في أواخر شهر يوليو الماضي عقدت لجنة الإعداد لاحتفالات الذكرى الحادية والاربعين لاحتفالات ثورة الفاتح من سبتمبر اجتماعها الاول في طرابلس بحضور عدد من المسؤولين، وفي الاسبوع الماضي سلم رئيس اللجنة المهندس معتوق محمد معتوق وزير الاشغال العامة نفسه للثوار الزاحفين على العاصمة معلنا انضمامه لهم، غير أن طرابلس اليوم الفاتح من سبتمبر والذي صادف عيد الفطر في هذا البلد خلا من اللافتات والمعلقات والرايات والصور العملاقة للقذافي الذي جعل من هذا اليوم عيدا وطنيا لبلاده منذ ان استولى على مقاليد الحكم في الأول من سبتمبر من عام 1969.
و كانت ليبيا تحتفل بأعياد « الفاتح العظيم » على امتداد شهر سبتمبر، وجعل القذافي من مفردة الفاتح اسما للشهر التاسع في التقويم الميلادي في اطار ما كان يسميه الاشهر الليبية،كما تم تشكيل روابط وجمعيات محلية وعالمية لمواليد اول سبتمبر وصل عدد المنخرطين فيها الى اكثر من 10 آلاف ،وارتبط «الفاتح» في ليبيا بالعلم الأخضر الذي يرمز إلى الفتوحات الإسلامية ، وبنشيد «الله اكبر» الذي غنته المجموعة الصوتية للإذاعة المصرية إبان العدوان الثلاثي على مصر العام 1956.
وهو من تأليف عبد الله شمس الدين و الحان الموسيقار محمود الشريف وقام الثوار بتعويض نشيد « الله اكبر » بالسلام الوطني للمملكة الليبية والذي يحمل عنوان « يا بلادي » من تأليف الشاعر التونسي البشير العريبي والحان الموسيقار محمد عبد الوهاب ، ويعود تاريخ اعتماد النشيد الى العام 1955 عندما تم الاختيار عليه ضمن مسابقة رسمية ، ولجأ الثوار إلى إحداث تغيير في الكلمات الاصلية حيث عوضوا اسم الملك ادريس السنوسي باسم شيخ الشهداء عمر المختار في المقطع القائل :حيوا ادريس امير الفاتحين انه في ليبيا رمز الجهاد حمل الراية فينا باليمين وتبعناه لتحرير البلاد
واما علم الاستقلال الذي الغاه القذافي بعد ثورة اول سبتمبر 1969 وعوضه بعلم الجمهورية العربية المتحدة قبل ان يعتمد رسميا العلم الاخضر في العام 1978 ، فيعود تاريخه الى العام 1955 وتعددت تفسيرات ألوانه الثلاثة الاحمر والاسود والاخضر حيث يعتقد غالبية الليبيين انه يرمز الى اقاليم البلاد برقة وفزان وطرابلس التي لم تتحد رسميا الا في العام 1955 ، في حين كان علم مملكة برقة السنوسية قبل توحيد البلاد اسود اللون.
مشهد مغاير
بالمقابل يحاول أنصار القذافي الاحتفال بذكرى ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 وخاصة في المناطق التي لم تخضع بعد لسيطرة الثوار مثل سرت وبني وليد وسبها واوباري وغات وغدامس وغيرها،ويحتفظ انصار القذافي في المدن الاخرى بالأعلام الخضراء في بيوتهم ويدافعون عن موقفهم بقولهم ان اغلب المدن الليبية تم غزوها من قبل الثوار المدعومين بطيران حلف الناتو، وان الثوار هم من يريدون فرض علم الاستقلال عليهم في محاولة لإعادة ارث المملكة السنوسية الى الوجود ويخشى المجلس الوطني الانتقالي من ان يجد انصار القذافي في ذكرى ثورة الفاتح مناسبة للقيام بهجومات عسكرية منظمة في اكثر من مكان خصوصا مع غياب اية بوادر لتحقيق المصالحة الوطنية في بلاد مازال فيها الجانب الأكبر من القوات الحكومية محافظا على ولائه للنظام الذي أعلن الثوار عن اسقاطه نهائيا.
وفي مشاهد تضامنية تؤكد تلاحم الشعب الليبي سارع الليبيون إلى احتضان بعضهما البعض عقب صلاة عيد الفطر أمس وذلك في جميع مدن البلاد حيث لم يمنع الوضع الأمني المتردي من زيارات بين الأقارب والأصدقاء أو حتى زيارة القبور للترحم على شهداء ثورة 17فبراير أم أمواتهم.