لايزال يتعين على الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية، بعد عامين على الصراع مع «داعش»، القيام بمنح تنازلات سياسية حاسمة لاجتذاب العرب السنة إلى النضال ضد التنظيم، الذي سيواصل بغياب الالتزام السني، وعلى الرغم من الغارات الجوية المكثفة التفشي والانتشار، معولاً على التهميش اللاحق بالسنة.
وتتضمن الاستراتيجية الغربية الحالية لهزيمة «داعش» مكونين رئيسين، يتمثل الأول في شن حملة جوية محدودة، والثاني في تسليم الأسلحة إلى بغداد. وقد وصلت بعض تلك الأسلحة في الواقع إلى أيدي قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق.
وعلى الرغم من ضرورة ووجوب تعزيز العنصر العسكري في المعادلة، فإن المزيد من إطلاق النار وحده لا يرجح تغيير مسار الحملة برمتها.
يساهم تسليح السنة من دون وضع خطة سياسية محسوبة العواقب في زيادة مخاطر تفككهم، في سيناريو شبيه بما حصل عام 2011، عقب انسحاب القوات الأميركية من العراق. يمكن لتدخل البيت الأبيض اليوم أن يضمن ارتباط التسويات في العراق بمحصلات الحرب، ويحمّل السنة نوعاً من مسؤولية تقرير مستقبل البلاد وتسليمهم إدارة مدنهم لاحقاً.
كما أنه لا بد من اتخاذ خطوات فاعلة باتجاه السنة، تتضمن إطلاق السجناء المقيدين وفق قوانين غامضة لمكافحة الإرهاب، وإعادة تعيينهم في الجيش، ودعوة المنفيين منهم لإجراء محادثات.
ويتعين على السنة والشيعة، فور القضاء على تنظيم «داعش»، العمل معاً نحو إجراء استفتاء على استقلالية المحافظات السنية، على غرار المنطقة الكردية في الشمال.
ويعتقد العديد من المسؤولين السنة اليوم أن الاستقلالية المناطقية قد تقلص حدة المخاوف من تهميشهم مستقبلاً، فيما تحد من مخاوف الشيعة من ماضيهم الدموي في البلاد. إن تحرير العراق من قبضة «داعش» يبدأ في بغداد، ولا يتم إلا من خلال إصلاح سياسي، يستحيل من دونه دحر التنظيم.