تحليل إخباري

تركيا تخشى الفوضى في سوريا بعد رحيل الأسد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترغب تركيا، المدعومة بقوة من حلفاء عرب وغربيين، في ان يتنحى الرئيس السوري بشار الاسد، ولكن ليس بعد، لأنها قلقة من اندلاع الفوضى بعد سقوط النظام الحاكم.

وأضحت تركيا تحت قيادة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وحزبه الحاكم الاسلامي السابق، مركزا رئيسا لتنظيم المعارضة السورية المتمثلة في المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر المكون بصفة اساسية من المنشقين السنة عن الجيش.

ولكن في المنطقة والعواصم الغربية ثمة مخاوف من ان معارضي الاسد غير مستعدين لتولي السلطة، وان سوريا بأطيافها العرقية والطائفية قد تتفكك لتهوي البلاد، التي يقطنها 22 مليون نسمة، في حالة من الفوضى ما لم يتم التوصل لسبيل يضمن عملية انتقال سلس للسلطة.

وقال دبلوماسي غربي بارز في انقرة: «على رأس الاولويات توحيد المعارضة داخل وخارج سوريا لتصبح خيارا اكثر مصداقية، وضم جميع الاطياف والتنسيق بشكل سليم. تعمل تركيا من اجل تحقيق ذلك. ما يقلقهم انه اذا رحل الاسد اليوم سيكون هناك المزيد من الفوضى والمزيد من الدمار ولا يعرفون من سيظهرون ويريدون ان تكون المعارضة مستعدة».

 

صراع مميت

وقال مراقبو الشؤون السورية ان مبعث القلق الرئيس الآن ان ما بدأ كانتفاضة شعبية قبل تسعة اشهر تحول لاقتتال، وقد يتطور الى صراع طائفي مميت، لاسيما ان الطبقة الحاكمة وغالبيتها من العلويين يؤججون مخاوف لدى الاقليات في سوريا من ان الاغلبية السنية في البلاد سوف تسحقهم.

ويمكن ان ينتقل هذا المزيج المتفجر الى جيران سوريا، لاسيما لبنان والعراق، حيث سبق ان اذكت دمشق الانقسامات الطائفية واستغلتها، وفي تركيا ذاتها، وترتاب انقرة من ان سوريا استأنفت بالفعل مساندة المتمردين الاكراد في الجنوب الشرقي.

 

الهاجس الكردي

وفيما حذرت انقرة دمشق علنا من تشجيع حزب العمال الكردستاني على تكثيف هجماته، فقد عرضت نفسها لخطر أكبر بانضمامها الى اوروبا والولايات المتحدة والجامعة العربية في فرض عقوبات على حكومة الاسد، الا ان معظم المحللين يعتقدون انها تتردد كثيرا تجاه اي عمل عسكري.

ويقول مؤلف كتاب «اسلام دون متطرفين قضية مسلم من أجل الحرية» مصطفى اكيول «لا اتوقع اي عمل عسكري من جانب الحكومة التركية ما لم يكن هناك توافق وقرار من مجلس الامن او عملية يشنها حلف شمال الاطلسي. ستكون أكثر قلقا ازاء الوضع الكردي في سوريا لان حزب العمال الكردستاني يضم بين صفوفه عددا كبيرا من اكراد سوريا. وتعتقد الحكومة ان الاسد يدعم الآن حزب العمال الكردستاني ضد تركيا».

 

دعم متعدد

فيما يقول رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية (الليبرالي) سنان اولجن ان انقرة تخشى تكرار الاحداث التي شهدتها قبل عقدين من الزمن، حين توافد لاجئون اكراد من العراق عبر الحدود التركية بسبب حرب الخليج، وربما تتحرك الآن لاقامة ملاذ آمن أو ممر انساني داخل سوريا.

ويضيف: «لا تريد تركيا بكل التأكيد تكرار ما حدث في عام 1991، حين عبر 550 ألف كردي الحدود في غضون ايام واخذنا على حين غرة. لن تفعل تركيا ذلك، اقامة ملاذ آمن من طرف واحد، فهي لاتزال تحتاج شركاء ودعما من حلف شمال الاطلسي، ولكن مع بقاء الحال على ما هو عليه فما من سبب يدفع حلف شمال الاطلسي لتجنب ذلك».

 

دوافع إنسانية

وعلى النقيض، يعتقد دبلوماسي غربي ان تركيا ستتردد في اقامة ملاذ آمن لاغراض انسانية، لان هذا يعني وجود قوات تركية داخل سوريا.

ويقول: «سيفتحون منشآتهم ويقدمون مساعدات انسانية، ولكن لا اعتقد انهم سيتدخلون ولا يريدون ان يتدخل اي طرف آخر. لا اعتقد ان القوات التركية تريد العبور الى داخل سوريا».

 

Email