عززت روسيا الدفاعات المضادة للطائرات في سوريا من خلال الدفع بطراد حربي قبالة السواحل السورية، ونشر صواريخ جديدة في قاعدتها العسكرية هناك، بينما وقّع الرئيس فلادمير بوتين مرسوماً يتضمّن إجراءات عقابية بحق تركيا. بالتزامن أكد مسؤولان أميركيان أن روسيا لم تعط أميركا خطة طيران طائرتها التي أسقطتها تركيا، فيما أخذ الرئيس التركي في التودد إلى موسكو سعياً لإرضائها تزامناً مع نصح أنقرة للأتراك بتجنب السفر إلى روسيا.

وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف نصب منظومة دفاع جوي لتأمين سلامة الطيارين الروس في سوريا لمنع تكرار حادث إسقاط الطائرة الروسية أخيراً.

وسيوفر النظام الدفاعي بعيد المدى الموجود على الطراد الحربي «موسكافا»، إضافة إلى نظام صواريخ «إس 400»، الذي وصل إلى سوريا، الثلاثاء الماضي، غطاءً جوياً للطائرات الروسية.

وقال بيسكوف في تصريح متلفز أمس، إن الأضرار التي لحقت بالعلاقات الروسية التركية جراء إسقاط طائرة حربية روسية من الصعب إصلاحها، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يولي الحادث الأولوية القصوى. وأضاف أن بيان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن اعتراض الطائرات التركية للطائرة الروسية فوق سوريا بأنها عدوان، منافٍ للعقل. وتابع إن من الصعب التكهن بتصرفات أردوغان.

وأكد الناطق الروسي مجدداً أن الطائرة الروسية لم تخترق الأجواء التركية، ووصف الخرائط التركية التي تحدد مسارها بأنها «رسوم متحركة».

وذكر أنه تم إيقاف الخط الساخن بين الجيشين الروسي والتركي، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي اتفاق بشأن تنسيق الطلعات الجوية.

نفي

في الأثناء، قال مسؤولان أميركيان إن روسيا لم تبلغ الجيش الأميركي بخطة طيران طائرتها قبل أن تُسقطها تركيا على الرغم من تأكيدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عكس ذلك.

وأشار بوتين إلى قدر ما من اللوم على الولايات المتحدة في أعقاب الحادث بل لمّح إلى أن الولايات المتحدة ربما تقوم بإعطاء خطط العمليات الروسية بشكل مفصل لتركيا قبل موعدها.

ولكن المسؤولين الأميركيين اللذين تحدثا شريطة عدم نشر اسميهما قالا إن الروس لم ينقلوا مثل هذا النوع من التفصيلات الدقيقة للعمليات التي أشار إليها بوتين في تصريحاته العلنية.

عقوبات روسية

في الأثناء، تبنّت روسيا مجموعة عقوبات اقتصادية ضد تركيا. ووقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس مرسوماً تضمن الإجراءات العقابية ونشر نصه الكرملين. وجاء في المرسوم أنّ الإجراءات التي أعدتها الحكومة تشمل حظر الرحلات التشارتر بين روسيا وتركيا ومنع ارباب العمل الروس من توظيف أتراك وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين. وأضاف المرسوم أنّه اعتبارا من اول يناير 2016 لن يكون في استطاعة أرباب العمل الروس توظيف أفراد من بين مواطني تركيا. ويمنع أيضا المنظمات الخاضعة للقوانين التركية من العمل على الأراضي الروسية.

تودد

من جانبه، قال أردوغان، إنه لا تواجد لتنظيم «داعش» في منطقة باير بوجاق التركمانية وأن استهدافها هو ضمن مخطط للنظام السوري لإخلائها من سكانها بنية سيئة. وأضاف خلال كلمة ألقاها في افتتاح مشاريع في محافظة بالكسير وسط غرب تركيا، إن «تركيا لن تقبل بأي اختراق لأجوائها»، لافتاً إلى أن تركيا تعتبر مهمة جداً بالنسبة لروسيا.

خبير أميركي: «إس 400» تهديد للتحالف

رأى النائب السابق لرئيس الأركان المشتركة بالجيش الأميركي سيدريك لايتون، أن خطوة روسيا الأخيرة بإرسال منظومة «إس 400» الصاروخية إلى روسيا تشكل تهديداً كبيراً.

وقال لايتون في مقابلة مع «سي إن إن»، إن «من الراجح جداً أن تُسقط هذه المنظومة أي طائرة، والمخاطرة الآن لا تقتصر فقط على احتمال إسقاط طائرة تركية وحسب، بل يمكن أن تسقط طائرة تابعة للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش».

وأضاف أن «الوضع خطر للغاية الآن بوجود هذه المنظومة، حيث سيتوجب على المقاتلات الأميركية وطائرات التحالف تفعيل آلياتها الدفاعية مثل منظومات التشويش الإلكتروني، الأمر الذي سيصعب تأدية المهام، والمنطقة بأكملها أصبحت أكثر خطورة بسبب فعلة تركيا».

وحول آثار ردة الفعل الروسية على الصعيد الاقتصادي ضد تركيا، قال لايتون، إن «السياح الروس طلب منهم تجنب الذهاب إلى تركيا، وهذا مصدر كبير للعملات في سوق الصرافة والاحتياطات من العملات الأجنبية».

وأردف قائلاً، إن «تركيا تستورد 60 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا إلى جانب انخراطهم مع الروس في العديد من مشاريع تأسيس خطوط للأنابيب وبعدها مهم للغاية بالنسبة لأنقرة. ولا بد من ذكر الاستثمارات والمشاريع التركية في روسيا، التي ستجمد حالياً وعليه فإن تركيا بصدد خسارة مصدر رئيس من الدخل».