تصور عدد من المحللين السياسيين أن فوز الرئيس النيجيري محمد بخاري في انتخابات مارس 2015، قد يؤدي إلى تباطؤ وتيرة الصراع مع جماعة بوكو حرام الإرهابية، لأنه سيتم التخلص من المظالم المحلية التي يحاول الإرهابيون تضخيمها، إلا أنه للأسف بالرغم من فوز بخاري فعلاً، فإن إرهاب بوكو حرام لم تتراجع وتيرته.
ويتمحور الدرس الأول الذي ينبغي تعلمه من قتال بوكو حرام في قدرة الجماعة على إعادة التجمع عقب التعرض للنكسات الموجعة. ولم يتضح بعد ما إذا كانت حكومة بخاري تعطي هذا الواقع قدره. إذ إن الأساليب التي يعتمدها هؤلاء الإرهابيون لا تجعل مسألة هزيمتهم أمراً سهلاً. ويمكن احتواؤهم في المدى المنظور أو المتوسط، إنما ليس استئصالهم، كما يعتقد بخاري.
وفي سياق متصل، وبحكم رغبتها المتأصلة لرؤية بوكو حرام منكسرةً في وقت قياسي، تبدو الحكومة الحالية، التي تفوقت على سابقاتها في إظهار تلك الرغبة، غير مدركة لانتشار عناصر الجماعة وتفشيهم في أرجاء نيجيريا. وقد أشير في تفسيرات أساسية سابقة حول ظهور بوكو حرام إلى أزمة بناء الدولة النيجيرية، التي أدت إلى ظهور العديد من المجموعات المهمشة المبتورة عن الدولة والمنكفئة في ظلال الهوية البدائية، التي تعتبر نيجيريا عدوتها. ويبدو أن بخاري، بدلاً من العمل على دمج تلك المجموعات المهمشة، فإنه ينظر إليها باعتبارها مخططات لتقويض الحكومة، وهو الخطأ عينه الذي ارتكبه سلفه جوناثان بولاك مع بوكو حرام.
عموماً، لا بد من الثناء على حكومة بخاري لقتالها الشرس للجماعة، وهي بحاجة للتشجيع لتوسيع أدوات القتال تلك على نحو يتخطى تحقيق نصر عسكري متسرع، ويضع على نار حامية عملية بناء الدولة النيجيرية، التي من شأن إعادة تنشيطها أن تستقطب المهمشين، وتضمن عدم انتشار بوكو حرام في أنحاء نيجيريا والقضاء عليها إذا ظهرت.