أبرز أحمد الدباشي، قائد إحدى المليشيات في بلدة صبراطة الليبية المحاذية لشاطئ البحر، والتي تقع بالقرب من الحدود التونسية، راية تعود لتنظيم «داعش»، تمت مصادرتها خلال غارات شنت في أواخر فبراير الماضي على بيوت تابعة للتنظيم. وأراني ترسانة أسلحة غنمها رجاله أيضاً، وهي متفجرات وصواعق وصناديق من الذخيرة والرشاشات وبطاقات هوية للمقاتلين الأجانب.

وقبل أيام من ذلك، قصفت طائرات حربية أميركية، موقع تدريب للتنظيم بالقرب من منزل مجاور. ومن ثم، قال لي الدباشي «لقد قررنا تطهير مدينتنا»، وفي الهجمات التي أعقبت ذلك رد مقاتلو التنظيم على تلك الغارات، واعتدوا على مركز للشرطة، وقطعوا رقاب العديد من الضباط. ولقي العشرات من الشبان حتفهم في معارك محتدمة.

تجذر الإرهاب

وفي أماكن أخرى على امتداد ليبيا، تحاول الفصائل الحفاظ على الخط في مواجهة تنظيم «داعش»، وغالباً بمزيد من العناد. وتعتبر المجموعة الإرهابية أكثر تجذراً في مدينة سرت المركزية. وأخبرني اللاجئون منها، أن عناصر تنظيم «داعش» يبتزون الشركات، ويوقفون حركة المرور لتنفيذ الإعدامات.

وفي أواخر مارس الماضي، تأسس مجلس رئاسي جديد، بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة، وأثار ذلك ضجة كبيرة في العاصمة طرابلس. واشنطن وحلفاؤها عقدوا الأمل على أن تتيح هذه الاتفاقية، الأساس لحملة عسكرية ضد تنظيم «داعش».

ولكن عقب الاندفاع الأول من الحماس، يبدو أن المجلس يبذل جهداً كبيراً كي يمارس سلطته. المعركة ضد تنظيم «داعش»، تواجه تحديات كبيرة. فأولاً، ليست هناك بنية عسكرية موحدة، يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، توجيه المساعدات من خلالها.

ولا تزال فصائل شرقية متحالفة مع الفريق خليفة حفتر، معادية لاتفاقية الوحدة، وحاولت بيع النفط بشكل مستقل عن طرابلس. ولا تزال مليشيات أخرى، حتى وإن كانت تدعم الحكومة الجديدة اسمياً، مرتبطة بمدن وقبائل وأصحاب نفوذ.

وهكذا، يجب على القوات الغربية الخاصة، العمل مع المليشيات في أي عملية ضد تنظيم «داعش». إلا أن ذلك أمر خطير. فمساعدة هذه المجموعات المسلحة، يمكن أن تحيي المنافسات القديمة، وأن تقلل من حوافز المصالحة الوطنية.

التنافس المحلي

وتوصلت المليشيات إلى أن الاشتراك في الحملة الموجهة ضد تنظيم «داعش»، يعد أفضل الطرق للحصول على الشرعية والاهتمام. أما ما إذا كانت ستستخدم الدعم الخارجي وحده ضد تنظيم «داعش»، فإن هذه قصة أخرى.

ولا يزال كثيرون، يعتبرون منافسيهم المحليين مصدر قلقهم الأول. وفي بعض الحالات، يعتبرهم الغرب شركاء غير مريحين، يتألفون من تجار ومتشددين وعنصريين قبليين، وضباط من الجيش ذوي ميول استبدادية.

هذا أمر واضح في صبراتة، حيث كان لعائلة الدباشي، الممتدة، علاقات طويلة مع المهربين والمتشددين. وفي العاصمة طرابلس، أتاح لي زعيم مليشيا متشدد، التجول في مركز لإعادة التأهيل تابع لسجنه، حيث يسجن المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش»، مع مدمني المخدرات، لفترات محددة دون محاكمة.

وفي الرحلة إلى بنغازي في الخريف الماضي، رأيت كيف قامت المليشيا المجاورة بأعمال قتال لأسباب شخصية وقبلية، وجميعها تحت غطاء قتال تنظيم «داعش».

معظم الليبيين الذين التقيتهم ضاقوا ذرعاً بالانقسامات التي تعاني منها بلادهم، ويرحبون بالمساعدة الغربية. ولكن يجب على واشنطن وشركائها المضي قدماً بحذر، لضمان أن المعركة ضد تنظيم «داعش»، لا تزيد من تصدع البلاد.