتها تنظيم «داعش» على طول الحدود العراقية السورية هم الأكراد أنفسهم. إن قدرة أردوغان على ممارسة سياساته الوحشية والعدائية في سوريا، ٍ قد يتعرض لخسائر كبيرة في البرلمان التركي بعد المكاسب التي حققها الأكراد في الانتخابات النيابية الأخيرة في تركيا. وإذا أقفلت الحكومة التركية الجديدة أبوابها بوجه المقاتلين ومؤنهم من الأسلحة، فقد يقتل تنظيم «داعش» في مهده.
مفاجأة
التزمت إيران، وفقاً لمبعوث الأمم المتحدة إلى دمشق ستيفان دو ميستورا، بدفع مبلغ 35 مليار دولار بغية الحفاظ على التوازن العسكري في سوريا. وقال قائد حرس فيلق القدس قاسم السليماني، أخيراً: «سيفاجأ العالم كثيراً لما نحضر له نحن وقيادات الجيش السوري في الأيام القليلة المقبلة».