خفتت حدة اللهب المتصاعد عقب تأكيد موت قائد تنظيم القاعدة الملا محمد عمر، إلا أن رماد الأحداث الساخنة لا يزال يتطاير في الأجواء. وجاءت عملية تسلم نائب عمر السابق أختر محمد منصور هادئة نسبياً، خلافاً للطابع العام الذي يسود الأوضاع في أفغانستان.
خلّف موت عمر تصدعات جديدة في بناء حركة طالبان، لذا ليس هناك من دافع قوي يحض منصور على فتح صفحات سلام وتسوية، فيما يصارع للحفاظ على وحدة الصف الداخلي.
ويقف صناع السياسة الأميركية إزاء تقييم التطورات أمام خيارين، يدفع أولهما إلى تعميق الهوة بين صفوف طالبان الضعيف لتحقيق المكاسب العسكرية، أو السير في طريق التسوية السياسية مع ما تبقى من قيادة طالبان المتضعضعة. وفي ظل ما أظهره الصعود السريع لـ «داعش»، يبرز خطر فشل استيعاب معارضة سياسية معتدلة طالما الفرصة سانحة لذلك.
وسعت أميركا دائرة الأعداء عقب أحداث سبتمبر بالربط بين طالبان، حركة التمرد الموجهة داخلياً، والقاعدة التي تعتبر مجموعة إرهابية عابرة للدول. وتشكل التسوية، أو جذب طالبان إلى عالم السياسة في أفغانستان، السبيل الأمثل لتفادي ترد آخر للأوضاع.
ويتضمن تاريخ جهود إحلال السلام في أفغانستان عدداً من الفرص الضائعة، فيما يتعلق باستراتيجية أميركا المبدئية لـ«هزيمة» طالبان، التي بقيت تراوح مكانها حتى العام 2009 حين أجريت مراجعة للسياسة تعدلت بموجبها استراتيجية «نقل» المسؤولية الأمنية إلى القوات الأفغانية ووضع الشروط الممهدة لتسوية سياسية.
إحلال السلام في أفغانستان ممكن، إلا أنه يتطلب دفعاً دؤوباً يتخطى حدود المنطقة، سيما أن العديد من الأمور التي تهم طالبان لا تزال في عهدة أطراف دولية.
و يتعين على المجتمع الدولي بقيادة أميركا أن يسهل بفعالية إعادة انطلاق المحادثات بحيث تتضمن المزيد من معايير بناء الثقة.