انهمك تنظيم «داعش» في ليبيا، أخيراً، بشن هجمات على مصافي النفط الكبرى لبلد الشمال الإفريقي، ما أثار المخاوف من سيطرة التنظيم على مصدر مدرٍّ آخر، على غرار حقول النفط التي استولى عليها في كل من سوريا والعراق.

لكن عدداً من المحللين الإقليميين يشيرون إلى أن هدف التنظيم في ليبيا قد يكون مغايراً، نظراً لتفجيره خزانات ومنشآت النفط، وشن اعتداءات على البلدات التي تضم تلك المنشآت، وتمتد على طول شاطئ المتوسط.

لقد استغل «داعش» أربع سنوات من الاقتتال بين الحكومتين المتصارعتين وضعف السلطة الوطنية، لترسيخ حضوره في ليبيا وقطع الطريق على أي حكومة وحدة وطنية للوصول إلى العائدات التي تحتاج إليها للقيام بوظيفتها وتوفير الخدمات للشعب.

ومن المحتمل أن يكون «داعش»، كما صار معروفاً، قد وضع رؤيته الخاصة لزيادة عائداته النفطية في ليبيا في مرحلة من المراحل، لكن هدفه اليوم، كما يقول المحللون، يتمحور حول إبقاء ليبيا في موقع الدولة الفاشلة.

وقال فريديريك ويريه المتخصص في شؤون شمال إفريقيا من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن: «يواجه التنظيم تهديداً إذا تمكنت حكومة الوحدة من الوقوف على قدميها والبدء بتأمين خدمات كالأمن، لذا سيحرص على منع وصولها إلى الأموال اللازمة لذلك».

وهذا هو تماماً ما تحاول قوات «داعش» القيام به، وقد قصف المقاتلون، أخيراً، مدناً ساحلية تعج بالموانئ، وأضرموا النيران بعشرات خزانات الوقود، في حين أمعنت السيارات المتفجرة على نقاط التفتيش خارج حقول النفط في عرقلة الوصول إلى المنشآت.

وتكرر سيناريو استراتيجية «الدولة الفاشلة» مع تفجير «داعش» حافلة مليئة بالعشرات من عناصر أكاديمية الشرطة على بعد 200 ميل فقط من غرب سرت، معقل الداعشيين في ليبيا.

وتشير التصورات بشكل متزايد إلى أن قيادة «داعش» في الرقة وسوريا تخطط لتعزيز موقعها في ليبيا وجعلها عاصمة بديلة للتنظيم، بعد تزايد الضغوط عليه في العراق وسوريا.

وأعلن ويريه عن وجود عدد من العوامل التي تؤكد مواجهة التنظيم لصعوبات أكثر تعوق تمتين حضوره في ليبيا خلافاً للعراق وسوريا، وقال: «تعتبر ليبيا مختلفة من عدة أوجه، لاسيما لناحية غياب الانقسام الطائفي في بلد ذي غالبية سنية».

أما بالنسبة للاستفادة من ثروة ليبيا النفطية، فأشار ويريه إلى أن التنظيم يواجه العديد من العقبات في هذا الإطار، أبرزها المراقبة المشددة للخط الساحلي، ودمار أنابيب النفط، وغياب الوسائل الأخرى لإخراج البترول.

ويتخذ «داعش» في ليبيا الخطوات المفضية لتغيير هذا الواقع، حيث أفادت بعض المعلومات بأنه يجند مهندسي بترول، واختصاصيين آخرين من صفوف آلاف الليبيين العاطلين عن العمل بسبب اضطرابات قطاع النفط. ويشير ويريه، في النهاية، إلى أن فشل الجهود الدولية لإعادة الاستقرار لليبيا قد يؤدي لنجاح تعيينات «داعش».

وقال ويريه في هذا الصدد: «تركز استراتيجية التنظيم، على ما يبدو، على أن اليأس الاقتصادي، سيدفع الناس للمجيء إليهم، وقد يكون ذلك صحيحاً. مع أنني غير متأكد أين سيبيعون نفطهم».

ويشير خبراء آخرون في مجال تمويل الإرهاب إلى أن كمية هائلة من نفط «داعش» في العراق وسوريا يتم بيعها داخلياً، ويفترضون أن الأمر عينه سيتكرر في ليبيا.