يمكن للهجمات الجوية أن تضعف تنظيم «داعش» ولكن ما من أحد في العالم يعتقد اليوم أن من الحكمة إرسال جيوش إلى الشرق الأوسط. لأننا نعلم أنه بعد سوريا والعراق سيتوجب علينا فعل الشيء ذاته في ليبيا ونيجيريا وتشاد والصومال وربما مستقبلاً في آسيا الوسطى.

منطق الحرب يمكن أن يجعلنا رهن احتلال عسكري طويل الأمد لأجزاء كبيرة من العالم، ومن دون أي ضمان للنجاح. هل يعتبر أي تدخل عسكري منذ عام 2001 نجاحاً سياسياً، سواء في أفغانستان، أو العراق، أو ليبيا؟

نحتاج إلى أكثر بكثير من مجرد خطب تتعلق بالحرب. نحتاج إلى تحرك سياسي. نحتاج إلى أن يقف العالم موحدا في الحرب ضد الإرهاب.

مواجهة الإرهاب

أولاً نحتاج إلى أن يقف العالم الإسلامي بجانبنا، لأن الذهاب إلى الحرب بأنفسنا سيزيل فقط عبء المسؤولية عن بعض الدول الموجودة في الواجهة الأمامية. لماذا يتوجب عليهم أخذ قرارات صعبة في حال فعلنا المطلوب بدلاً عنهم؟ سيسمح ذلك أيضاً لبعض الدول في المنطقة بالضغط باتجاه تحقيق مصالحها وأجنداتها الخفية، فضلًا عن تسوية النزاعات القديمة بينما يظهرون بمظهر من يقاتل تنظيم «داعش».

من هو في الحقيقة الذي يقاتل تنظيم «داعش» في سوريا والعراق؟ ليس نظام الأسد، الذي يحتاج إلى هذا الشيطان لاكتساب الشرعية وإيجاد موطئ قدم ضد الحركات الثائرة، برغم أنه تسبب بضحايا أكبر بكثير من ضحايا التنظيم، وليست تركيا التي تشعر بالقلق من النزعة الانفصالية الكردية. ويشعر سكان المنطقة أحياناً بأن ثقل تهديد تنظيم «داعش» يعتبر أقل من ثقل مئات الآلاف الذين قتلوا في حمام الدم في الشرق الأوسط خلال العقود الثلاثة الماضية، ومن وجهة نظرهم فإن ذلك يحدث بسبب الأنظمة المدعومة من الغرب أو بسبب التدخلات العسكرية الغربية. دعونا نكن حذرين حيال قناعة الكثيرين في الشرق بأن هذه «ليست حربنا».

ثانياً، نحتاج من كل المجتمع الدولي إلى أن يقف موحداً ضد الإرهاب. ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك في حال أعطينا انطباعاً بالكيل بمكيالين من حيث إن الضحايا في روسيا أو في الصين ليسوا أبرياء كما هم ضحايانا؟ هذا ليس تهديداً للعالم الغربي فقط. وكان يتوجب على جميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مواجهة هجمات كبيرة خلال العقد الماضي.

ويواجه اليوم أكثر من ثلثي البشر خطراً مباشراً، بمن فيهم الموجودون في الهند وجنوبي شرق آسيا ووسطها وغرب وشرق أفريقيا. الإرهاب بات يشكل قلقاً في جميع أنحاء العالم.

استراتيجية مشتركة

ثالثاً، حتى في العالم الغربي لايزال الدرب طويلاً حتى يتم التوصل إلى استراتيجية مشتركة. فالقرارات الدبلوماسية الأخيرة أظهرت كيف أن دولًا أوروبية قليلة كانت راغبة في خوض الحرب، على الرغم من قرارات البرلمان البريطاني والألماني الأخيرة القاضية بمشاركة ودعم الهجمات الفرنسية الأميركية، وذلك من مبدأ الخوف من أن تبدو أمام شعبها أنها باتت أكثر تعرضا للمشكلات السياسية الخارجية.

مهمتنا الأولى هي إيجاد وعي ووحدة عالميين، ونحتاج إلى ميثاق أطلسي عالمي جديد، يوضح الرغبة المشتركة لجميع القوى. ولهذا نحتاج إلى الوصول إلى قوى أخرى لا سيما إلى الصين وروسيا. فموحدين يمكننا أن نوجه رسالة مضادة للإرهاب يمكن أن تلقى آذاناً صاغية في العالم الإسلامي. وسنكون قادرين على منح أنفسنا الأدوات اللازمة لخنق تنظيم «داعش» في أرضها عبر قطع وسائل اتصالها وإمكانيتها على التجنيد وتربحها من النفط. وهذا يتطلب في الوقت ذاته هجمات جوية ودعم القوات الإقليمية وتنسيق سياسي قوي.

اجتثاث

مواجهة الإرهاب تعني اجتثاث جذوره التي حفرها عميقاً في مجتمعاتنا. يجب أن نكون حذرين من أن الأيديولوجيا المتطرفة بدأت تنتشر بين أبناء المهاجرين في بلداننا. ويغذي الرفض وفقدان الهوية هذه الأيديولوجيا، وقد باتت في تزايد بين أبناء الطبقات الوسطى الموجودة في الشرق الأوسط.

المجموعات العنيفة تتغذى على جروح المجتمعات الليبرالية وعلى عيوبنا وعدم قدرتنا على تقديم رؤية مستقبلية إيجابية. رسالتنا يجب أن تكون أن كل فرد يهمنا. سلاحنا ضد الإرهاب هو السلام. ليس السلام مع الحركات الإرهابية، بالطبع، بل السلام المدني والإقليمي في كل مكان تغذي فيه الحرب التطرف.