اكتشف محمد الغبان لدى توليه وزارة الداخلية في العراق عام 2014، أنه يرأس جهازاً أمنياً يضم 230 عميدا، و660 ألف شرطي.

ويساهم هذا العدد الكبير من عناصر قوات الأمن العراقي، الذين يحتلون مناصبهم بحكم نظام الرعاية السياسية، في تفسير سبب العجز عن وقف إرهابيي «داعش» عن قتل الناس تفجيراً في شوارع العراق وأسواقه.

وقال الغبان في حديث له، أخيراً، مع صحيفة «إندبندنت» البريطانية: لقد قلصت عدد العمداء إلى 110، ولا أعمل على تجنيد أي عناصر جديدة في الشرطة أو استبدال المتقاعدين.

وأقر الغبان كذلك بأن الشعب العراقي لا يثق بالشرطة لأنها أخفقت في التصدي للانتحاريين، وللفساد على مستوى القيادة، وهو أمر مستشر في النظام. وقدم مثالاً على ذلك قضية كاشفات القنابل المزورة الألف والخمسمئة الشهيرة، التي اشترتها وزارة الداخلية في صفقة بقيمة 52 مليون جنيه استرليني عامي 2008 و 2009، على الرغم من وجود تزوير في براءة الاختراع، وتضمنها مواد معدنية فقط يفترض أنها كاشفة متفجرات، موصولة بعلبة بلاستيكية فارغة.

ويؤكد الغبان أن المتورطين مسؤولون كثر في بغداد ممن تلقوا الرشاوى لتمرير الصفقة، وهم يملكون كل أسباب منع التحقيق في الفضيحة اليوم. كما يشبه البيروقراطية العراقية بحوت جانح على الشاطئ، حيث توظف سبعة ملايين شخص، تصل رواتبهم إلى أربعة مليارات دولار شهرياً.

ويبدي العديد اليوم، في ظل تراجع عائدات مبيعات النفط إلى النصف بسبب تدني الأسعار، تخوفاً حيال ما قد يحصل حين تأخذ مصادر الأموال بالنضوب في أبريل المقبل.

ويقوم العراق على نظام سياسة المحسوبيات أو سياسة الرعاية الشاملة، التي يحصل بموجبها الناس العاديون على حصة من عائدات النفط بالحصول على وظيفة مدفوعة، علماً بأنهم لا يعملون إلا قليلاً، أو لا يعملون نهائياً، كما أن نسبة هائلة من أصحاب تلك الوظائف غير موجودين أصلاً. وتقوم وزارة الداخلية بتوظيف الجميع من عناصر شرطة تنظيم السير إلى القوات شبه العسكرية المسؤولة عن تنفيذ العمليات، وغالبيتهم من غير المتدربين، إلا أن عددهم الكبير يستنزف كل أموال الوزارة تقريباً التي تذهب إلى دفع رواتب هؤلاء.

وفي حين خضعت عناصر الشرطة لتدريبات مجانية في الخارج على يد قوات شرطة أجنبية، كما حصل في إيطاليا مثلاً، إلا أن قلة من هؤلاء يعينون في مناصب تستفيد من خبراتهم لدى عودتهم إلى الوطن.

وأشار مسؤول حكومي رفيع إلى وجود ما يقارب مليون عنصر في الجيش والشرطة، علماً بأن الجهازين سيكونان أكثر فعالية بمئتي ألف عنصر فقط.

وأضاف: يشكل الفساد المستشري دعماً لتنظيم (داعش). وأشار إلى أن الانتحاريين عادةً ما يعبرون نقاط التفتيش التي ينبغي أن تؤمن الحماية لبغداد، لأنهم يقدمون الرشاوى للشرطة والجنود والقوى شبه العسكرية المسؤولة. وأكد أن المشكلة الأكبر في نظام المحسوبيات تتلخص في توزيع الوظائف على نحو غير منصف، يعطي الأفضلية لذوي العلاقات السياسية أو الطائفية الوثيقة.

صفقة

على الرغم من الحكم على رجال الأعمال البريطانيين الذين باعوا الأجهزة عديمة الجدوى للعراق بسنوات في السجن، إلا أن أجهزة الكشف «إيه دي إي-651» لا تزال تستخدم بشكل مكثف في العراق.

ويساهم الاعتماد على تلك الأجهزة في تسهيل مرور المتفجرات عبر نقاط التفتيش وقتل أعداد من المدنيين.