بدأت في العاصمة التونسية محاكمة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، في غياب المتهم الذي اعلن في رسالة انه «لم يترك منصبه» كرئيس للجمهورية ولم يغادر تونس هربا بل نتيجة «خدعة»، بينما النية تتجه بالمحاكمة إلى تأجيل البت في قضيتين مرفوعتين ضد بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي من أصل 93 قضية مدنية وعسكرية، حيث طلب الدفاع عنه تأجيل النظر في القضية، واعتبر محام آخر أن المحاكمة تصفية سياسية، وسط تباين حاد في الآراء حول جدوى هذه المحاكمة.
قال بن علي في بيان بعنوان «تصريح من الرئيس بن علي» امس انه «لم يترك منصبه» كرئيس للجمهورية ولم يغادر تونس هربا بل نتيجة «خدعة». واضاف البيان الذي اصدره محاميه اللبناني ان بن علي «لا يعني» بذلك انه «ما زال يعتبر نفسه رئيسا لتونس» لكنه يريد ان يوضح انه «لم يترك منصبه كرئيس للجمهورية ولم يهرب من تونس كما اتهم بذلك زورا».
وقال بن علي في البيان انه بعد تبلغه بوجود خطة لاغتياله «صعد الرئيس الى الطائرة مع افراد عائلته بعد ان امر قائد الطائرة بانتظاره في مطار جدة ليعود معه الى تونس».
اتجاه للتأجيل
في الأثناء، تتجه الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة إلى تأجيل البت في قضيتين مرفوعتين ضد الرئيس المخلوع وزوجته ليلى الطرابلسي من أصل 93 قضية مدنية وعسكرية، وسط تباين حاد في الآراء حول جدوى هذه المحاكمة.
وبدا الاتجاه نحو التأجيل واضحا خلال الجلسة الأولى لهذه المحاكمة التي استغرقت أكثر من أربع ساعات من المداولات، استعرض خلالها رئيس المحكمة القاضي تهامي حافي التهم الموجهة لبن علي وزوجته، كما تم خلالها الاستماع إلى المحامين الذين فوضتهم الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين للدفاع عن بن علي وزوجته.
وطلب المحامون تأجيل هذه المحاكمة حتى يتسنى لهم الاطلاع على ملفات القضايا المطروحة، ومعاينة الأدلة التي تدين موكلهم، إلى جانب فسح المجال أمام السلطات المعنية لاستدعاء المتهم أي الرئيس المخلوع بالطرق القانونية، للمثول أمام المحكمة.
ورفض أحد المحامين المكلفين بالدفاع على الرئيس المخلوع وصف رئيس المحكمة لموكله بأنه هارب، وقال إن موكلي «ليس في حالة فرار، وكان يتعين توجيه استدعاء له بالطرق القانونية».
من جهته، ندد المحامي الفرنسي لزين العابدين بن علي بالمحاكمة، معتبرا في تصريح انه لا يرى في المحاكمة سوى «عملية تصفية سياسية» و«مهزلة قضائية». وأضاف أن «هذه المحاكمة هي فخ بكل معنى الكلمة ومن غير الوارد التصديق على اجراء لا يزيد عن كونه عملية تصفية سياسية. نحن لا نعتبر هذه المحاكمة الا عملية سياسية».
تأجيل الدفاع
وفي السياق اكد المحامي انه يعمل بالتعاون مع المحامي اللبناني اكرم عازوري للدفاع عن بن علي، لكنه ليس لديه «اي اتصال» بمحامين سخرا للدفاع عن بن علي في تونس.
وفي تونس طلبت هيئة الدفاع المسخرة للدفاع عن الرئيس المخلوع، تأجيل النظر في القضية. وطلب احد محامي بن علي اللذين اختيرا للدفاع عنه تأجيل نظر القضية لحين الالتقاء مع موكله واعداد الدفاع.
أجواء المحاكمة
وسادت بعض الفوضى قبيل وصول القضاة الى قاعة المحاكمة التي غصت بالحضور في الغرفة الجنائية للمحكمة الابتدائية بتونس. وحضر اكثر من 200 شخص المحاكمة. واحتل نحو 50 محاميا الصفين الاولين من الحضور. وتجمع نحو 50 شخصا امام قصر العدالة بالعاصمة التونسية كان بعضهم مؤيدا للمحاكمة والبعض الاخر عبر عن الاسف لان بن علي اللاجئ في السعودية منذ 14 يناير، ليس حاضرا في قفص الاتهام.
تباين اراء
وتباينت الآراء حول هذه المحاكمة التي وصفتها الصحف التونسية بـ«التاريخية»، حيث اعتبر مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن المحاكمة في حد ذاتها أمر جيد لتحقيق العدالة.
غير أن المحامي عثمان العبيدي لم يتردد في وصف هذه المحاكمة بانها «مسرحية هزلية» من إخراج الحكومة التونسية المؤقتة للتغطية على الجرائم الكبرى التي ارتكبها بن علي وزوجته، على قوله.
يشار إلى أن القضايا التي شرعت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة امس في النظر فيها، تتعلق بقضيتي قصري سيدي الظريف وقرطاج الرئاسيين، من أصل 93 قضية مرفوعة ضد الرئيس بن علي وزوجته أمام المحاكم المدنية والعسكرية التونسية.
وتتعلق القضية الأولى بحيازة مبالغ هامة من النقد الأجنبي والمجوهرات الثمينة، بينما تتعلق القضية الثانية بامتلاك أسلحة وذخيرة حربية، وحيازة واستهلاك وترويج المخدرات.